في كل قصف أو استهداف أو اجتياح عسكري للنظام وميليشياته، كان هناك العديد من الشهداء و جثث متناثرة و أعضاء ممزقة وأطراف مقطوعة ودماء جارية و كان هناك العديد من الناجين، لكن هل هم ناجون بالفعل …؟.
عندما يقصف النظام المدن والقرى و يدمر المنازل فوق ساكنيها في سوريا، يأتي الخبر باستشهاد أطفال ونساء وشيوخ وشباب، ليبدأ المشيعون و يسارعون بدفنهم و مواراتهم لينزح الجميع و يشردوا خارج منازلهم و يلاحقهم القصف والموت الذي أطلق النظام عنانه في فتك الشعب السوري لأنه طالب بالحرية والكرامة .
أكثر من 12 مليون سوري بين شهيد و جريح، و نازح و مهجر ومعتقل، لم ينجو أحد منهم من عبث النظام وظلمه و إجرامه خلال سنوات الثورة السورية، فأنت سوري إن لم تكن معتقل فأنت شهيد أو مهجر أو نازح أو مسجون ومقيد في مناطق النظام وتحت وطأة ميليشياته، فهذا هو حال السوريين من الشمال إلى الجنوب و من الشرق إلى الغرب .
هاجر مئات الآلاف من السوريين إلى تركيا، هرباً من الموت الذي لوح به النظام حول اعناق الأطفال، ليقتلهم مع عائلاتهم قصفا أو قنصا أو خنقا أو تعذيبا أو جوعا و يمارس على الشعب السوري شتى أنواع العذاب ليذيقه الألم و الموت ألف ألف مرة، أمام أعين مجتمع دولي يرى قتل الطفل محاربة للإرهاب و اعتقال المرأة دفاعاً عن سيادة الدولة .
الآلاف من السوريين قرروا ترك الوطن الذي أصبح مزرعة لعدة أشخاص، تقاسموه حسب أدوارهم عائلة الأسد و رموز نظامه و قرروا الرحيل بعيدا بعيدا مشيا على الأقدام و في القوارب المطاطية و في الطائرات، و يقول كل واحد منهم دعني يا أخي أريد ان أنجو مع أولادي ليرد عليه آخر …ليست النجاة نجاة من الموت، بل ستموت في المخيمات وفي ألمانيا و أين ما كنت، فالنظام قتلك إن كنت ناجيا أم لا، فأنت حقيقة لم تنجو إنما زرع النظام في الشعب السوري و فيك أنت الموت و البحث عن الحياة، فالسوريون يريدون الحياة و قاتلهم يريد نهايتهم ليستمر في ملكه .
خارج حدود سوريا في مخيمات الزعتري و عرسال، مات الكثيرون من اللاجئين السوريين جلهم من الأطفال و النساء فالبرد والمرض كانا لوحدهما كفيلين لمتابعة مسلسل الموت الذي فرضه النظام على الشاشات السورية، فهو المتسبب و هو الشريك الأول لهما حتى في مخيم الركبان الذي يقع داخل الأراضي السورية، والذي حاصر النظام أهله، ليميتهم جوعا ومرضا، ظنا منه أنه سيجبر الثائرين على الاستسلام .
المدنيون في مناطق سيطرة النظام، ليسوا أوفر حظا من المهجرين و المعتقلين، فهم في سجن كبير فيه الفقر يقتل و غلاء الأسعار تهلك المدنيين، وفيه الفساد يطغى فوق النزاهة، وفيه الاعتقال يحجب الحرية وفيه المخدرات والتهريب والبطالة وانعدام الكهرباء والغاز وفيه التشليح والتشبيح والخطف، فالمدنيون هناك أيضا لم ينجو من إجرام النظام .
نظام الأسد أثار العجب، فكيف استطاع أن يقتل الجميع، فمجازره ليست في القصف بالصواريخ والطائرات، بل مجازره في التجويع والتهجير والتعذيب والاعتقال، لكن الشعب السوري أثبت عبر سنوات عديدة، قوته و صلابته ليكتب رواية طويلة، عدد كلماتها لا تنتهي و حروفها مكتوبة بدم الأطفال والأبرياء، و يظهر للمستعبدين أن هناك في سوريا، لازال شعب ينادي بالحرية .
المركز الصحفي السوري_ خاطر محمود