زهيراحمد
في مقال تحت عنوان «الافيون بكم الكيلو؟» آماطت صحيفة «رسالت» يوم 18 يناير اللثام عن 37 عاما من الجريمة والنهب في حكومة الملالي وأشارت الى قلة موازنة الحكومة تحت عنوان اقتراح «مصدر جديد لتوفير الائتمان» «للحكومة» واقترحت امكانية بيع المخدرات وقالت : «نعم، المخدرات… كل شهر يتم العثور على أكثر من 60 طنا من المخدرات في البلد… هذا الحجم بالطن من المخدرات ما هو مصيره؟ هل يتم حرق هذه الكمية بحضور ممثلي الأمم المتحدة الذين ليس من المعلوم أنهم رفاق السراق أم شركاء القافلة ثم يتم التقاط صور في حفل أم يتم بيعها الى الشركات المصنعة للعقاقير؟» من الواضح أن العبارة الصحيحة في هذه الفقرة هي «بيع المخدرات» وبقية العبارات كلها تأتي من أجل التضليل ثم يتابع المقال «يحرقون وكذلك يبيعون» ثم يتساءل: «عندما يمكن بيعها فلماذا تحرقونها؟» ثم تعترف هذه الصحيفة الحكومية الى عوائد مفقودة ناجمة عن بيع المخدرات التي لم تندرج في أي من فقرات موازنة الدولة وتسأل «تفضلوا واكشفوا لنا في أي حقل من الايرادات في الموازنة العامة للبلاد تندرج الأموال العائدة من بيع المخدرات ؟».
من الواضح جدا أن بيع المخدرات من قبل قوى الأمن الداخلي وقوات الحرس التي هي على الظاهر الجهة التي تضبطها لا يندرج في أي حقل من الموازنة. المبالغ يتم ابتلاعها أو حسب قول وزير الداخلية للنظام «المبالغ القذرة الناجمة عن عوائد المخدرات تؤمن نفقات الحملات الانتخابية والنشاطات السياسية». وبهذا الصدد أفادت وكالة أنباء النظام الرسمية ارنا يوم 23 فبراير 2015 أن وزير الداخلية صرح بأن «جزءا كبيرا من الفساد الاخلاقي في البلد يعود الى دخول الأموال القذرة الى السياسة».
كما أشار رحماني فضلي وزير الداخلية للنظام في تلفزيون النظام الى رقم هذه المبالغ وقال «10 ألف مليار تومان هو السيولة النقدية للمخدرات في البلد». (تلفزيون النظام 21 فبراير 2015).
انه مبلغ يماثل المبلغ الذي اعترفت به صحيفه «رسالت» الحكومية في 18 يناير في تناولها عوائد بيع المخدرات وكتبت تقول «سيادة رئيس شرطة مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي (صحيفة كيهان 13 يناير2016) يكشف عن العثور على أكثر من 420 طن من المخدرات خلال 9 آشهر من العام الجاري… بكم مليون تومان يباع كل كيلو من الافيون و كل كيلو من الهيروئين وكل كيلو مادة ”الشيشه“ التي يمكن تحويلها الى مورفين وغيرها من العقاقير المشابهة في سوق البورصة المحلية والخارجية؟ مليونين؟ 5 ملايين؟ أو 20 مليون تومان؟ أي مبلغ؟ وبالمقارنة بين هذه التسعيرات وبين سعر سبيكة الذهب كيلو واحد في السوق العالمي ما هي الحلول المتصورة للفريق الاقتصادي والتخطيط وتدوين الموازنة للحكومة الحادية عشرة؟ وفي حساب أبجدي وبالحصول على 420 طن فقط من المواد المعثور عليها حتى نهايه شهر آذر (منتصف ديسمبر) وفي منتصف آذار يصل الى أكثر من 600 طن يتم تزويد الموازنة بملبغ 1200 مليار تومان اذا ما حسبنا كل طن 20 مليون تومان بمصادر ائتمانية في موازنة الدولة.
600 طن×1000 كيلو×20 مليون تومان= 12000
واذا حسبنا 12000 مليار تومان بالعملة الصعبة بالسعر الحكومي في موازنة الدولة لعام 2015 يعادل 4 مليار دولار ائتمان العملة من الايرادات واذا حسبنا كل برميل نفط اوبك ب30 دولار نحصل على 134 مليون برميل نفط».
لماذا لم تندرج هذه الايرادات خلال السنين الـ37 الماضية قط في الموازنة الرسمية فان صحيفة «رسالت» الملالي تلتزم الصمت كونها تعرف جيدا أن مسؤولها الرسمي ليس سوى الذراع العسكرية للولي الفقيه. كما تم السكوت على جانب آخر من القضية لماذا تم الان الاهتمام باقتراح بيع هذه المواد وادخالها في الموازنة الحكومية وأي صراع دفع قوات الحرس لكي تغمض العين عن هذه المبالغ القذرة الخيالية وأن تدخلها في صندوق الدولة أو كم تحصل على الفائدة عبر هذه المبالغ.. ولكن يمكن حصول عدة نتائج من هذا الموضوع:
اولا ان وضع الافلاس في توفير مصادر مالية بلغ حدا من التدهور حيث دفع الخبراء في اقتصاد النظام الى الاقتراح لانتزاع امتياز بيع المخدرات من قوى الأمن الداخلي وقوات الحرس وادخاله في الموازنه الرسمية.
ثانيا ترويج مصطلح استخدام المخدرات في العقاقير من 600 طن من المخدرات المعثور عليها في العام ليس الا غطاء على نشر المخدرات في البلد من قبل القوات القمعية. وكنموذج بارز يمكن الاشارة الى السجون والمعتقلات التي تباع المخدرات بوفرة من قبل عناصر القمع أنفسهم وبأسعار مضاعفة بالمقارنة بخارج السجن حسب ما كشفت تقارير للسجناء السياسيين عن هذا العمل المشين الذي يقوم به عناصر النظام.
وفي العام الماضي كشف المدعي العام للنظام في كرمانشاه عن احصائية مدهشة عن ادمان الشباب والمراهقين والشريحه المثقفة وقال: «حسب الاحصائية الموجودة هناك 58 بالمئة من المدمنين في البلاد في الوقت الحاضر من بين الفئات العمرية بين 25 و 34 عاما و 14 بالمئة منهم من الفئة العمرية بين 15 و 19 عاما وهذه هي كارثة. في الوقت الحاضر 37 بالمئه من المدمنين في المجتمع هم من أصحاب الشهادات العليا حتى الدكتوراه». (وكالة أنباء كردبرس 10 مارس/ آذار2015).
ثالثا: أن نشر دورة الادمان في البلاد خاصة في أوساط الشباب والشباب الخريجيين من الجامعات العاطلين عن العمل يدر فائدة أمنية للنظام لأنه يخرج الشباب من التفكير في قلب النظام والوقوف بوجه ممارساته القمعية والنهب لأنه عندما أصبحوا مدمنين تصبح السيطرة عليهم بسهولة. لذلك النظام يحصل من خلال ادمان الشباب الى فوائد مليارية وكذلك يبعدهم من النضال من أجل تقرير مصيرهم. كما يولدون لانفسهم ماده دعائية ليقولوا انهم يكافحون المخدرات باعتقال المدمنين! كما يحصلون سنويا على مئات الملايين من التومانات من منحات الأمم المتحدة لما يسمى بمكافحة المخدرات لأنهم في طريق ترانزيت المخدرات الى اوربا. وبرأيكم هل هذه الطريقة من كسب الفوائد السياسية والاقتصادية والأمنية أمر سيئ للنظام؟!