عرف الشعب السوري مع النظام النصيري برئاسة آل الأسد، جميع صنوف العذاب والإذلال والإهانة، قبل الثورة السورية اليتيمة وفي أثنائها، من تهميش وإقصاء، وقتل جماعي بحماة، وسجن تدمر وأمثاله مع التفنن في التعذيب بها، ثم القتل بالسكاكين والكيماوي وغاز الكلور والبراميل المتفجرة، وبجميع أنواع الأسلحة التي تحت يد بشار المجرم وشبيحته، ثم سياسة التهجير القسري وأخيرا سياسية التجويع للمناطق المحررة من طرف الثوار.
من هذه المناطق “بلدة مضايا” بريف دمشق، هذه البلدة التي فتحت بيوتها أمام من فرّ من أهل لبنان في حرب تموز/ يوليو 2006 بين حزب الضاحية الجنوبية الشيعي والكيان الصهيوني المحتل، والتي قَدمَ فيها “حزب حسن الله الإرهابي” نفسه على أنه المُعتدى عليه، والذي يدافع على أهل لبنان من غطرسة الصهاينة بفلسطين المحتلة، حيث أذل الصهاينة وأذاقهم طعم الهزيمة،كل هذه الادعاءات كانت كذبًا وبهتانًا.
فالثورة السورية المباركة فضحت حقيقة هذا الحزب الإرهابي، بعدما هَب لنصرة حليفه الأسد ضد الشعب السوري بذريعة “حفظ العتبات الشيعية المقدسة في سوريا”، فقد تحول من حزب الممانعة والمقاومة للصهاينة، إلى خنجر يطعن أهل الشام في القلمون وريف دمشق وباقي ربوع سوريا، وجاء اليوم الدور على سكان مضايا، والتي يحاصر فيها نظام بشار المجرم ومليشيا حسن الله أكثر من 40 ألف نسمة لأكثر من ستة أشهر، الكل يعاني في مضايا المحاصرة، الأطفال والنساء والمسنين والرجال، كل يوم يقرؤون في نواحي بلدتهم شعار سقوط الإنسانية في سوريا: “من لم يمت بالرصاص فليمت بالألغام، وإلا فليختَر الموت جوعا”.
تحيط ببلدة مضايا أ كثر من 6000 لغم وعدة حواجز تشرف عليها مليشيا حزب اللات الإرهابي، وتمنع من وصول المساعدات الإنسانية للبلدة، تحت نظر الأمم المتحدة أو “الأمم القلقة” التي تتدخل بقوة حينما يكون الإنسان المنكوب “غير عربي، غير مسلم”.
لكن الذي أفرحني وخفف حزني وأ كد صحة عقيدتي في هذا الشعب العظيم وإصراره على الحرية والكرامة والعزة وإن أحرقت سوريا من أجل ذلك- فهو الذي بنى حضارة سوريا، وسيبني سوريا مرة أخرى لكن بإنسان حر عزيز- خروج السوريين في عدة مظاهرات ووقفات احتجاجية تضامنا مع أهالي مضايا المحاصرين، رفعوا فيها شعارات التضامن القلبي مع إخوانهم الجوعى في بلدة مضايا.
شعارات التضامن والتكافل مع إخوانهم الهياكل العظمية بمضايا، وإن كانوا أنفسهم جوعا وتحت قصف يومي “ليل، نهار”:
“جسد واحد..ألم واحد”، “مضايا في القلب”، “الأسد أ كل لحم مضايا صغارا وكبارا”، “مضايا وردة بين النار والجوع”، “عيون تلمع..وبطون تصدح..وأرواح تصعد”، “الجوع ولا الركوع”، “بالروح والدم نفديك يا مضايا”، “مضايا نحن معك حتى الموت”، “نحن صائمون حتى تأ كلوا”.
قال أحد المتظاهرين: “صحيح لا نملك ما ندعم به إخواننا في مضايا، لكننا معهم بقلوبنا صدقا، لأننا نحس بما يحسون به”.
إن هذه المظاهرات والاحتجاجات التي عرفت عدة مناطق بسوريا جسدت بوضوح تام قول رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم كمثل الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى”، رواه مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، كتاب البر والصلة والآداب باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم (برقم 2586).
لقد لخص السيد أبو الحسن المالح رئيس المجلس المحلي في مضايا حال سكان مضايا- أطعمهم الله وسقاهم ونصرهم- : “كل يوم.. كل ساعة.. كل دقيقة.. كل ثانية.. يتحول سكان مضايا من السيء إلى الأسوأ”.
ثم رفع نداء إلى منظمات الرفق بالحيوانات قائلا: “نناشد منظمات الرفق بالحيوانات ورعايتها، أن تنقذنا من أ كل القطط والكلاب”. نقلا عن قناة ألمانية.
إن من وقاحة المنظمات الإنسانية بكل مسمياتها أن تجد لنفسها أعذار في ما يحث في مضايا،ويظهرون في الإعلام بعادتهم القبيحة المعروفة، حيث يساوون بين الجلاد والضحية، ويبررون تماطلهم بأسباب واهية وأعذار وقحة.
لقد صدق أبو الحسن المالح حينما استغاث المنظمات الحيوانية، فقد قرأت نكتة فيسبوكية خلاصتها:
“حماران اختلفا في موضوع، فبدت من أحدهما سلوكات سيئة أثناء النقاش، جعلت أحدهما ينعت صاحبه بالإنسان.
فغضب الآخر وقال: حاشاك أن أ كون إنسان، وهل رأيتني أقتل أو أذبح أو أُبيد إخواني الحمير، كما يفعل الإنسان مع بني جلدته”.
أستغفر الله تعالى وأتوب إليه،أن أ كون من أهل الجرأة والتألي على الله عز وجل، حينما قلت: “لقد حَنَت المنايا على أهل مضايا”.
ترك برس