حلبيون في الساحل السوري: نريد العودة إلى مدينتنا

منذ سنوات وأبناء حلب تُبعثرهم الظروف بين نازحٍ في المدن السورية الأخرى، ولاجئٍ في دول الجوار وأوروبا. غير أن الشريحة الأكبر منهم اتجهوا نحو محافظتي طرطوس واللاذقية الساحليتين والقرى المحيطة بهما، ويقف هؤلاء اليوم أمام قرار العودة إلى ما تبقّى من مدينتهم أو البقاء في مناطق الساحل.
 
أكثر من مليون لاجئ
 
تشير تقديراتٍ غير رسمية يتحدّث عنها صحافيون وناشطون مقرّبون من النظام إلى أن محافظة اللاذقية وحدها يعيش فيها حوالي 800 ألف نازح من حلب، بينما يعيش عشرات الآلاف في طرطوس، ليتجاوز عدد الحلبيين مليون نسمة في كلتا المحافظتين.
ينقسم هؤلاء النازحون إلى ثلاث طبقات، الأولى فئة المستثمرين وأصحاب المصانع والاستثمارات ورؤوس الأموال الذين استأنفوا أعمالهم في الساحل بما فيها المشاريع المتوسطة والصغيرة، بينما تضم الطبقة الثانية الأشخاص العاديين الذين انتقلوا ليعيشوا ويعملوا هناك، في حين يبقى هناك النازحون الذين تركّز معظمهم في الصالة الرياضية بمحافظة اللاذقية ومخيمات بُنيت لهم في طرطوس.
 
انتقلت المصانع الكبرى والمتوسطة من حلب إلى اللاذقية بطريقتين، الأولى عبر السرقة المباشرة من قبل مسلحين موالين للنظام، وفق ما بات معروفاً بالـ “التعفيش” حيث أقدمت الميليشيات على تفكيك عددٍ من المصانع ونقلها إلى اللاذقية، في حين قام صناعيون حلبيون بنقل مصانعهم بشكلٍ طوعي إلى الساحل السوري، ولا سيما في ظل التسهيلات التي منحها النظام لعملية النقل هذه.
 
 
هاجس العودة إلى ركام المدينة
من ضمن مجموعة أشخاص التقتهم “صدى الشام” عبّر معظمهم عن نيتهم بالعودة إلى حلب مهما كانت ظروفها أو حجم الدمار أو الكوارث الاقتصادية التي تعانيها المدينة.
يرغب “فيصل” بالعودة حتى لو كان منزله أو مصنعه مدمّراً بشكلٍ تام، ويقول: “ليس مهماً حجم الضرر في مدينة حلب بقدر ما يهم ألا نتركها نحن أبناءَها ليعيش فيها الغرباء، أو تبقى مغلقة على أقل تقدير”، يتابع الرجل الأربعيني”: في كل الأحوال فإن مواجهة حجم الدمار الناجم عن الحرب في المدينة هي أمامنا فلنواجهها الآن أفضل من في وقتٍ آخر”.
نزح فيصل مع زوجته وابنته الصغيرة إلى مدينة اللاذقية مطلع عام 2013 وبدأ العمل هناك في شركة مختصة بهندسة الحواسيب، حيث تعرّض منزله في منطقة الميسّر شرق حلب لدمارٍ كلّي بسبب القصف الذي شنّته الطائرات الروسية حينها.
 
تشاركه الرأي “ميادة” وهي امرأة حلبية كانت تعمل مدرّسة لغة فرنسية وانتقلت إلى ريف طرطوس، وتقول: “إذا لم نعد إلى مدينتنا فإنها حتماً ستكون للروس والإيرانيين، أو على الأقل سيسيطر على منازلنا مسلحون سوريون موالون للنظام”.
وتضيف: “صحيح أننا نزحنا إلى الساحل السوري، لكن هذا لا يعني أبداً أن يستولوا على منازلنا إلى الأبد، والحل الوحيد لتجنب ذلك هي العودة والجلوس في منازلنا حتى لو كانت مجرّد أحجارٍ مدمّرة”.
 
لسنا مؤيدين
“اتهمنا جميع السوريين بأننا موالين للنظام عندما اتجهنا إلى الساحل” هذا ما يقوله “بلال” الشاب الحلبي النازح إلى مدينة جبلة، ويضيف: “نحن لسنا كذلك”.
يضيف “بلال” :عندما اشتد القصف علينا لم نجد مكاناً آمناً نلجأ إليه داخل مدينة حلب، فالأحياء الشرقية للمدينة كانت تحت نيران قصف النظام، في حين كان وضعنا في الأحياء الغربية لمدينة حلب سيئاً للغاية، حيث تم وضعنا في المدينة الجامعية لحلب، وأصبحت المعونات والطعام تأتينا من المنظمات الإغاثية بعد أن كان لدينا مصانع ومحلاتٍ تجاريةٍ خاصة بنا”.
وأضاف: “قرّرت مع إخوتي وبقية عائلتي التوجه إلى الساحل السوري واستأنفنا عملنا هناك ريثما يعود الهدوء إلى مدينتنا”، مشيراً إلى أنه “حان الوقت الآن لعودة الأهالي إلى منازلهم وبناء مدينتهم ومنع إحداثٍ تغييرٍ ديموغرافيٍ فيها لأنهم الوحيدون القادرون على فعل ذلك”.
ولفت إلى أن أهالي حلب في الساحل تعرّضوا للكثير من الاستغلال في الأموال والعمل والأجور إضافةً إلى المبالغ الكبيرة التي دفعوها كأجور منازل، موضحاً: “كنا ندفع أجور منازلنا ومحلاتنا أضعاف إجرتها الحقيقية”.
 
 
أبناء المخيّمات أيضاً
“مهما كان الوضع سيئاً في حلب فإنه سيكون أفضل من الحياة في المخيمات والذل الذي نتعرّض له هنا” تقول “حسنة” وهي امرأة ستينية استطعنا التواصل معها عن طريق الشاب بلال المقيم في مدينة جبلة.
تتابع  “حسنة” قائلة :”لا أحد يعرف معنى أن تعيش في مخيمٍ لمدّة أربع سنوات بعد أن كنت في منزلك إلا من عاش هذه اللحظات”، مضيفةً أنه بعد كلِ تفجيرٍ أو حادثٍ أمني يحصل في الساحل السوري فإن الخاسر الأكبر يكون سكّان المخيّمات البسطاء الذين يتعرّضون لهجومٍ من قبل مسلحين من المدينة.
يعيش معظم هؤلاء النازحين في مخيّم “الكرنك” طرطوس و”المدينة الرياضية” في اللاذقية معظمهم من محافظتي حلب وادلب.
 
 مستقبل ضبابي
على الرغم  من الرغبة الكبيرة للحلبيين الموجودين في الساحل السوري بالعودة إلى مدينتهم إلّا أن كثيراً من الأمور قد تكبح هذه الرغبة، يأتي على رأسها عدم وضوح مستقبل مدينة حلب.
إضافةً إلى ذلك فإنه من الصعب نقل المصانع دون الحصول على تصريحٍ أو تعميمٍ بذلك من قبل نظام الأسد، ولا سيما بعد الحركة الاقتصادية والانتعاش الكبير الذي شهده الساحل السوري عقب وصول سكّان حلب إليه، وذلك باعتراف سكّان هذه المناطق أنفسهم.
صدى الشام

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist