“إن أكبر مصيبة علينا هو سقوط الأسد” و “عندها لن يبقى هناك قضية فلسطينية”، “ما يجري في سوريا صيف قاحل وليس ربيعًا عربيًّا”، هكذا صرحت حركة فتح بداية الاحتجاجات في سوريا، بعد ثلاثين عام من الصراع الدموي بينها وبين سلطات الأسد،
والمجازر التي ارتكبتها ميلشيات النظام السوري وميليشيات فلسطينية أخرى في مخيمات لبنان عقب اجتياح 1982، ويعود للذهن ما أطلقه حافظ الأسد على السلطة الفلسطينية، بسلطة أوسلو بعد اتفاقية أوسلو 1993.
الزيارة ومواقف النظام والثورة
يتفاخر إعلام النظام بزيارة وفد رفيع المستوى من حركة حماس إلى دمشق، كما تفاخرت منصات حماس لذات السبب، لمناقشة قضايا الأمة والقضيّة الجوهرية كما وصفها الاعلام من الجهتين، بعد انقطاع دام عشر سنوات، فأعلنت في وقت سابق حماس في أيلول الماضي، أنها مستمرة في تطبيع علاقاتها مع النظام السوري.
وبالعودة لحركة فتح وتاريخ العلاقات، نجد أن احتواء النظام السوري لحركة حماس، كان ردة فعل لا أكثر على وقوف حركة فتح والتي تمثل السطلة الفلسطينية في حرب الخليج الأولى مع المحور العراقي ضد إيران حليفة الأسد، الذي بدوره يبحث عن سرداب يدخل من خلاله باب المقاومة بعد فضائح حرب تشرين وغيرها، فاستقبل الحركة وافتتحت مكاتب التمثيل، واستحوذت دمشق على التمثيل الرسمي لحماس، بعدما طردت الأردن خالد مشعل وقادة آخرين مطلع الألفية الجديدة، إذا هو استمرار التطبيع وليس القطيعة، فلا بدّ من مراجعات للقضية منذ انطلاق الثورة.
النظام السوري الذي يختبئ دائماً وراء شماعة القضية الفلسطينية، وقضية الممانعة والمقاومة، وضع في مأزق حرج من قضية عشرين ألف فلسطيني في مخيم اليرموك على أطراف دمشق منذ بدء الاحتجاجات، وهذا ما وضع الحركات الفلسطينية المتواجدة في دمشق بنفس المأزق، إما الوقوف مع النظام السوري الذي يحتوي الفصائل التي تعارض السلطة الفلسطينية وعلى رأسها حماس، وهذا يعني التناقض مع مبادئها التي تنادي بالحرية في فلسطين أو الوقوف بجانب الشعب الذي ثار ضد الأسد، وبالإضافة للمواقف الدولية بين تركيا وقطر من جهة وإيران التي تحتضن حماس لغاية التوغل في منطقة الشرق الأوسط من جهة الأسد.
وهذا الضغط الذي دفع حماس في بداية الثورة السورية، بتصريح غير مفهوم واتهم بالموارب من طرفي النزاع في سوريا.
ففي بيان للحركة تقول، أكدت حماس على أنها تقف مع سوريا “قيادة وشعبا”، وذلك من باب الوفاء لسوريا التي وقفت “مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة واحتضنت قوى المقاومة الفلسطينية، وخاصة حماس”.
وتمنت حماس “تجاوز الظرف الراهن بما يحقق تطلعات وأماني الشعب السوري، وبما يحفظ استقرار سوريا وتماسكها الداخلي ويعزز دورها في صف المواجهة والممانعة”.
وغادرت الحركة دمشق التي كانت تضغط للحصول على تصريح أكثر وضوحاً، وفي الخامس تشرين الثاني 2012، اقتحمت قوات النظام مكاتب حركة حماس في دمشق، بعد عدة أشهر من مغادرة خالد مشعل سوريا، وفق ما أكّدت الحركة في بيان لها.
وأشارت الحركة إلى أن النظام دهم المقار وجردها من محتوياتها وغير أقفالها وصادر السيارات.
التصريح نفسه الذي أعاد للأسد قضية مكاتب التمثيل لحركة فتح أوسلو كما وصفها، فرحب بعودة حركة فتح الأم في مطلع 2012 إلى دمشق وسلمها مكاتب فتح التحرير الانتفاضة التي انشقت عن فتح الأم، وتمثلت العودة بإقامة مهرجان خطابي بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين للنكبة، متجاهلة مطالب الشعب الفلسطيني المهجر من مخيم اليرموك بالعودة إلى بيوتهم في المخيم وهذا ما كان انتصار ثنائي برأي كل من حركة فتح محمود عباس ونظام دمشق، إذ الحركة لا تتعدا كونها حركة مهرجانات خطابية ونظام دمشق الذي أعاد غطاء الممانعة بثياب فتح الممزقة.
الزيارة المرتقبة
وصل الوفد إلى دمشق من بيروت بعد زيارة إلى الجزائر المعروفة بصداقات مع دمشق والتي يشار إليها أنها وسيط حماس عند الأسد للعودة، ولكن ماذا تريد حماس الفصائل الفلسطينية المتواجدة في دمشق تمثل الشريحة السياسية الأوسع في الانتخابات التشريعية الفلسطينية القادمة، ولنظام أسد تأثير كبير في التحالفات والرهانات لما يملكه من أوراق ضغط على رأسها اللاجئين الفلسطينيين، وهذا ما جاء بحماس لتحصيل مقاعد وليس كما أرادت ان توهم المجتمع الفلسطيني بحركات التحرر.
فالقاصي والداني بات يعرف أن مكاتب الحركات الفلسطينية في سوريا ما هي إلا منصات للخطابات المخدرة للشعوب، أما المقاومة الفلسطينية فهي اختصاص الشارع الفلسطيني الذي أرهقته هذه الحركات ولم تقدم له سوى الخراب.
عادل الأحمد / تقرير خبري