استراتيجية إيران في سوريا تتحقق بنهب أملاك السوريين.. قضم تدريجي في حلب

قيل لا ثورة تُنجز ولا نظام يقوم في سوريا دون حلب، ولعل في هذا القول وجاهة تفسر مركزية حلب في الحالة السورية، وركيزة ثالث حلقات هذه السلسلة وآخرها، بشأن تمدد الوجود الإيراني إليها من المثلث الحيوي شرقاً وجنوباً، والذي فصَلنا في آليات تثبيت إيران فيه وجودها المادي في تحقيقين سابقين، الأول يتعلق بدمشق وريفها، والثاني عن التوغل شرقا، مشروع يسمح بشطر سوريا إلى ضفتين، شمالية مركزها حلب، وجنوبية مركزها دمشق، بينهما طريق إيران البري الأثير، الذي يربط طهران بالبحر المتوسط، مروراً بالعراق وسوريا.وفق فوكس حلب 

من خلال مصادر فوكس حلب، ومتابعة جملة تحقيقات وتقارير، ومقاطعتها، يمكن تلخيص استراتيجية إيران في حلب بأنها تقوم على خلق بؤر استيطانية داخل المدينة والتوسع انطلاقاً منها وخصوصاً في أحياء حلب الشرقية، وكذلك التغلغل في أكثر ما يميز حلب، أي صناعتها، وذلك من خلال عمليات استحواذ ممنهجة تتكفل بها طبقة من رجال الأعمال الجدد، ومضايقات طبقة رجال الأعمال السابقة، بما فيها تلك التي أنشأها النظام نفسه في العقدين الماضيين، أيضاً استنساخ نموذج دمشق، أي تطويق المدينة من جهة الجنوب، لتشكل خزاناً يغذي استراتيجية إيران ككل في حلب، ويوفر النظام كل المقومات التي تجعل من حلب طيّعة، تشهد عملية سلب ممنهجة واسعة، مادية ومعنوية على السواء.

وبناء على ما سبق، لم يكن مستغرباً ما نشره نهاية الشهر الماضي موقع “بريكنغ ديفينس” المتخصص بالشؤون العسكرية، عن مسار ومواقع التوسع الإيراني الجديد في سوريا بإطار ملء الفراغ الروسي، وكان لحلب حصة الأسد من هذا التوسع، الذي يشرف عليه الحرس الثوري الإيراني، ليشمل إلى جانب بناء قواعد ومستودعات جديدة جرى تفصيل مواقعها، استحداث معسكرات لتدريب أفراد من حزب الله اللبناني، والأهم من كل ذلك إنشاء ميليشيا جديدة هي أقرب إلى نموذج قوات النخبة.

ما كشف عنه الموقع المذكور يتجاوز التوسع العسكري، بل عملياً، فإن الوجود العسكري يأتي هنا في خدمة الوجود في قطاعات أخرى، عقارية وصناعية ودينية، يغذيها ويقويها ويسرع من وتيرتها.

نظرة عامة

لخصنا سابقاً الاستراتيجية الإيرانية في حلب وفق ثلاث ركائز، ونتوسع قليلاً قبل الذهاب إلى التفاصيل، من خلال تسليط الضوء بداية على منهجية التدرج المتبعة في حلب، والتوغل الهادئ ما بين عامي ٢٠١٢ و٢٠١٦، لتتسارع وتيرة الوجود الإيراني وتتنوع أدواته، وصولاً إلى اللحظة الراهنة، وهي مرحلة حصد المكاسب إن صح التعبير.

بدأت إيران في المرحلة الأولى بإنشاء قواعد عسكرية وبناء ميليشيات محلية في مدينة حلب وريفها، وتحديداً ريف حلب الجنوبي، وفق الآلية ذاتها المتبعة شرقي سوريا كما أوضحنا في تحقيق سابق، معتمدة أيضاً، بشكل رئيسي، على بعض العشائر في حلب، ثم انتقلت وخصوصاً بعد عام ٢٠١٦  إلى تقديم الهدايا لمقاتليها ومؤيديها متمثلة بعقارات المعارضين، وكذلك شراء الأراضي والعقارات بشكل مشبوه تحت سطوة استغلال ظروف أصحابها والضغط عليهم بالتهديد والترهيب، وتوسعت عمليات الشراء بالتوازي مع القبض على مفاصل المدينة الاقتصادية وخصوصاً في منطقتين صناعيتين هما الأكثر شهرة، الراموسة والشيخ نجار، وفق أدوات ضغط عدة، لتترجم كل ذلك في مستوى لاحق من خلال شركات كبرى بواجهات سورية تتكفل بالشأنين العقاري والصناعي، بالدرجة الأولى.

فوكس حلب، رصد تلك الشركات وآليات عملها والتي تمهد إلى تحويل سوريا، تقع حلب في المركز، إلى حديقة خلفية للاقتصاد الإيراني، واستراتيجيات التهرب من العقوبات، ومعه مصالح حزب الله اللبناني، ومن هنا لم يكن مستغرباً افتتاح قنصلية إيرانية ضخمة في حلب نهاية العام الماضي.

يعدّ الوجود الشيعي أحد أكثر أوراق إيران الرابحة في استراتيجيتها، فعلى سبيل المثال كان الوجود الشيعي في حلب قبل ٢٠١١ يقتصر على بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي، وبضعة مئات موزعين في مدينة حلب، ونسبتهم لم تكن تزيد عن واحد في المئة من سكان حلب البالغ نحو أربعة ملايين ونصف مليون شخص بحسب إحصاء ٢٠٠٤.

تلك النسبة تضاعفت على الأقل أكثر من ثلاث مرات خلال العقد الماضي، وربما النسبة أكبر من ذلك بكثير في ظل تعذر الحصول على إحصاءات دقيقة، وذلك في عملية إحلال زادت مع سقوط حلب بيد النظام وحلفائه، ولاحقاً مع تهجير أهالي بلدتي كفريا والفوعة.

وفق مصادرنا، ويمكن لأي متابع أن يلحظ تبدل في هوية حلب، من خلال الطقوس الدينية والصور المنشورة، وذياع صيت رجالات إيران منهم الحاج محسن، قائد فيلق المدافعين عن حلب، وخلفه الحاج صابر رامين وغيرهما ممن يعزز حالة التغلغل الممنهجة عسكرياً ومدنياً، مستفيدين بطبيعة الحال من سطوتهم على مؤسسات النظام وأفرعه الأمنية.

أبرز التشكيلات الإيرانية في حلب تلك التي ظهرت مع بدايات الثورة السورية مثل ميليشيا لواء عمار بن ياسر، لواء أبو الفضل العباس الذي نقل قسم منه إلى مدينة حلب، حركة النجباء، عصائب أهل الحق العراقية، لواء زينبيون الباكستاني ولواء فاطميون الأفغاني، إضافة لحزب الله اللبناني.

ومع تهجير سكان المدينة برز دور فيلق المدافعين عن حلب، والذي أسس من ميليشيات محلية من بلدتي نبل والزهراء وحزب الله السوري ولواء الباقر، معظم عناصره من عشيرة البكارة، بينما تركز وجود الميليشيات غير المحلية في ريف حلب الجنوبي والأحياء الشرقية من المدينة.

إحلال واحتلال 

شكل سقوط حلب نهاية عام ٢٠١٦ نقطة مفصلية على كل الصعد في سوريا خلال العقد الأخير، من ذلك أن تهجير سكان الأحياء الشرقية أدى إلى خلو واحدة من أكبر التجمعات السكنية وهو ما شكل فرصة ذهبية لتوزيع بيوت المهجرين على أفراد الميليشيات الإيرانية، الأجانب منهم أو السوريون على السواء. وتركز إحلال المقاتلين التابعين لإيران مع عائلاتهم في أحياء باب الحديد، وحلب القديمة، والمرجة، وسيف الدولة. وكذلك لاحقاً توطين عائلات المهجرين القادمين من كفريا والفوعة، والذين تركزوا في مساكن هنانو والمرجة والصاخور وحي البلورة.

يقول علي علوش، مهجر من حي المرجة وعضو مجلسها المحلي سابقاً، إن أحياء المرجة، باب النيرب، الصالحين، الحرابلة، البلورة، غدت أحياء للميليشيات الإيرانية أو التابعة لها.

ويروي أبو حميد سنجار من سكان المرجة أن منزله إضافة لثمانية منازل تعود ملكيتها لأخوته في الحي سلبت منهم عن طريق قائد لواء الباقر، خالد العلوش، والذي قدمها لمقاتلين في صفوف اللواء الذي يقوده وإلى عائلات من قرية كفريا والفوعة ممن استقدموا إلى الحي. ليست المنازل فقط، يضيف سنجار، لكن اللواء نفسه سلبه ١٢ هكتاراً في قريته بريف حلب الجنوبي.

مع مرور الوقت، باتت الحاجة ملحة إلى التوسع أكثر، وهو ما أدى إلى زيادة كثافة ونشاط السماسرة والمكاتب العقارية، وكانت البداية في انتهاز فرصة وضع اليد على البيوت المهدمة جزئياً، وأعلنت لأجل هذه الغاية حملة تحت شعار، نبني من جديد، تهدف عملياً إلى شراء البيوت المهدمة بأسعار زهيدة، تكفلت في إتمام عمليات البيع صعوبة الحصول على الموافقات الأمنية من أجل الترميم.

فادي أبو فواز، من أبناء حي الحيدرية، يملك بيتا في الحيدرية مساحته أزيد من ٢٠٠ متر، لكن معظمه تهدم جراء القصف، إلا أن موقعه على شارع رئيسي جذب الاهتمام إليه، وعُرض عليه عام ٢٠١٧ نحو عشرين ألف دولار، لكنه رفض لأن المبلغ أقل بكثير من السعر الحقيقي عما كان عليه قبل عام ٢٠١١، واضطر إلى ترميم جزء منه بنحو ألف دولار.

يقول فادي لفوكس حلب، إن وسطاء من الحي عرضوا عليه شراء البيت، وتقدمت له ثلاثة عروض، أفضلها لا يشتري له غرفة واحدة في مناطق أخرى من مدينة حلب، حسب تعبيره، وفي العام الماضي، يقول فادي إنه اضطر إلى بيع منزله بنحو ١٥ ألف دولار بعد أن جاءه تهديد مبطن، بأن وجوده في تركيا قد يعرضه لخطر مصادرة منزله.

