الجامعات السورية “تفتقد” طلابها وكوادرها المميزة!

قبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011م, كانت العديد من القطاعات العامة والخاصة في مجمل الأراضي السورية تعاني مشكلات إدارية ومالية عدة, نظراً لاتساع الهوة بين طبقة الفاسدين المستفيدين وبين عامة الجمهور, ومن هذه القطاعات المتأثرة القطاعات المنتجة والمستهلكة على حد سواء.
وبالحديث عن قطاع العملية التعليمية الذي كان يعتبر قطاعا مستهلكا, بحكم أن الحكومة تقوم بتخصيص مبالغ كبيرة لاستمراره وتنميته والنهوض به, نجد أن العملية التعليمية بكل فروعها ومنشآتها ومؤسساتها لم تكن على ما يرام, فكانت تعاني العديد من المشاكل المرتبطة بموضوع الفساد الإداري تحديداً, ومع ذلك كان من الملاحظ أن نسبة الإقبال على التعلم ومتابعته من مختلف الشرائح السورية تزداد مع مرور الوقت, وخصوصا على مستوى التعليم العالي, حيث كانت أعداد الخريجين في تصاعد مستمر, ومنهم من كان يثبت جدارته في الحياة العملية بعد التخرج أو عندما ينتقل لإكمال ما يسمى بالدراسات العليا في الجامعات الخارجية, ومنها الأوروبية, وذلك نظراً لما يتمتع به الطالب السوري من كفاءة وقدرات تؤهله للوصول لدرجات علمية مميزة.
“محمد الأحمد” كان موظفا في جامعة حلب للشؤون غير التدريسية, وهو الآن مقيم في قريته في ريف إدلب الشمالي بعد أن غادر وظيفته مضطراً يقول: “تخرجت في العام 2006 من كلية الهندسة الكهربائية في جامعة, وتم فرزي للعمل في الجامعة بوظيفة إدارية, لم أكن راضيا عن ذلك فأنا مهندس, كانت الجامعة تعاني العديد من المشاكل أهمها ضعف المخابر, وانعدام عمليات البحث, عوضا عن الفساد الإداري الكبير, وبعد الثورة أصبح الوضع معقدا أكثر, فالعديد من الطلاب والأساتذة الجامعيين أصبحوا على ارتباط وثيق مع الأجهزة الأمنية, وهذا ما أقلقني فغادرت وظيفتي, شيء مؤسف أن تنحدر الجامعة لمستوى كهذا, فلدينا طلاب مميزون أصبح مستقبلهم في مهب الريح!”.
أما اليوم فالصورة باتت أسوأ بكثير, فالجامعات تعاني من نقص كبير في أعداد الأساتذة الجامعيين المتخصصين, الذين هاجر العديد منهم إلى الدول الأوربية التي كانوا حصلوا على إجازة “الدكتوراه” منها بالأصل, بعد أن تعرض هؤلاء للعديد من المضايقات الأمنية التي انتهت باعتقال عدد منهم ليس بالقليل, وهناك من بات منهم تحت خطر السوق الإجباري لخدمة العلم ليتم الزج به على جبهات القتال الأمامية دون الالتفات إلى أهمية موقعه الأساسية في استمرار عملية التعليم العليا في سورية.
مأمون مار ندي, 30 عاما من أبناء مدينة حلب حائز على إجازة الماجستير من كلية الهندسة المعلوماتية في جامعة حلب, ويقيم حاليا في مدين إسطنبول التركية, يكشف لنا جانبا من معاناته بعد التخرج من خلال حوارنا معه: “حصلت على درجة الماجستير في مجال الهندسة المعلوماتية, وكنت أطمح لنيل درجة الدكتوراه في مجال دراستي نفسه, ولكن للأسف باتت جميع الطرق مغلقة أمامي, فبعد حصولي على إجازة “الماجستير” كان لابد لي من الالتحاق بخدمة العلم, وذلك نظرا لاستنفاد فرص “التأجيل”, لذلك تحتّم عليَّ الهرب من حلب الغربية والاتجاه إلى تركيا بحثا عن منحة دراسية؛ لإكمال الدراسة”.
وبين نجاح العملية التعليمية وفشلها, تقف سياسات حكومة النظام التي تدَّعي أنها تتخذ بعض الإجراءات الاضطرارية من أجل إدارة الأزمة, عائقا كبيرا أمام طموح طلاب الجامعات السورية الذين حققوا مكاسبَ مميزةً ودرجاتٍ متقدمةً في جامعات دول المهجر واللجوء, بعد أن هجّروا من بلادهم رغما عنهم.
ربما يتبادر للذهن تساؤل مفاده هل تستحق الكفاءات والأدمغة السورية أن تتم معاملتهم كأسرى حرب, لا أسرى علم؟
وهل يجوز أن تنحدر العملية التعليمية في الجامعات السورية العريقة خصوصا في دمشق وحلب لدرجة تدفع أساتذتها وطلابها لمغادرتها؟
المركز الصحفي السوري- فادي أبو الجود

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist