بعد تقدم مقاتلي المعارضة السورية المسلحة باتجاه محافظة اللاذقية وقرب معركة الساحل المحتملة مع قوات النظام، يعيش أبناء الطائفة المرشدية هناك حالة من القلق والحيرة بشأن موقفهم حال نشوب المعركة، خاصة أنهم لم يحسموا قرارهم بعد. فالنظام تسبب في مقتل الكثيرين منهم خلال فترة حكمه الطويلة وخلال الثورة، وقوات المعارضة لم تعطهم ضمانات كافية تشعرهم بالأمان.
والمرشدية طائفة منغلقة دينيا، لا تتجاوز نسبتها 1% من سكان سوريا، ويتوزع أبناؤها على قرى في جبال اللاذقية وحماة وحمص، وتعتبر قرية جوبة برغال بريف اللاذقية معقلهم الأساسي، وعقب انطلاق الثورة وجه زعماء الطائفة أتباعهم بتجنب المشاركة في المعارك مع هذا الطرف أو ذاك.
وكانت الطائفة المرشدية قد انغمست في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد والحالي بشار الأسد بأحداث ومواقف، اختارتها حينا وفرضت عليها أحيانا، فكانت أداة رفعت الأسد في قمع السوريين، ومحاربة شقيقه حافظ على السلطة في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي.
وتطوع الشباب المرشديون للخدمة في جيش النظام ومخابراته بسبب فقرهم الشديد وعدم توفر فرص عمل أخرى، رغم إدراكهم لحقيقة كراهية نظام حافظ الأسد لهم، وعدم منحهم فرصة الارتقاء في الرتب والمهمات العسكرية.
ولدى انطلاق الثورة عام 2011 لم تتخذ الطائفة قرارا واضحا بالوقوف مع طرف محدد، رغم ميلها العام باتجاه دعم النظام، ومع تزايد احتمالات بدء معركة الساحل السوري -لا سيما بعد التقدم الكبير الذي أحرزه الثوار باتجاه محافظة اللاذقية- يعيش أبناء الطائفة المرشدية قلقا مبررا من وقوعهم بين ناري النظام والمعارضة المسلحة.
وصول الثوار
أما في هذه الآونة، ومع وصول مقاتلي المعارضة من إدلب وحماة وريف اللاذقية إلى عتبات القرى المرشدية في سهل الغاب الشمالي الغربي مثل الجيد والكريم وجورين؛ تزداد حيرة أبناء تلك الطائفة، ويبدو خيار الحياد الذي يميلون إليه صعبا أيضا بحسب رأي صدوح ديبو أحد أبناء الطائفة الذي يعيش في قرية كدين، ويتخوف من أن يعتبرهم الطرفان المتقاتلان أعداء لهما معا.
ويتحسر مصباح النازح من قرية مركشيلة على وضع الطائفة، بسبب عدم اتخاذ موقف مبدئي من الثورة السورية، ويرى أنها “باتت مضطرة اليوم بفعل الظروف إلى تبني موقف تقتضيه الضرورة والمصلحة بعيدا عن المبادئ والأخلاق”.
أما المدرس مرهج حميرة فيرى أن خيار نزوح أبناء الطائفة عن قراهم باتجاه مدن الساحل “هو الخيار المرحلي الأنسب، ويعطي أبناء الطائفة فرصة أطول لتقرير ما يفعلونه بعد ذلك”.
من جهته، تحدث تاقي العكش عن إمكانية التحالف مع أحد الفريقين مفضلا الثوار “لأنهم الفريق الذي سيحسم المعركة لصالحه في النهاية، والخسائر ستكون أقل مع هذا الفريق”، وقال للجزيرة نت “لا يمكننا الوقوف على الحياد إلى النهاية، فالشعب السوري يتعرض للخسارة بكل طوائفه ومكوناته، نحن من هذا الشعب ولا بد أن نكون شركاء في أفراحه وأحزانه”.
وأكدت صبيحة من قرية جورين أن النظام “فرض على شباب الطائفة مشاركته في حربه على السوريين، وهددهم بالاعتقال تارة وأغراهم بالأموال تارة أخرى”.
ودعت صبيحة قيادات الطائفة إلى “اتخاذ قرار سريع يحدد الموقف مما يجري والجهة التي سيقفون معها، لأن عدم وضوح الرؤيا لديهم قد يكلف الطائفة الكثير، وهي التي خسرت كل ما خسرته حتى اليوم دون مقابل”.
ونقلت صبيحة عن المساعد أبو يامن مسؤول حواجز طريق الغاب بيت ياشوط، تهديده بقصف القرى المرشدية إن امتنعت عن القتال إلى جانب قوات النظام في معركة الساحل.
وتعليقا على تخوف المرشديين من انتقام الثوار بسبب مشاركة عدد منهم قوات النظام في قتالهم، وعد النقيب أبو الوليد من الجيش الحر بعدم التعرض لأي من أبناء الطائفة، والعمل على تطبيق العدالة بحق المجرمين منهم فقط.
المصدر: الجزيرة