” يا ليتني متت قبله بيوم ” .. كلمات لطالما قالتها أمهات الشهداء، تقولها الحاجة “فاطمة النسر” بصوت ممزوج بآهات وأنين، وقد سالت دموعها لتروي وجهاً عبثت به أوجاع السنين .
خبر يشبه صاعقة، يتصل ” ديبو ” فيقول :
_يا أمي من عندك غالي في هذه الدنيا
_أنت وكل إخوتك غاليين يا بني
_لا .. يوجد أغلى
_ فقلت “طاطيش” أغلى الكل
_فقال: انتقل الى رحمة الله تعالى .
تمسح “فاطمة” دموعها، وتكمل بعد أن استسلمت للبكاء علها تطفئ به لهيب قهرها ” علواه بس لو كنت ميتة قبله بيوم واحد “.
ذاقت لوعة فقدان الزوج والأبناء “عبد الحميد” كان خارج المنزل وعندما أتى، أصابته شظية في صدره فأردته شهيداً أمام باب بيتنا، وبعدها جاءني حفيدي ذو ال 13 سنة شهيداً إثر القصف، وزوجي وابني “عبد اللطيف” توفيا في أحداث الثمانينات.
ترعى فاطمة أحفادها الأيتام، فهي الأم والأب والجدة لأحد عشر طفلا يتيما من أحفادها بعد فقدانهم لآبائهم، اعتقلها النظام مرتين، تعود بذاكرتها لتروي قصة خروجها من معتقلات النظام بعد أن ذاقت الويلات فيها، وصلت البيت فلم أجد غير الأطفال وعمتهم رحمها الله كانت ترعاهم بمفردها، فصرت أعمل أنا وابنتي لتأمين لقمة العيش للأطفال حتى توفيت وتركتني وحيدة .
الحاجة “فاطمة النسر” مهجرة من مدينة كفرنبل، تقاسي معاناة الفقد والنزوح والفقر ورعاية الأيتام في قرية العلاني بريف سلقين.
بقلم : سدرة المنتهى