قالت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية إن جماعة «حزب الله» اللبنانية التي تقاتل في سوريا بشكل علني إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد منذ أوائل عام 2013، كان لها دور حاسم في عدد من الانتصارات الرئيسية للنظام على طول الحدود السورية اللبنانية، مما مكنه من استعادة عدد من الأراضي التي كانت تسيطر عليها المعارضة هناك.
وأضافت المجلة أن الأسد الحليف المقرب من إيران، هو شريان الحياة الأساسي لحركة المقاومة اللبنانية، والذي يقوم بتزويدها بخطوط الإمداد من طهران، مشيرة إلى أن الحرب الحالية التي تخوضها جماعة «حزب الله» ضد المتمردين الذين يحاولون إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تختلف كثيرا عن حربها ضد إسرائيل؛ إذ إن الجماعة الشيعية لديها هذه المرة بصمة أكبر كثيرا على أرض الواقع، مشيرة إلى أن هناك وحدات لها تتمركز إلى أجل غير مسمى في مراكز خارج حدود لبنان.
ونقلت المجلة عن قائد لإحدى هذه الوحدات التابعة لحزب الله قوله: «في الوقت الراهن ليس لدينا أوامر بالمهاجمة. نتولى فقط مهمة الدفاع. نعمل كجيش نظامي رغم أننا لسنا كذلك».
وأوضحت المجلة أن الحرب السورية أحدثت تغييراً في هذه الجماعة الشيعية؛ إذ أصبحت أكبر بكثير، وتلقى مقاتلوها تدريبا كبيرا عن طريق مشاركتهم في هذا الصراع الطويل، لكن في الوقت نفسه، فإن الحزب أصبح غير عملي وأكثر عرضة للفساد والاختراق والميل إلى القسوة.
وأشارت إلى أن هذه المخاوف تنامت بعد اعتراف أحد القادة البارزين بأن الحزب يعاني من التجسس داخل صفوفه، فيما اُعتبر تأكيدا لتقارير نشرتها الصحف العربية تفيد بأن «حزب الله» اكتشف تورط أحد عملائه -وهو محمد شواربة- في عمليات تجسس لصالح إسرائيل. ولفتت إلى مزاعم غير مؤكدة بأن شواربة كلف بالانتقام من إسرائيل لاغتيالها مسؤول حزب الله عماد مغنية في 2008، لكنه ساعد إسرائيل في إحباط 5 هجمات خطط لها حزب الله.
ونقلت المجلة عن قائد الوحدة مجددا قوله إن حزب الله أصبح أقوى عسكريا من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن مشاركته في الحرب السورية أدت إلى زيادة طفيفة في التجنيد، وامتلأت صفوفه بعدد متزايد من المقاتلين الشباب، وسنوات من القتال خلقت جيلا جديدا من المقاتلين ذوي الخبرة.
لكن المشكلة -كما يقول أحد المقاتلين الشباب ويلقب بأبو علي- أنهم «يأخذون أي شخص للقتال في سوريا، لذا لا تفاجأ إذا رأيت بعض البلطجية بيننا».
وتشير المجلة إلى أن أبو علي عضو في حزب الله منذ أكثر من 10 أعوام، لكنه يقول إن المنظمة فقدت انضباطها الآن في ساحة المعركة وتتصرف بدافع الغضب، مشيراً إلى أن قوات الأمن التابعة لحزب الله والتي كانت رمزا للاستقرار، أصبحت الآن مصدرا متناميا للقلق، لافتا إلى أن الحاجة لمقاتلين على خطوط الجبهة أجبرت حزب الله على التخلي عن معاييره الخاصة باختيار الجنود.
وأضاف أبو علي: «لا أرى أن موقف مقاتلي الجماعة جيد في الوقت الراهن. الأمر خطير. الحرب في سوريا جعلتهم شديدي القسوة ومتعطشون للدماء».
ونقلت «فورين بوليسي» عن بول مطر رئيس أساقفة بيروت قوله: «حزب الله يحاول رسم صورة أفضل له، وتقديم نفسه على أنه مختلف تماما عن تنظيم الدولة الإسلامية. لكن من الصعب عليه ذلك وهو يفتقد حاليا للانضباط المعروف عنه».
كما نقلت عن مسؤول أمني لبناني على صلة بقيادة حزب الله قوله: «الصراع السوري كشف عن شقوق داخل الجماعة. هذه الشقوق ليست أيديولوجية بل مالية».
وأضاف: «لن يذهب المقاتلون للقتال وسط الجبال بحقيبة صغيرة من الوجبات الخفيفة. إنهم جيش وبحاجة لمطبخ لإطعام جنودهم».
في النهاية نقلت المجلة مجددا عن أبو علي قوله: «أعتقد أن المنظمة على علم بفقدان القيادة والسيطرة على صفوفها. هناك الكثير من الأمور المحرمة لنا كشيعة، وإذا تجاوزنا الحدود سنتلاشى كقوة سياسية».