السعر الذي وصفه فادي بالزهيد، يعد أفضل من الأسعار التي تباع بها المنازل بذات الطريقة في أحياء أخرى، فعلى سبيل المثال في منطقة جبل بدرو الفاصلة بين حي الحيدرية ومساكن هنانو، والتي شهدت قصفاً بصاروخ سكود دمر عشرات المنازل، يباع البيت هناك في أفضل الأحوال ما بين ٥ آلاف و١٠ آلاف دولار، وفي كثير من الأحيان دون ثمن، بسبب ضياع سندات الملكية في تلك المنطقة.

من جانبه، محمد وهو لا يزال يقطن في حي الحيدرية، يستغرب في حديثه لفوكس حلب من الحركة النشطة لبيع المنازل المهدمة، جزئياً وكلياً، يقول إن السماسرة في الحي باتوا أكثر من سكان الحي نفسه، مضيفاً أنه وبشكل يومي يستوقفه سمسار أو أكثر يطلبون أرقام هواتف أصحاب البيوت، مؤكداً أن لكثير من السماسرة الذين يعرفهم ارتباطات مع الميليشيات في المنطقة، وفي مقدمتها الميليشيات الإيرانية.

 

يستدرك محمد قائلاً، إن الحركة أقل نشاطاً في مساكن هنانو وذلك لأنه حي منظم، يحوز أصحاب البيوت فيه على سندات ملكية مسجلة في السجل العقاري، رغم ذلك يقول إن كثيراً من المنازل جرى توزيعها على أفراد الميليشيات وأصدقائهم وموظفي النظام وخصوصاً من أفراد الشرطة.

يوضح محمد، أن مدينة مساكن هنانو وإن كانت حركة البيع محدودة حالياً إلا أن القسم المحيط بالمدينة، يشهد أيضا حركة بيع نشطة، كونها منطقة لبيوت “عربية”، وهي منطقة مخالفات، وتكثر فيها أيضاً البيوت المهدمة.

هنا من المناسب سوق ما أوردته صحيفة القدس العربي عن انتشار مكاتب عقارية يديرها أشخاص مقربون من ميليشيات إيرانية في حلب لشراء المنازل المعروضة للبيع في العشوائيات، واشترت “عدداً كبيراً من المنازل في حي الميسر وحي القاطرجي، معظمها غير مُسجل رسمياً لدى حكومة النظام، إذ إنها ضمن المناطق العشوائية المُهددة بالإزالة”.

ونقلت الصحيفة عن سكان محلين في حي الجزماتي “أن لاجئين في إيران من الشيعة الهزارة الأفغان، قد استقروا في الحي، كما أتى بعض اللاجئين من العائلات مع فصيل «فاطميون» أيضاً، وهو عبارةٌ عن فصيل لمقاتلين شيعة أفغان جندتهم قوات الحرس الثوري لمساعدة الأسد”.

تشكل مناطق المخالفات في حلب الشرقية مصدر الاهتمام الأول لمجاميع السماسرة الموزعين فيها، لتجري عمليات بيع نشطة تحت ظل وسطوة الميليشيات الإيرانية أو التابعة لها في عمليات إحلال تجري تحت لافتة بيع وشراء العقارات.

سيف الموافقة الأمنية

تروي أم يامن لفوكس حلب، أنها عام ٢٠١٨ جاءت من ريف حلب الشمالي لتتفقد بيتها في حي مساكن هنانو لكنها فوجئت بوجود عائلة أخرى تسكنه، وعند مراجعتها اللجنة الأمنية في الحي طلبوا منها حضور زوجها بوصفه صاحب العقار من أجل إخراج العائلة، في أسلوب غير مباشر للرفض إذ يتعذر ذلك كون زوجها مطلوب أمنياً. ما دفع العائلة لاحقاً إلى عرض البيت للبيع.

وعن طريق الشبكة ذاتها، تقول أم يامن إن العرض توقف عند ١٠ آلاف دولار، واشترط الشاري توكيل محام للفراغة، وإلا سيدفع ثمانية آلاف، وسيتكفل هو بفراغة المنزل بعد إبرام عقد بيع خارجي يعود لتاريخ قديم.

ليس أسلوب البيع في البيوت التي جرى احتلالها ممكن، أبو محمود في حديثه لفوكس حلب قال إن منزله المؤلف من طابقين في حي طريق الباب، يسكنه أحد الشبيحة من عائلة بري الشهيرة، وحين عرض منزله للبيع وصله تسجيل صوتي من الذي يسكن بيته مفاده أن البيت لن يشتريه أحد طالما هو على قيد الحياة.  يضيف أبو محمود، الذي يسكن حالياً في تركيا، وجود هذا الشخص في منزله كان مقصوداً، لنشاطه خلال الثورة وانتمائه للجيش الحر، “هم يعرفون أني لا أستطيع الحضور وإثبات حقي في المنزل، في الأصل لا يوجد طابو، كل ما أملكه فواتير للكهرباء والماء”.

