هل حانت ساعة الحسم في معركة حلب؟

بدأت فصائل جيش الفتح أمس الجمعة هجوما واسعا من الجهة الغربية لمدينة حلب بهدف فك الحصار عن المدينة التي تتعرض لأبشع حملة إبادة شهدها العالم، وهي بذلك تحاول استعادة زمام المبادرة بعد أن تراجعت أمام القصف الهمجي الروسي والسوري الذي دمر كل شيء في المدينة وذلك بداية سبتمبر / أيلول الماضي.

تعتمد الفصائل المقاتلة في عملياتها العسكرية على تكتيك السيارات المفخخة التي تضرب معاقل النظام ومليشياته، ما يحدث حالة ذعر كبيرة في صفوفه، ثم ترسل الانغماسيين لمهاجمة الميليشيات المتمترسة في القطع العسكرية، و”الانغماسي” حسب التعريف “الجهادي” هو مقاتل ذو كفاءة عالية، مزوّد بأسلحة خفيفة، يرتدي حزاماً ناسفاً، ينغمس في صفوف الأعداء ويشتبك معهم ليقتل منهم حتى يقتل، أو يقوم بتفجير نفسه إذا اقتضى الأمر، كما تحاول الفصائل الاستفادة قدر الإمكان من الأحوال الجوية الممطرة في محاولة للتخفيف من وطأة قصف الطيران الروسي والسوري.

وفي تصريح سابق للخبير العسكري العقيد أحمد رحال أدلى به للجزيرة بشأن معركة حلب أواخر تموز/يوليو 2016 قال:” الحرب السورية التي تجري في حلب هي نوع فريد وخاص من الحروب التي لم تدرس في الأكاديميات العسكرية العالمية”، وهذا الكلام يظهر الإرادة الكبيرة التي يتمتع بها المقاتل السوري، كونه يدافع عن قضية عادلة وهي تحرير الأرض ممن سلبها عنوة بالقمع والسلب و”الإرهاب” سواء من قوات الأسد أو حلفائه من الميليشيات الأجنبية.

أهمية معركة حلب تنبع من كونها المعركة التي ستحدد مصير البلاد إن لم نقل منطقة الشرق الأوسط برمتها، ويعيد خلط الأوراق من جديد، فقد تداخلت القوى التي تريد الهيمنة ، فروسيا عادت بقوة للساحة الدولية من خلال البوابة السورية وتحديدا من بوابة حلب، فهي تعتبر السيطرة عليها مسألة شرف للدولة الروسية، ففي حال كسرت المعارضة الحصار واستمرت بالفعل تكون بذلك قد وجهت صفعة قوية لروسيا ورئيسها بوتين.
ومن جهة أخرى تحاول تركيا أن تستمر بالتمدد وكسب مناطق جديدة من يد تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي والشرقي عبر عملية “درع الفرات”، كما وضعت الولايات المتحدة الأمريكية موطئ قدم لها في المدينة الاستراتيجية عبر الميليشيات الكردية التي تدعمها عسكريا مع إحجامها حتى الآن عن الزج بقوات مباشرة في هذا الصراع، وفي حال أقدمت على ذلك وهذا أمر مستبعد حسب المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، ستدخل في مواجهة مفتوحة مع روسيا، وبالتالي فإن ماهية الموقف الأمريكي من العلاقة مع روسيا لن تتحدد قبل معرفة سيد البيت الأبيض الجديد الشهر المقبل.
أما الداعمون العرب من دول الخليج فقد تراجع تأثيرهم بشكل كبير في الساحة السورية بسبب طغيان الموقف التركي وتحوله للتدخل العسكري المباشر مع فصائل درع الفرات وكذلك بسبب الفيتو الأمريكي الذي يعرقل مد المعارضة بأسلحة “نوعية” تمكنها من حسم المعركة، أما الخاسر الأكبر من هذه الصراعات المعقدة وخرائط التحالفات المتذبذبة هو الإنسان المدني السوري الذي فرض عليه العيش في خوف ورعب دائمين بسبب ما تجره الحرب عليه من ويلات القصف والتشرد، وخصوصا مع اقتراب فصل الشتاء الذي يطرق الأبواب.

من المبكر الحديث عن اختراق كبير للمعارضة في المعركة الدائرة، كوننا تعودنا أن هذه المعارك هي معارك كر وفر، والاختبار الحقيقي هو في مدى الصمود وعدم التراجع للمقاتلين المعارضين، وهذا ما تحكمه عوامل القوة التي تميل بشكل كبير لصالح قوات النظام وحلفائه الروس الذين يستخدمون كافة الذخائر وحتى المحرمة منها لدعم الأسد وتحقيق مكسب سياسي في المحافل الدولية.

علينا أن ننتظر أياما أو ربما شهورا لمعرفة ما ستؤول إليه الأوضاع في مدينة حلب، لكن المؤكد أن المدينة تعيش صراعا وتجاذبا دوليا مقيتا يدفع ثمنه السوريون من دمائهم، لكن ما يهم حقيقة هو كسر حصار القسم الشرقي من المدينة التي يتواجد فيها قرابة ربع مليون شخص، يواجهون احتمالية ملاقاة المصير نفسه، الذي فرض على مناطق السنة في ريفي دمشق وحمص التي تتعرض لعملية تطهير واسعة لأهل السنة، بمخططات دولية وإقليمية.

عاصم الصالح – المركز الصحفي السوري

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist