لا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ على الصفحات الإخبارية في مواقع التواصل الاجتماعي نبأ مقتل السوريين الذين يحاولون عبور الحدود برصاص الجندرمة التركية، ورغم خطورة الوضع وعلم الجميع بذلك إلا أن مسلسل التهريب مازال مستمرا، والموت حليف من لم يحالفه الحظ ويتخطى تلك الحدود بطريقها الوعر ويقع بين أيديهم.
ولعل معظم الضحايا هم من فئة الشباب، والسبب الأبرز وراء تلك المغامرة المكللة بالمخاطر، البحث عن فرصة للعمل بعد أن أصبحت شبه مستحيلة وبالأخص في مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري.
ومع توافد أعداد كبيرة من المهجرين والنازحين من مختلف المناطق السورية، ومن المناطق الشرقية على وجه التحديد ( الرقة ودير الزور) هربا من تقدم قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية من جهة، و تنظيم الدولة من جهة أخرى، فإننا نجد أن هؤلاء الذين كتب لهم عمر جديد بتمكنهم من الهرب من تلك المناطق المشتعلة لا مشكلة لديهم أن يعرضوا حياتهم للخطر بتخطي تلك الحدود فهي سبيل النجاة الوحيد أمامهم وبصيص الأمل الذي سيخلصهم من كل ظلم وقهر عاشوه في بلدهم، فمناطق سيطرة الثوار ليست بأفضل حال مما هربوا منه مع انتشار ظواهر الخطف والقتل والتفجيرات المفاجئة التي تحدث في كل حدب وصوب هناك، ولعل معظم قتلى الحدود من تلك المناطق مايبرر ذلك.
وقلة فرص العمل وحياة الفراغ دفعت كثيرا من السوريين للعمل بتهريب البشر، فأصبح عددهم يفوق عدد من يرغب بالعبور لشط الأمان إن صح التعبير، ومن يتصفح الصفحات المعنية بهم يجد منشورات مغرية على مدار الساعة، أو إعلان بخدمات 5 نجوم لمن لديه القدرة على دفع مبالغ خيالية في سبيل الوصول، فلكل طريق سعر خاص والدفع بالقطع الأجنبي لأن العملة السورية لا تتماشى مع هؤلاء التجار، ومبررهم لذلك أن حلفاءهم الأتراك هم من يتقاضون معظم المبلغ وفي النهاية إما مصيرهم الموت بالرصاص أو في زنازينهم ليتعرضوا للضرب والإهانة ويؤول بهم الحال بالعودة من حيث أتوا بالإضافة لخسارتهم مادفعوا.
وفي الوقت الراهن هناك كثير من التساؤلات وإشارات الاستفهام عن مصير الشمال السوري في ظل انعقاد مؤتمر أستانة 6، ويبقى المصير مجهولا حتى انتهائه وإصدار مقرراته التي هي على الغالب لن تتماشى مع متطلبات الشعب، ليستمر المسلسل بحلقاته ويبقى التهريب شغلهم الشاغل وأمل السوريين بالبقاء على قيد الحياة.
المركز الصحفي السوري_ سماح الخالد