كانت إدلب حتى عام 2012 تحتل المرتبة الأولى في سوريا من حيث مساحة الأرض المزروعة بأشجار الزيتون وعدد المعاصر المنتجة لزيت الزيتون، إلا أن الإنتاج بدأ منذ عام 2013 بالتراجع واستمر حتى الموسم الحالي بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية جراء الحرب التي يشنها النظام السوري ضد المعارضة.
مع نهاية الخريف وبداية الشتاء من كل عام يأتي قطاف الزيتون وعصره,
يعود هذا الموسم لأصحابه بعائد مادي سنوي يساعدهم على تسديد الديون وشراء مستلزمات الشتاء ويخص موسم القطاف محافظة إدلب أكثر من غيرها لغناها بأشجار الزيتون التي تمتلك مساحات واسعة على أراضيها حيث شهدت في السنوات القليلة الماضية تراجعا ملحوظاً في زيادة المساحة والإنتاج حيث بلغت المساحة تقريباً حوالي130ألف هكتار فـ لشجرة الزيتون أهمية كبيرة لدى أهالي إدلب وفي العديد من قرى ريف إدلب يتوارث الأهالي مزارع الزيتون أباً عن جدّ ولا يفرطون فيها مهما ساءت أحوالهم.
يقول أبو محمد من أبناء قرية عقربات في ريف إدلب الشمالي الرجل الستيني من العمر “بدأنا منذ أيام قطاف الزيتون نعم القطاف متعب لمن هم في عمرنا لكنه تعب جميل ;لدي أرض واسعة مشتركة مع أبنائي ففي كل عام جميعنا يستعد لموسم القطاف من خلال الاعتناء بالأشجار وسقيها وحراثة الأرض وتنظيفها فمنذ سنوات كنا نجتمع شباب العائلة مع نسائها للتعاون بالقطاف،فقطاف الزيتون عندنا هو مناسبة جامعةلنا و لها أهمية كبيرة. جميعنا كباراً وصغارا ننزل إلى الأرض خلال فترة القطاف، وأُأَكد أنه في السابق كان للقطاف بهجة أكبر كانت فرصة لنجتمع جميعنا ونتبادل الأحاديث والأغاني وغيرها ولكن في الوقت الحالي أصبح البعض يجد القطاف ثقيلاً وبعض العائلات لم يعد لديها شباب يساعدونها بالقطاف فالأغلبية هاجر بسبب الوضع الراهن في المنطقة لذا أصبحوا يستعينون بالعمال المأجورين من القرى المجاورة فالنساء لهم الأولوية للعمل بقطف الزيتون ويقوم أصحاب الزيتون بجلب العاملات بسعر محدود لجني مواسهم.
فالحاجّة أم عبدو إحدى العاملات في القطاف حدثتنا عن كيفية القيام بجمع الزيتون
فقالت: “من ميزات موسم قطف الزيتون أن مجموعة من العاملات تجتمع على شجرة الزيتون وفق طقس من التعاون ونقوم بقطف حبات الزيتون بأيدينا على قطع من القماش وعند خلاص الشجرة نقوم بلملمة القماش وجمع حب الزيتون ووضعه داخل أكياس وعند انتهاء يومنا يأخذونه إلى المعاصر، نعمل قرابة 8 ساعات، قبل الظهر تقوم إحدى العاملات بجمع الحطب لإشعال نار لتحضير شاي على الحطب ونأكل زواداتنا تحت شجر الزيتون،نعمل دون إحساس بمضي الوقت، أيام القطاف أيام جميلة مليئة بالبهجة والسرور”.
وهكذا تقوم إدلب وغيرها بجني المحصول الذي يعد نعمة ربانيٍة تقدمها لنا هذه الأشجار المباركة فالزيتون ذهبٌ سائل ورمز السلام في الدّين والأدب فأشجار الزيتون تمثل لغة صمت عميقة وفي حضارات كثيرة اعتبرت شجرة الزيتون ملكة الأشجار كونها شجرة مباركة دائمة المقاومة والصمود وعطاؤها وافر ومفيد من زيتها وزيتونها وأوراقها وخشبها ففي شجرة الزيتون أسرار كثيرة لايمكن لأحد أن يدركها لأنها من أشجار الجنة
المركز الصحفي السوري_
خزامى الحموي