أبو محمود اشترى منزله في عام 2000، بنحو مئتي ألف دولار، لكنه اليوم لا يأمل بتحصيل حقه، خاصة وأن حديثه مع أحد المحامين في المدينة دفعه للتخوف بشكل أكبر، جراء من وضع يد أشخاص على هذه المنازل بعقود مزورة أو بأحكام محكمة، مع انتشار عمليات التزوير والتي تحدثت عن جانب منها صفحات النظام، بالتواطؤ بين السجل العقاري وقضاة في المحكمة والسماسرة.

جريدة عنب بلدي أوردت في تقريرين نشرا في عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢١ قصص استحواذ على بيوت في أحياء جبل بدرو وأرض الحمرا والأحمدية ومساكن هنانو بحجة أن أصحابها مطلوبون للنظام، مقابل نقل ملكيتها بعقود بيع دفع فيها أقل من نصف قيمتها، خاصة في المناطق العشوائية الفاقدة للسجلات العقارية، فيما جرى الاستحواذ على القسم الأعظم منها تحت تهديد توريط أصحابها بتهم تتعلق بالإرهاب أو حتى مجرد تواصل أصحابها مع أقرباء لهم في مناطق خارجة عن سيطرة النظام، تخلل ذلك حوادث خطف واعتقال، وكل ذلك جرى فقط بيد ميليشيا واحدة يقودها حسام قاطرجي، أحد رجال الأعمال المقربين من إيران.  ويقدر التقرير الصادر في عام 2020، عدد المنازل التي اشتراها القاطرجي في جبل بدرو والأحمدية بنحو ٦٠ منزلاً.

يسهل مجلس مدينة حلب عمليات الاستيلاء هذه ويمنع أصحاب عقارات من ترميم منازلهم، المبنية في مناطق المخالفات، للتضييق عليهم، في الوقت الذي يتم هدم المنازل المشتراة من قبل السماسرة والميليشيات تمهيداً لإعادة إعمارها وفق المخطط الجديد.

يوجد نحو 4773 مبنى مدمراً كلياً في حلب، إضافة لـ 14680 منزلاً مدمراً بشكل بالغ، و16269 منزلاً مدمراً بشكل جزئي في المدينة، بحسب تقرير نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب.

في ٢٣ نيسان الماضي، صدر تعديل المخطط التنظيمي العام في مدينة حلب بقرار وزير الأشغال العامة والإسكان رقم ٢٦٥٠/ص، ونقلت جريدة الجماهير (الصادرة في حلب) عن المهندسة كوثر قضيماتي، إن هذا المخطط نقطة انطلاق للانتقال إلى مرحلة التنفيذ على أرض الواقع، مشيرة إلى تضمين  المخطط مجموعة من التعديلات أهمها تثبيت الصفات لبعض المؤسسات والجهات العامة وفق واقعها المنفذ أو الدراسات التفصيلية المصدقة لها.

ثقب أسود اسمه تطوير عقاري

خلصنا سابقاً إلى رسم ملامح نشاط عمل السماسرة، وتوزعه ضمن أحياء حلب، لكن ما هو المغزى من هذا النشاط، وفي معرض البحث عن إجابة يمكن الإشارة إلى شرط لافت على أساسه تستحدث ما تسمى بالمناطق العقارية، وهو أن تكون مساحة المنطقة أكثر من ٢٥ هكتاراً في حلب، وهذا ما يفسر سبب تركيز السماسرة نشاطهم ويرسم حدود الأهداف الواجب تحقيقها قبل الانتقال إلى منطقة أخرى.

وقبل تناول المناطق العقارية، تتبع فوكس حلب شركات التطوير العقاري في مدينة حلب، وأحصى وجود ثماني شركات تطوير عقاري واحدة فقط تأسست قبل عام ٢٠١١، والجدول التالي يبين أسماء هذه الشركات وأرقام سجلها وتاريخ ترخيصها:

زادت هذه الشركات بحسب موقع الاقتصادي، في عموم سوريا، عن مئات الشركات فيما بعد، لكن صفحة الهيئة لم تحدث هذه الشركات التي بقيت كما هي في الموقع الرسمي، وفي تقاريرها عن مدينة حلب وفي اجتماع التطوير العقاري لمنطقة الحيدرية وغيرها ورد ذكر شركات مرخصة في غير مدينة حلب ضمن هذه الاجتماعات، مثل (طحان غلوبال، الاعتماد، يونيكسيم).

ما سبق ضروري لوضع مسألة التطوير العقاري والشركات ذات الصلة في سياقها الصحيح لجهة دورها الوظيفي فيما بات يسمى بحرب الأملاك، وبوصفها شكلاً من أشكال وضع اليد على العقارات ومصادرتها، في إطار ما تناولناه سابقا في مادة قرأت الانفجار الكبير في سن التشريعات والقوانين في مجال العقاراتبمرحلة ما بعد ٢٠١١ بوصفها فرصة ذهبية تقوم على الاستفادة من الدمار والتهجير وتوحش السلطة الأمنية وخصوصاً في المناطق المنتزعة من المعارضة.

