طيلة تسع سنوات من عمر الثورة السورية، و النظام السوري يقتل السوريين ويدمر مناطقهم ومنازلهم ومستشفياتهم بكل وسائل القتل الهمجي بمساعدة حلفاءه (روسيا وإيران) .
وباتت القضية السورية ينظر لها من باب المصلحة (الفائدة أو الضرر) من قبل دول العالم، ولكن ضمن عملية مراقبة وإحصاء للجرائم التي يرتكبها النظام وحلفاؤه ضد الشعب السوري، بغرض المحاسبة عليها بعد الانتهاء كما يصرحون .
فعلى مر السنين الماضية كانت المعادلة الثلاثية التي يعيشها الشعب السوري: شعب يتعرض للقتل والإبادة والتنكيل والتدمير، والنظام مع حلفاءه يدمرون ويقتلون ويعذبون مستخدمين كل أنواع الإجرام وأساليب إنهاء طرق الحياة، ومجتمع دولي يراقب ويتأمر أو يتخاذل في إنقاذ شعب تعرض لأطول وأبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ المعاصر .
ومع انتشار فيروس كورونا وتداعياته على دول العالم، بدأ الشعب السوري في المناطق المحررة يلتمس ويشعر بمعادلة ثانية لأول مرة منذ بدء الثورة السورية، وهي الخوف من عدو ليس له علاقة بالبشرية (القاتلة والمتواطئة والمتخاذلة والصامتة على عذابه و آلأمه) لكن هذا العدو كما يستهدفه فإنه في نفس الوقت يستهدف من قتله وهجّره، و يستهدف من تأمر وتخاذل وصمت على قتله وتهجيره .
هذا العدو لا يميز بين شعب مظلوم يعايش الموت والمعاناة وبين من ينشر الموت والمعاناة، ولكن مع بعض الفروق الظرفية الميدانية فقاتل الشعب السوري وشريكه في مواجهة العدو الجديد (المشترك)، كان قد دمر المستشفيات والمرافق الطبية والخدمية و دمر مدنا و بلدات كاملة و هجر الناس وجعلهم هائمين على الحدود وفي مخيمات جماعية تفتقر لأدنى سبل الحياة ومازال يحتفظ في سجونه عشرات الألاف من المعتقلين .
ففي الشمال السوري يتواجد أكثر من أربع ملايين نسمة تهجر أكثر من مليون منهم من مدنهم وبلداتهم وقراهم وتجمعوا في مخيمات بسيطة على الحدود السورية التركية هربا من القصف الجوي والاجتياح البري للنظام وحلفائه، ولم يتبق في الشمال السوري سوى بضعة مستشفيات تعمل بإمكانيات محدودة، حيث دمر النظام وروسيا أكثر من 50 مستشفى ومرفق طبي وصحي .
ورغم كل ذلك ربما لا ينظر السوريون إلى كورونا ( عدو البشرية ) على أنه عادل حتى في القتل على ممن يختارهم من البشر، ولكن ينظرون إليه كونه لا يميز بين شعب بسيط وأعزل وبين حكام ودول طغوا وتجبروا, وربما ينظرون اليه كونه قد يصنع ويفرض فاصل زمني حقيقي يبعد عنهم شر بعض أصناف الفيروسات البشرية القذرة (الأضعف منه) التي تقتلهم وتهجرهم وتتأمر عليهم , فكورونا لا يعمل وفق نظام الأمم المتحدة الحالي ولا يوجد فيتو روسي وصيني على قراراته وعمله, وحتى بين أطفالهم ربما يسود بعض الأمل العفوي بأن كورونا (المرعب للعالم والمدمر للاقتصاد الدولي ) قد يكون حليفا لهم بإبعاد القتل عنهم , ففي الثورة السورية الطائرات تقتل أكثر منه بكثير وكورونا لا يقتل الأطفال .
المركز الصحفي السوري _ حسان رحال