لطالما استخدم نظام الأسد شتى أنواع الأساليب في محاولة بائسة منه للتأثير على آراء وتوجهات المواطنين في المناطق المحررة ولرفع معنويات شبيحته ومناصريه في المناطق التي يُسيطر عليها ، وكانت الرسائل القصيرة ( SMS ) التي يمررها النظام للمشتركين بشكل يومي عبر شركات الاتصالات الخلوية التابعة له من أكثر الأساليب استعمالاً في الآونة الأخيرة ، فما هي ردة فعل المواطنين السوريين في المناطق المحررة عندما تصلهم تلك الرسائل ؟ يقول الشاب رامي ” 28 عام ” : كان الهاتف النقال بالنسبة للسوريين وسيلة للتواصل فيما بينهم أما الآن فقد أصبح مجرد لعبة يلهو بها الأطفال لعدم توفر التغطية في أغلب المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة . ويضيف : لا أسمع رنة هاتفي النقال إلا في حال وصول رسالة نصية من إحدى شركات الاتصال ودائماً ما يكون مضمونها كالرسالة التي وصلتني صباح اليوم ” الإرهاب إلى زوال … والجيش العربي السوري منتصر ” حينها قلت في نفسي : ” يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم … ما هذا الجنون مازال النظام يعتبر نفسه منتصراً ومازال يريد منا أن نصدقه ” . من جهته حدثنا السيد أبو أيهم ” 47 عام ” قائلاً : وصلتني رسالة فحواها ” آردوغان وأجداده غزاة عبر التاريخ لا خير فيهم ” للوهلة الأولى لم أصدق أن هذه الرسالة وصلتني من نفس النظام الكيماوي المجرم الذي يقتل شعبه ليل نهار. ويتساءل بقوله : هل يعتبرنا النظام جهلة إلى هذا الحد ؟ … لقد شاهدنا كيف فتح آردوغان أبواب تركيا على مصراعيها للسوريين وكيف قدم لهم شتى أنواع التسهيلات وعاملهم معاملة الضيوف ورفض تسميتهم باللاجئين ، ومازلنا نشاهد كيف يُشرد الأسد شعبه ويقتلهم بلا أي رحمة أو شفقة . ويردف قائلاً : يستخدم النظام هذا النوع من الرسائل ليُوهم مناصريه أنه مازال متماسكاً للحد الذي يستطيع فيه توجيه الشتائم لمن يعتبرهم أعداءه ولرفع معنويات شبيحته وجيشه وللتغطية على فشله وخسارته للعديد من المناطق في الآونة الأخيرة . أما السيدة أم سامي ” 39 عام ” فتقول : ( يداً بيد ليكون عام 2015 عام الانتصار ) عندما أقرأ مثل هذه الرسائل أشعر بأني يجب أن أضحك طويلاً ، وتضيف : عن أي يدٍ يتحدث هذا النظام ويداه ملطخة بدماء الأبرياء وعن أي انتصار وقد دمّر سوريا شعباً وممتلكات . أنهت أم سامي كلماتها والحسرة بدت على مُحيّاها وهي تردد : ما زال هذا النظام يعاملنا على أننا أغبياء وعبيد لديه ويجب أن نصدق كل ما يقوله حتى وإن قال لنا أن اللبن أسود . فيما ترى السيدة نوال ” 24 عام ” أن هذا النوع من الرسائل يُبين مدى استهزاء النظام بشعبه واستخفافه بعقولهم . وتضيف : عندما يتحدث النظام عن بطولات جيشه بهذه الطريقة السخيفة وجميعنا نعلم ما هي أفعال هذا الجيش وما سبّبه من خراب ودمار فهو يدفعنا إلى السخرية منه . وتتابع قائلةً : الجوال بالكاد يعمل والاتصالات صعبة للغاية ، لقد اعتدنا على هذا الهراء وعلى هذه الرسائل التشبيحية كلما سمعنا النغمة المخصصة للرسائل القصيرة . وفي هذا السياق يقول الشاب خالد ” 20 عام ” : كل يوم تصلني رسالة أو رسالتين تروج لانتصارات الجيش السوري وشبيحة النظام والمزعج في الأمر أنني أتلقى نفس هذه الرسائل على رقمين مختلفين كل رقم تابع لشركة اتصال دون استحياء من هذه الشركات في أنها تخضع لنظام الإجرام والقتل وهي على علم بأن المشتركين من مختلف الطوائف والتوجهات السياسية . ويضيف: أنا شخصياً أعتبر شركات الاتصال السورية شريكة ومتورطة في دماء الأبرياء فهي تساهم في الترويج لأكاذيب النظام وتوفر خدمات أخرى تدعم شبيحته مثل خدمات الأخبار العاجلة وحملات التبرع للجيش السوري ومجموعاته التشبيحية . من جهته يقول مهندس الاتصالات السيد أبو محمد لأورينت نت : من المعلوم أن نظام الأسد المخابراتي يسيطر على مختلف أنواع الاتصال ويُسيّرها حسب رغباته وأهواءه وكثيراً ما يستخدم هذه الوسائل لدب الرعب في قلوب البسطاء من الشعب . ويضيف : من خلال عملي السابق في العديد من شركات ومراكز الاتصالات أعرف من يدير تلك المراكز خصوصاً إذا ما علمنا أنه يوجد في كل مركز اتصالات مفرزة أمن عسكري تتحكم بالعاملين في هذا القطاع وتسيّرهم كما تشاء . ويختم حديثه بقوله : جميع الاتصالات مراقبة بشكل دقيق وأكثر الخطوط التي تخضع للمراقبة هي خطوط أقرب الناس للنظام وكبار ضباط الجيش وأجهزة الأمن والمخابرات ، فالنظام يعمل بمقولة : احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة فربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة .
المصدر: أورينت نت