في العودة إلى المناطق العقارية، يورد تقرير صادر عن الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري السورية وجود ٢٥ منطقة تطوير عقاري محدثة في سوريا، منها ٨ في ريف دمشق و٨ في حلب، ٦ في حمص، ١ في كل من السويداء وحماه ودير الزور. تبلغ مساحة هذه المناطق في دمشق ٢٩٧٢.٧ هكتاراً، وفي حلب ٤٣٢.٩ هكتاراً وفي حمص ٢٩٧.١٩ هكتاراً، وفي حماه ٣٠ هكتاراً ودير الزور ٥٠٠ هكتاراً والسويداء ٠٫٥٢ هكتاراً.

إضافة إلى ما سبق، ثمة مناطق مرشحة لتكون مناطق تطوير عقاري وعددها ٢٣ منطقة، ١٠ منها في دمشق و٩ في حلب و٤ في حماه، كذلك ١٧ منطقة قيد الدراسة منها ١٠ في دمشق و٣ في حلب و٢ في حمص و١ في كل من حماة ودرعا، وأربعة مناطق قيد الإحداث واحدة منها في حلب وثلاثة في دمشق.

وأوضح تقرير الهيئة وجود ٥٦ شركة تطوير عقاري مرخصة لدمشق الحصة الأكبر فيها بواقع ١٩ شركة، ريف دمشق ١٣، حلب ٨، حمص ٥، حماة والسويداء ٢ لكل منهما، اللاذقية شركة واحدة، إضافة لست شركات من القطاع العام. كذلك يورد التقرير وجود ٣٩ شركة حصلت على الترخيص الأولي منها ٢٤ في دمشق، ٩ في حلب، ٣ في ريف دمشق، ١ في كل من اللاذقية وحماة والسويداء.

بين محدثة وقيد الدراسة وقيد الإحداث تبلغ حصة حلب ٢٠ منطقة تطوير عقاري معظمها في الأحياء العشوائية، من أصل ٥٦ منطقة في عموم سوريا، حددت القيمة الأولية لإحداثها بنحو ٥٣ مليار ليرة سورية لإنشاء ما يزيد عن ثلاثين ألف وحدة سكنية، الحيدرية أولها، وهي قيد الإحداث ضمن صدور الخطة التنفيذية للمرحلة الأولى بواقع بناء ٢٨.٨ هكتاراً من أصل ١١٨ هكتاراً من المزمع تحويلها إلى منطقة تطوير عقاري.

بحسب آلية معالجة مناطق السكن العشوائي وفق أحكام القانون ١٥ الصادر عام ٢٠٠٨ وتعديلاته وتعليماته التنفيذية، فإن على الوحدة الإدارية نشر جداول نتائج المسح الاجتماعي في مناطق السكن العشوائي في لوحة إعلانات الهيئة والوحدة الإدارية والإعلان عنها في صحيفة رسمية على الأقل، ويدعو الإعلان أصحاب الحقوق العينية في المنطقة للاعتراض على نتائج المسح الاجتماعي المعلن عنها، أصالة أو وصاية أو وكالة، على أن يتقدم بالطعن إلى الوحدة الإدارية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان عبر طلب اعتراض يذكر فيه محل الإقامة من قبل المختار ضمن المحافظة ومرفقاً بالوثائق والمستندات المؤيدة لحقوقه.

وبحسب القانون، يصدر المحافظ قراراً بتشكيل لجنة أو أكثر لتقدير قيمة عقارات المنطقة وفق وضعها الراهن، وفي حال تغيب الملاك أو ممثليهم عن اجتماعات اللجنة يعين البديل من قبل القاضي. وتوضع إشارة على العقارات الخاصة في منطقة السكن العشوائي على الصحائف العقارية من قبل الجهة الإدارية تفيد بمنع جواز إجراء أي معاملة على العقارات الواقعة ضمن حدود منطقة التطوير العقاري.يقول المحامي أسعد عبد الله إن إنشاء مناطق التطوير العقاري وفق القوانين هذه يؤدي إلى ضياع ملكية آلاف الأشخاص في المنطقة، وذلك لأسباب يشرحها بعدم وجود سندات ملكية في الصحائف العقارية في هذه المناطق ما يتعين إثبات الحق في الملكية وفق آليات أخرى، يمنع الظرف السوري الراهن من تحقيقها بالنسبة للمهجرين واللاجئين، وهم القسم الأكبر من سكان هذه المناطق في حلب.

ويتعذر التواصل مع السفارات السورية في كثير من دول العالم لاشتراط دول اللجوء على من منحتهم حق الحماية أو اللجوء عدم التعاون مع سفارات بلادهم، كذلك تسليمهم لوثائقهم الرسمية من البطاقات الشخصية وجوازات السفر، وأيضاً لعدم تلبية السفارات في مناطق أخرى مثل تركيا لحاجة المواطنين وتعذر الحصول على موعد في المدد التي حددها القانون.

يصعب أيضاً الحصول على القوائم الاسمية في الجريدة الرسمية التي تشترط أن يقوم الشخص بنفسه بدفع بدل الاشتراك للحصول عليها، وعدم معرفة معظم السوريين بوجودها في أفضل الأحوال.

يضيف العبد الله، أسباباً أخرى، منها خوف الأقارب من الحضور كبديل عن أصحاب الأملاك إلى اللجان، مع انتشار عمليات الاعتقال التعسفي والتهم بالتواصل مع “الإرهابيين”، إضافة للمدة الزمنية القصيرة مع عدم وجود أي قوائم محدثة لمناطق التطوير العقاري، ويضرب مثالاً عن حي الحيدرية الذي يجري الحديث عن بدء تنفيذ منطقة عقارية فيه منذ عام ٢٠١٧، وإلى الآن لم تصدر القوائم الاسمية لمالكي عقارات هذه المنطقة على معرفات مجلس المدينة، ناهيك عن المعتقلين والقتلى ومعاملات حصر الإرث وغيرها، هذا إن استثنيا جزئية التعويض القائمة على ما اسمته تعويض الأفراد بحسب واقع العقار الراهن، مع حجم الدمار الهائل في المناطق العشوائية والتي تعرضت للقصف والدمار بنسبة تفوق ٧٠٪.

فتش عن إيران 

رصد فوكس حلب عدداً من شركات التطوير العقاري، إذ تبين أن لأبرزها علاقة وثيقة بالنفوذ الإيراني، بل هي عملياً شركات إيرانية بواجهة سورية، تستمد دعمها والأموال التي تعمل بها من الحرس الثوري الإيراني، كذلك الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، والذي يمثل الجناح الإيراني في سوريا في مواجهة الجناح الروسي المنافس على المنطقة.

تفحص فوكس حلب “الجريدة الرسمية” التي تضمنت تراخيص لشركات إيرانية في مختلف المجالات، مثل “شركة كاركر للتجارة والاستشارات” ومقرها الرئيسي حلب، تعود ملكيتها للإيراني “محسن أسد اللهى بن قدرت اله”، ومواطنه “هوشنك كاركر بيده بن حسين”، والسوري “هلال طاهر بن طاهر”، وشركة “طلانية للاستثمارات” ومقرها الرئيسي دمشق، يملكها رجلي أعمال إيرانيين وهما “مهدي بن غلام علي شفيعي” و”الياس بن نادرقلي طاهري عزيز أبادي”.

تتخصص شركتا “كاركر” و”طلانية”، في الاستيراد والتصدير، والمقاولات والتعهدات وتقديم الاستشارات، وتجارة المواد الغذائية والأدوات الكهربائية والموبايلات والسيارات والآليات الثقيلة ومواد البناء والإكساء والسيراميك والديكور والأثاث والسجاد والتجهيزات الطبية، والدخول بمناقصات والمزايدات مع القطاع العام والخاص، إضافةً إلى بناء المساكن وبيعها والاتجار بها مهما كان نوعها.

يبلغ رأس مال كل واحدة من الشركتين 5 ملايين ليرة سورية فقط، وتم تقسيم أسهم كل شركة الى ألف حصة، وتعود الملكية الأكبر في شركة “كاركر” لكل من “محسن” و”هوشنك”، حيث يمتلك كل منهما 499 حصة، بينما يمتلك السوري طاهر حصتين فقط.

موقع “فوكس حلب” اطلع بشكلٍ مفصل على بنود النظام العام لكلتا الشركتين الإيرانيتين، وتبيّن أن هناك بعض النقاط اللافتة، مثل لجوء إيران إلى تعيين أشخاص سوريين لإدارة الشركتين، ليكونوا بمثابة واجهة أمام الرأي العام، تعطي إيحاءً بأن الشركة سورية، إذ عين السوري “هلال طاهر”، مديراً عاماً لشركة “كاركر” لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، رغم أنه لا يمتلك سوى حصتين فقط، أي ما يعادل 0.2% فقط من أسهم الشركة، بينما يدير شركة “طلانية” شخص من خارج الشركة يدعى “جعفر بن علي ميهوب”، وهو سوري من سكان السيدة زينب، ويساعده أحد مالكي الشركة المعتمدين وهو الإيراني “مهدي بن غلام علي شفيعي”.

يتشابه النظام العام لكلا الشركتين بشكلٍ كبير جداً، يرد في المادة الأولى من بنود الترخيص إنه: “يحق للشركة في سبيل تحقيق غاياتها تملّك واستثمار واستئجار العقارات والسيارات اللازمة لعملها، ما يدل أن الغرض الأساسي للشركتين هو تجارة العقارات، الذي وسعت طهران نشاطاتها فيه، بغرض شراء بيوت السوريين.

حاولت إيران جعل عمليات بيع وشراء البيوت وفق “إطار قانوني”، من خلال إدراج المادة 31 ضمن النظام الأساسي لشركتي “كاركر” و”طلانية”، وتقول المادة: “تعتبر جنسية الشركة سورية، وتتمتع الشركة بالحقوق الممنوحة للسوريين، ويحق لها تملّك الحقوق العينية العقارية لتحقيق غاياتها المشروعة دون اعتبار لجنسية الشركاء فيها”.

المحلل السياسي والاقتصادي، درويش خليفة، علّق على تشكيل الشركات الإيرانية في سوريا قائلاً: “لا استبعد أن تكون قرارات النظام في هذا الإطار، بتوجيه من قيادة الفرقة الرابعة الموالية للحرس الثوري الإيراني، لإدخال الشركات الإيرانية الى سوريا أو استيراد بضائعها، وبالتالي إنعاش الاقتصاد الإيراني المتهالك جراء العقوبات الأمريكية، على حساب الصناعيين السوريين، في وقت ليست سوريا بمنأى عن العقوبات الغربية أيضاً”.

وأوضح خليفة لفوكس حلب أن “حكومة النظام خلال السنوات الخمس الماضية، ساهمت في تعميق الأزمة الصناعية والتجارية في سوريا، باستيرادها المواد الأساسية من إيران، وهذا وضع الصناعيين في حلب بحالة خمول لم يعتادوا عليها من قبل، وزاد وضعهم تعقيداً مع غياب مقومات الصناعة وعلى رأسها الكهرباء، ما دفع أغلبهم لبيع معاملهم ومنشآتهم لإيران”.

وأشار خليفة الى أن “قرارات الأسد بتسهيل افتتاح شركات إيرانية في سوريا، جاء نتيجة تخبط النظام وعدم وجود استراتيجية تساهم في الحدّ من العقوبات المتتالية، وإيجاد حلول للصناعيين، إلى جانب رد جزء من الجميل للحرس الثوري الإيراني وجناحه الاقتصادي، لوقوفهم إلى جانبه في حربه على الشعب السوري”.

الأثرياء الجدد 

إضافة للأسماء المذكورة سابقا، تجهد إيران على خلق طبقة رجال أعمال جدد شديدة الولاء لها على غرار ما فعله النظام نفسه قبل عقود، ويورد غلى سبيل المثال زياد عواد في دراسة بعنوان “العشائر والسلطة في مدينة حلب” أن أبناء حسين العلوش ينتمون لعائلة غير ذات أهمية وسط عشيرة البقارة، قد تحوّلوا من عمال بناء ومّلاك صغار لبعض المحلات التجارية في حي البلورة الفقير قبل الثورة، إلى أشخاص من كبار أثرياء المدينة.

ويضيف ” تملك خالد، قائد لواء الّباقر، وحمزة، القيادي في اللواء، وعمر، العضو في مجلس الشعب عشرات المنازل والمحلات التجارية والمستودعات مقاسم الأرض المعدة للبناء، والتي اشتروها بأثمان بخسة أو زّوروا عمليات شرائها ولاسيما في الأحياء الشرقية والجنوبية، من المدينة مثل باب النيرب والمرجة والفردوس والشيخ سعيد. كما تملكوا مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية في الريف القريب جنوب المدينة، فضًلا عن منازل أخرى في مدينة دمشق”.

كذلك استولى أفراد من هذه الميليشيات على مئات المستودعات والأراضي الزراعية والمنازل التي تعود ملكيتها للاجئين ونازحين خارج سيطرة النظام. إذ “استولى عزالدين شعبان بري على مئات الدونمات في أماكن مختلفة حول مدينة حلب، وأّجرها لفلاحين أو باعها لمتمولين كبار مثل الإخوة قاطرجي. كذلك استغل عضو المكتب التنفيذي في مجلس محافظة حلب عيسى الإبراهيم (من العساسنة) ترؤسه لقطاع الزراعة ضمن المكتب ليستثمر – أو يتواطأ مع مستثمرين – في مئات الهكتارات من أراضي ريف حلب. وعّوض عمر عاشور (من البقارة)، وهو أحد أكبر تجار حديد البناء قبل الثورة، تراجع مردوده من هذه التجارة بالانتقال لتجارة المنازل الفخمة التي تعود ملكيتها لغائبين، ولا سيما في حي حلب الجديدة وجمعية المهندسين، حيث يملك عاشور اليوم أكثر من 50 منزلاً في هذين الحيين الراقيين”.

أما حي البلورة فقد بات “منطقة إيرانية” بالكامل، تسيطر عليه قوات لواء الباقر، وأحيطت مضافته بسور اسمنتي ألصقت عليها بكثافة يافطات مكتوب عليها عبارات عن قاسم سليماني، المهندس، وكذلك صور لرموز وقتلى من لواء الباقر وقاسم سليماني وحزب الله والمجموعات المسلحة التابعة لها، قتلوا خلال الحرب في سوريا.

وتقع «مضافة الباقر» وسط المجتمع العشائري الأكبر في حلب في حي البلورة، والذي يمد قوات الموالية للنظام، بالمقاتلين وهم من «عشيرة البقارة» أكبر العشائر العربية التي يتوزع أبناؤها على عدد كبير من الأحياء حي البلورة، والميسر، وباب النيرب وضهرة عواد، والشعار، والجزماتي.

 

مستعمرات الريف

أنشأت إيران قاعدة عسكرية للواء «فاطميون» الأفغاني في السفيرة بريف حلب، وتنتشر ميليشياتها في بلدتي نبل والزهراء والسفيرة وفي محيط مطار حلب الدولي والعيس والحاضر في ريف حلب الجنوبي، بحسب القدس العربي، وتواصل هذه الميليشيات “عمليات التغيير الديمغرافي الممنهج في حلب وريفها الجنوبي، إذ استولت الميليشيات الشيعية في ريف حلب الجنوبي على منازل وممتلكات ‏الأهالي قرب الحاضر ومنطقتي جبل عزان وعبطين، والعيس جنوب حلب”.

