د.عبد الرزاق عيد
كنا كيساريين علمانيين …نصدق علمانية (الأقليات) ونعتبرهم أقدر على اليسارية والعلمنة، بسبب أنهم لا يملكون تاريخا فقهيا رسميا مؤسساتيا كثيفا ومكتظا بالفتاوى والتفاسيركالمذهب الإسلامي (السني) الحاكم الأكثري عبر اربعة عشر قرنا الذي ربما شكل عائقا أمام الانخراط في الحداثة…
ومن ثم المذهب (الشيعي) الأقرب كمدونة وترسيمة فقهيا للمذهب السني رغم أنه الاقل عداء سياسيا عن الآخرين … لكنه الأكثر حضورا وقوة عددية من الأقليات الإسلامية ، الذي تم تأسيسه بوصفه ردا معارضا على المذهب الرسمي الأكثري السني …
النخبة العلوية (ومنهم جد آل اسد) في توقيعها على الوثيقة الداعية إلى بقائهم تحت الاستعمار الفرنسي ، تحدثت عن نفسها كطائفة مستقلة عن (المسلمين )، وشبهت نفسها بالمظلومية (اليهودية)، أي بأنها طائفة مضطهدة كاليهود في فلسطين الذين يتعرضون لإرهاب المسلمين الفلسطنيين على حد تعبير الوثيقة ..
كنا من منظور وطني سوري نرفض النظر إلى الطائفة العلوية بوصفها طائفة (غير مسلمة)، وربما من هذا المنظور الوطني لنظام الاستقلال السوري ، تم إعدام (سلمان المرشد) عندما ادعى الربوبية ( الرب سليمان)، وذلك دفاعا عن إسلامية الطائفة العلوية ، التي كانت نخبها تعاني أزمة هوية بين سوريا العربية المسلمة، وبين البقاء في ظل الاستعمار الفرنسي …
ولربما أن النخبة الوطنية السورية، كانت تضمر تأييدا لانتصار التيار البعثي العروبي من خلال (حافظ الأسد) الذي أظهر خياره مع القومية العربية على خياره (القومي السوري) من جهة، ومن جهة اخرى، كان يعلن ويظهر انتسابه إلى (سوريا : عربية كانت أم سورية “إسلامية” حتى ولو في حدود الهوية الحضارية غير الدينية !!!) …وهي ذات التجربة القلقة مع الهوية السورية، التي يعيشها معهم اليوم فصيل (البي كيكي ) الكردي ( العلوي التركي) من خلال علاقته التحالفية العضوية الطائفية مع الأسدية ..
.لقد رفضنا كوطنيين سوريين- قبل الثورة أم بعدها – الأطروحة الاكليزية الشهيرة التي تتحدث عن أن لا جامع (فكريا أو دينيا أو مذهبيا) بين العلويين كطائفة سوى (عدائهم وكرههم للمسلمين السنة) …!!!
رفضنا هذا التوجه الانكليزي، كوطنيين يساريين عرب أو مسلمين، وذلك قبل أن تتكشف لنا الباطنية الأسدية عن كل هذا الكره الاستثنائي نحو العرب والمسلمين، مما لم نعرفه منذ زمن المغول مرورا بالعهد الاستعماري الأوربي الفرنسي ، وصولا إلى زمن السيطرة والهيمنة الإسرائيلية على العرب والمسلمين والفلسطينيين اليوم …
هذا التمويه الطائفي الذي يتخفى تارة وراء (ربوبية المرشد)، أو وراء توقيع النخب العلوية (بما فيها الأسدية بالبقاء تحت الاستعمار الفرنسي ) ،الذي يؤكد صدقية نظرية الانكليز، بأن ما يجمع العلويين، هو الكره لسوريا ووحتها ووحدة شعبها، هذه الوحدة الوطنية السورية التي تآلفت عليها كل القوى الوطنية الديموقراطية الثورية …تحت شعار (واحد واحد الشعب السوري واحد)، في ثورة الحرية والكرامة لسوريا وللسوريين ، والتساوي المواطني بين جميع الديانات والمذاهب والمكونات السورية الدينية والمذهبية …
هذه الفلسفة الانكليزية في احتواء العلويين منذ إعداد الأسد الأب (كعميل)، وابنه المعتوه للاستيلاء على سوريا، فإنه يعاد انتاجها العصري اليوم (انكليزيا وامريكيا وإسرائيليا) ، تحت تسمية العلوية، بأنها (مذهب فلسفي)، لكن عماده كره المسلمين والوطنية للسوريين الوطنيين الداعين لوحدة سوريا كشعب وكوطن ..
وقد بدأ الإعلان عن هذه التسمية (الطائفية الفلسفية) تحت يافطة يسارية علوية منذ شهور، يحمل صاحبها شهادات السجن من جماعة (حزب العمل الشيوعي !!!) بل ورئاسة حقوق الإنسان، حيث كان رئيسها في يوم ما…
والأطرف ما في الأمر أن كل الطوائف الأقلية الإسلامية الباطنية ( الدروز والاسماعيلية …الخ)، تحمل بعض أمشاج الفلسفة العرفانية الغنوصية الأفلاطونية المحدثة تاريخيا إلا العلويين… الذين تقوم عقيدتهم (الفلسفية” على فكرة (تأليه علي)، وعلى أن الله قد “حل في علي” ، وانه يقيم في القمر، وأن الرعد صوته، والسحاب وجهه وتجليات وجهه …وغير ذلك من الخرافات البدائية الفانتازية الممتعة تخييليلا، رغم فقرها الحسي البدائي الجبلي بالخيال الإبداعي إذا ما قورنت بالفانتازيا اليونانية .!!..
الطائفة العلوية هي أفقر الطوائف السورية بالفلسفة المادية والميتافيزيقية، وأغزرها بالشعر الغنائي (الأنوي) لاتصاله بعالم الغريزة حسب أرسطو، إن أن الشعر (الغنائي الأنوي غير الدرامي) حسب أرسطو، هو الألصق بعالم الحس والغريزة والأشياء المغللة بالسحر والغرابة والشذوذ، حيث بدأت به (المحاكاة اليونانية ) الحسية البدائية قبل نشأة (محاكاة الدراما) ،وقد وكان معادل الشعر الغنائي المعبر عن اندفاعات الذات العاجزة عن المعرفة العقلانية الفلسفية للعالم، هي التي اعتبرها ارسطو عبر طه حسين: المعادلة سياسيا تاريخيا للنظام السياسي الاستبدادي الطغياني …
وربما هذا ما يفسر لنا الهستيريا السنوية الإعلامية العلوية الطقسية نحو أدونيس، إذ يريدون للعلوية أن يكون لها مفكر ولو واحد في تاريخها الرعاعي القناني …حيث لم يعرف التاريخ الإنساني إلا الفلاسفة الأحرار …فالرعاع والأقنان لا ينتجون فلاسفة ومفكرين …
مهما حاول العلويون أن يضعوا كل دعمهم الاعلامي الأمني الأسدي …في خدمة مواهبهم الفكرية والفلسفية وأمالهم الحداثية، بين يدي شاعر (غنوصي)، لم يستطع يوما الانفكاك عن عالم الحس البدائي، لكي يعتبروه الساحر الذي يملك كل أسرار العلوم والمعارف التي تؤهله لنيل جائزة (نوبل )…
وكبير سحرهم هذا (أدونيس) لم يتناقض يوما في (شعبذاته وطلاسمه) الشعرية التي يظنونها فلسفة : شعرا ونثرا مع النظام الميليشي التشبيحي الأسدي حتى في ذبح الأطفال… وفق ترسيمة أرسطو عن البدائية الشعرية التي لم ترتق للفلسفة قط، كما يتوهم بعض العلويين المكلفين بالمعارضة والانشقاق وقيادة حقوق الانسان، وتأسيس (علوية فلسفية ميلودرامية ) لتفسير الطقوس الأسدية بالذبح والقتل والتدمير والإبادة والإرهاب والجريمة كفلسفة ممنهجة ..ولعل المثل المعرفي والفكري الأكثر تمثيلا لهذه الفلسفة العلوية : “فيلثوفها المتحذلق ” الثأثاء الأسدي سليل (الفلثفة) الخنزيرية الأسدية السفاحة