كل من حطت رحاله في عمليات التهجير يدرك بخطوته الأولى ما هي القلعة وما هي النقطة الصفر، حيث تعتبر من الجزء الأهم لمجريات الثورة الآخيرة، وتأتي أهميتها كونها تابعة لمحافظة حماة التي شهدت إجرام القوات الأسدية المتمثلة بحافظ ورفعت الأسد في ثمانينات هذا القرن
في انتفاضة شعبية غير مألوفة لبلد أطبقت الأجهزة الأمنية سطوتها عليه، لبت قلعة المضيق نداء الثورة الأول بمظاهرات طالبت بإسقاط الحكم الأسدي ودعم الحراك السلمي، بينما قام النظام بالرد الهمجيّ على سلمية المطالب ليزج بقوة عسكرية في اقتحام المنطقة تاريخ 2011/11/3 وبحسب المركز الإعلامي للقلعة وثق عدد من الإعتقالات طالت شبان المدينة وتخريب في الممتلكات العامة والأثرية،
تمركزت القوات على أطراف القلعة أي الحدود الإدارية مابين القلعة وسقيلبية التي تعد من المناطق المؤيدة للحملات العسكرية على الثورة، إذ تصبح خريطة القلعة بشكلها الآتي: فصائل الجيش الحر تطبق سيطرتها داخل المدينة وطوق أمني يفرض حصاره على المخارج الرئيسة والفرعية باتجاه حماة، أوائل عام2012 أحرز النظام السوري بكثافة نيرانية ومدفعية تقدم استراتيجي على محور القلعة الأثرية المطلة على مساحات واسعة من سهل الغاب، لتبدأ المعاناة الإنسانية المستمرة حتى اليوم من قصف ونزوح وقتلى حيث وثق ناشطو المنطقة مقاطع تظهر قصف القلعة بالدبابات والمدفعية
أخذت مكانها جيوسياسي بوضوح من خلال تواجد الجبهة الإسلامية “حركة أحرار الشام” إلى جانب فصائل الجيش الحر، ومع ظهور الإقتتال الداخلي كشرخ جديد في صفوف الثورة شهدت اشتباكات عنيفة بين “هيئة تحرير الشام” و “أحرار الشام” و “الجيش الحر” لتفرض سيطرتها الهيئة في مطلع هذا العام الجاري، الجدير بالذكر أن عناصر الحر والأحرار هم من أبناء القلعة .
التغيرات الجذرية التي طرأت للمدن الخارجة عن سيطرة النظام كانت كفيلة بإعطاء الحراك الشعبي ثقة لسد فجوة غياب المؤسسات الحكومية والاستعاض عنها بالمجالس المحلية وحملات تسهيلية من قبل الأهالي.
يخبرني عبدالمحسن من القلعة، أن النظام استمر بتوليد الكهرباء على الرغم من خروج المنطقة عن سيطرته ويرجع ذلك لوقوع محطة التوتر العالي ضمن المحرر وبدورها كانت تعمل على تغذية بعض القرى التابعة للنظام المحيطة بالقلعة، أما عن الخدمات الآخرى كالمياه والصيانات البسيطة كانت مسؤولية المجلس المحلي الذي يتلقى دعمه من بعض المنظمات ومبالغ رمزية من سكان القلعة، بالنسبة للوضع الإجتماعي فعرفت القلعة أنها منطقة استقبال المهجرين كونها تشكل بوابة المحرر، الكثير من العائلات المهجرة من ريف دمشق وحمص ودرعا استقروا فيها لاستقبالهم من قبل الأهالي بشكللائق وتقديم المساكن المؤقتة والدائمة .
برسائل أكثر رسوخا وواقعية في التقدم، اشتد خطاب الإحتلال الروسي بخصوص تطبيق مقررات استانة، لتبدأ سياسية الأرض المحروقة يرفقها محاولات برية في الاقتحام، حيث أكد مركز الدفاع المدني وقوع ثلاث مجازر ارتكبتها الطائرت الروسية وتوسع دائرة القصف الصاروخي والمدفعي لتطل قرى وبلدات سهل الغاب وفي السياق ذاته يذكر أنها تابعة لمنطقة خفض التصعيد
أعلن الإعلام الثوري المحلي عن اجتياح النظام السوري القلعة وأطباق سيطرته بشكل كامل في تاريخ يوافق 2019/5/9 بعد اشتباكات لم توصف بالعنيفة، انسحبت الفصائل الثورية بعدها إلى محافظة إدلب وخلفت نزوح مئات العائلات إلى الشمال السوري وعدد من الجرحى والقتلى .
أسقطت قلعة الثورة بسقوطها؟ أم هي كسقوط طروادة التاريخي،
وماذا عن الفصائل الثورية اليوم بعد إعلان القوات الروسية سيطرتها التامة على ريف حماة وتغير موازين القوى وتقلص المساحة الخضراء؟
أتدرك الموقف قبل فوات الأوان في ريف إدلب الجنوبي؟ ..
بقلم هدى نصرالله