تابعت فوكس حلب عمليات التملك في ريف حلب الجنوبي ووصلت إلى أشخاص سلبت ملكياتهم من قبل ميليشيات إيرانية أو محلية تتبع لإيران.

أرسل عمر عليوي، من قرية عبطين بريف حلب الجنوبي، صورة للكازية التي تمتلكها عائلته بعد الاستيلاء عليها من قبل حزب الله والميليشيات الإيرانية، يظهر فيه علم الحزب، يقول عمر إن هذه الميليشيات استملكت المنازل والأراضي الزراعية لسكان عبطين وجبل عزان الذي هجروا بعد سيطرتهم عليها، وأسكنوا فيها عائلاتهم، وحولوا مساجد في المنطقة إلى حسينيات.

 

يقول الناشط محمود الناصر ابن قرية هوبر بريف حلب الجنوبي إن ميليشيا فاطميون وضعت يدها على مسجد “سيدنا الحسين” وكتبت أسماء عدد من قتلى المليشيات وقاسم سليماني على مئذنته، وأرسل لنا صورة خاصة تثبت ذلك تحقق منها فوكس حلب، كما أكّد أنه خلال تغطيته للمعارك التي شهدها ريف حلب الجنوبي تم القبض على مقاتل عراقي ينتمي لميليشيا النجباء، واعترف آنذاك أن قادة في الميليشيا وعدوا كل مقاتل بـ٢٠ هكتاراً من أراضي ريف حلب الجنوبي.

 

كذلك تحقق فوكس حلب من استيلاء الميليشيات على أكثر من مئة منزل وما يزيد عن ألف قطعة أرض في جبل عزان والحاضر وعبطين، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء مثل فيصل العلاوي الذي يعمل على تسهيل بيع العقارات للإيرانيين في حلب ويفها.

وجمال عبد الناصر العبد، عضو بلدية العيس بريف حلب الجنوبي، وفي حديث مع رئيس المجلس المحلي في بلدة العيس التابع للمعارضة عبد الله العلي أكّد أن المدعو جمال عبد الناصر العبد هو قريب له، وأشار إلى أن المدعو يقاتل في صفوف لواء المدافعين عن حلب المدعوم من إيران، وله ابنان منضويان في حزب الله اللبناني أحدهما قتل خلال معارك شهدها الريف الجنوبي لحلب، ولفت إلى أن”العبد” مقرّب جداً من الميليشيات الإيرانية ويعمل على تسهيل وجودها في الريف الجنوبي والمنطقة، لكنه أشار إلى أنه لا إثبات على قيامه ببيع منازل إنما  يستثمر نحو ٢٠٠ هكتار لأقارب له ولسكان بلدة الحاضر ولا يعطي أحداً من عائداتها.

في ريف حلب الشمالي الذي سيطرت قوات النظام على قسم كبير منه منذ بداية عام ٢٠٢٠، وفي المنطقة الممتدة بين نبل والزهراء ومدينة حلب، استولت الميليشيات الإيرانية على منازل ومزارع وأراض زراعية في كل من قرى حيان وعندان ومدينة حريتان وخان العسل، بشكل مباشر أيضاً عبر وضع اليد أو شرائها بأثمان بخسة، إذ سيطرت ميليشيات أفغانية على منطقة الملاح التابعة لحريتان، والتي تحولت إلى منطقة مغلقة مخصصة بالميليشيات الأفغانية بعد خلوها من أصحابها الأصليين.

أما الأراضي الزراعية في منطقتي حيان وعندان فقد استولي عليها من قبل هذه الميليشيات، إضافة لحزب الله اللبناني، وتزرع اليوم بالحشيش الذي يشكل مورداً رئيسياً لعناصر الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة، بينما يسكن قسم صغير من أهالي بدلة حيان داخلها، وهم من الموالين للنظام الذين قاتلوا معه ويتبعون لميليشيات تشكلت في نبل والزهراء، إضافة لعائلات شيعية قليلة لمقاتلين في المنطقة في المنازل التي هجر أصحابها منها، دون قدرتهم على بيعها أو الاستفادة من إيجار منازلهم أو محاصيلهم الزراعية.

 

تبدو حلب، بيئة مثالية لتمدد إيراني أكثر صلابة بالمقارنة مع دمشق، تمدد يلتهم بنية المدينة التحتية الصناعية، وعقارات أهلها، وكل هذا جنباً إلى جنب مع نمو الحسينيات بشكل لافت، إذ أنشأت إيران نحو ٣٥ حسينية و ١٢ مركزاً ثقافياً، ناهيك عن تحويل عدد من المساجد إلى حسينيات، وهو ما دفع الكثير من ناشطي مدينة حلب إلى دق ناقوس خطر أن التغييرات الواسعة الجارية في حلب تستهدفها وفق أكثر من مستوى، والأهم أنها تغييرات بمثابة كرة الثلج التي ستكون معها حلب في المستقبل القريب غير حلب التي عرفوها وهجروا منها، أو حتى بالنسبة للباقين فيها ممن يراقبون هذه التبدلات بصمت بلا حول ولا قوة.

المركحز الصحفي السوري

عين على الواقع

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist