يعيش الآلاف من سكان حي الوعر آخر معاقل المعارضة والثوار في حمص معاناةً شديدةً؛ جراء الحصار المفروض عليه من قوات الأسد منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2013.
وكشفت صحيفة “التايمز” البريطانية حجم معاناة 15 ألف عائلة في حيّ الوعر، والذي فرضت قوات الأسد عليه حصارًا شديدًا؛ حيث حدد حركة تنقّل السكان الداخلين والخارجين من الحي بشكل انفصالي فظيع، بحيث تحظر من لا يملك بطاقة موظف أو بطاقة طالب أو تقرير طبي، إضافةً إلى ذلك فحواجز قوات الأسد تحظر إدخال الأغذية والأدوية والمحروقات، كما احتلت قوات الأسد مشفى المنطقة الرئيسي (مشفى حمص الكبير)، وانتشرت فيه القناصة والشبيحة؛ فأصبحت كأنها قطعة عسكرية كاملة بخدمة “الأسد”.
ونقلت الصحيفة عن أحد نشطاء الحي قوله: “هذه هي أسوأ أيام، نحن تحت رحمة الأسد أكثر من 300 ألف من المدنيين يواجهون الموت جوعًا، وتحت قصف ونيران القناصة، لا يمر يوم واحد دون أن نفقد مدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، القناصات التابعة للنظام والتي حاصرت الحي بأعداد كبيرة تستهدف كل شيء يتحرك”.
وأضاف: “بالنسبة للمصابين لا توجد أي وسيلة للخروج من الوعر، ليس لدينا إلا مشفى ميداني واحد وطبيبان”، مؤكدًا: “نحن نعاني من نقص حادٍّ في الأدوية والإمدادات”.
وأوضح التقرير أن الظروف المعيشية في حي الوعر تتدهور بسرعة مع القبضة المتشددة للنظام حوله، والإمدادات أوشكت على النفاد، السكان يعيشون على تضاؤل إمدادات الغذاء المعلب، كما تعرّضت محطة الكهرباء الرئيسية في المنطقة بقذائف المورتر، وترك الحي بدون كهرباء إلى الآن، وقد تم إغلاق المدارس مجددًا؛ لأن الأهالي تخاف من إرسال أطفالها إلى الشارع في هذه الظروف الخطيرة.
لم يتبقّ من حي الوعر سوى نحو 50% من المباني الصالحة للسكن، بعد أن دمرت مئات القذائف المدفعية والصاروخية والأسطوانات المتفجرة والصواريخ الثقيلة نحو نصف مباني الحي بالكامل، وقد دخل شتاء قاسٍ وصفه الأهالي بالسلاح الجديد الذي تسخره قوات الأسد لقتل المدنيين عبر قطع كل وسائل التدفئة المعتادة؛ فلجأ المدنيين لقطع الأشجار؛ مما أدى لكشف عورات الحي أمام القناصين.
وأشار التقرير أن الأنظار توجّهت إلى حي الوعر آخر معاقل الثوار بعد خروجهم من أحياء حمص القديمة إلى الريف الشمالي في صفقة تبادل أسرى مع قوات الأسد، حيث قام النظام بفتح خط للمفاوضات مع مقاتلي الثوار في الحي، والتي لم تكن جدية في المرات السابقة، كما وصفها “أبو مصعب” أحد أعضاء لجنة التفاوض.
وعن بنود الهدنة الأخيرة يقول “أبو مصعب”: “البنود الأخيرة غير منطقية ومرفوضة من قبل المقاتلين؛ حيث تشترط تسليم الثوار سلاحهم الثقيل وتسوية أوضاع المنشقين والملاحقين أمنيًّا”.
كما أنها تشترط أيضًا أن يدخل جيش الأسد الحي للتفتيش فقط وسحب الآليات الثقيلة على أن يخضع الحي لاحقًا لسيطرة جهاز أمن الدولة والشرطة المدنية، وذلك مقابل فك الحصار عن حي الوعر وإطلاق سراح المعتقلين، وهو ما رفضه الثوار.