كشفت صحيفة تلجراف نقلاً عن مصادر مطلعة عن إمكانية تغير موقف الحكومة البريطانية من رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي تعتبره حتى الآن أهون الشرين، بعد أن كان رئيس الوزراء كاميرون قد استبعد أي تدخل عسكري من قبل الغرب ضد الأسد على خلفية خسارته لتصويت لصالح الحرب في البرلمان.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن عشاء الليلة الأخيرة في قمة دول السبع الكبرى هيمن عليه النقاش بشأن الأزمة المتفاقمة في سوريا والعراق، وكان من بين الأفكار التي طرحت للجدل هو إرسال بشار الأسد إلى المنفى في إطار صفقة بين روسيا والغرب من أجل محاربة صعود تنظيم الدولة.
ونقلت عن مصدر مطلع في رئاسة الوزراء البريطانية قوله «لا نريد المبالغة، لكن هناك فرصة أكبر بشأن تسوية سياسية مما كان عليه الأمر قبل عدة أشهر».
وحول سبب هذا التغير المفاجئ في التفكير البريطاني تجاه نظام الأسد، أشارت الصحيفة إلى عدة عوامل أكثرها وضوحا هو الإدراك المتزايد بأن بشار الأسد، بعد نجاحه الأولي في منع تنظيم الدولة من اختراق المناطق العلوية حول دمشق، بات الآن في موقف دفاعي بشكل كبير، مع تقارير يتم تداولها في المنطقة بأن نظام الأسد يمكن أن ينهار في أية لحظة.
وأكدت الصحيفة أن إمكانية سقوط الأسد فجائياً اجتذب تركيز بعض العواصم الغربية وكذلك روسيا وإيران وهي الدول التي ستعاني الخسارة الأكبر إذا ما أطيح بالأسد، إذا لا تزال موسكو ترتبط بشدة بشراكتها الاستراتيجية طويلة الأمد مع دمشق، فيما تحتاج إيران لنظام ودود يدير سوريا كي تحافظ على خطوط الإمدادات الحيوية إلى حزب الله في جنوب لبنان.
وتقول الصحيفة: إنه إذا كان مصير بشار الأسد غير معروف بالفعل، فإن هناك مصلحة كبيرة لروسيا وإيران أن تتوصلا على تفاهم مع الغرب، يتم من خلاله الإطاحة بالأسد بطريقة تحول دون سقوط العاصمة في أيدي الفصائل الإسلامية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الود مفقود بين روسيا وأميركا من الناحية الرسمية، فقد أنهى الرئيس الأميركي أوباما قمة الدول السبع الكبرى متهماً فلاديمير بوتن بإضعاف اقتصاد روسيا في محاولة لإعادة تأسيس أمجاد الإمبراطورية السوفيتية.
لكن خلف الكواليس، يظهر البلدان صورة مختلفة فيها قبول متزايد من قبل موسكو وطهران بأن مصالحهم ستتم رعايتها بطريقة أفضل إذا ما عملتا مع الغرب من أجل التوصل لاتفاق يلبي أهدافهم المشتركة، وخاصة منع تنظيم الدولة من الاستيلاء على دمشق.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع حول القضية قوله: «يظهر الروس استعدادا لفصل مصالحهم في أوكرانيا عن مصالحهم في العالم العربي، فيما الإيرانيون بحاجة شديدة لإبقاء خطوط الإمداد مفتوحة أمام حزب الله بأية كلفة، حتى لو كان ذلك بالتخلي عن الأسد».
وقالت الصحيفة: إن فرصة استعمال الغرب لدبلوماسية السياسية الواقعية القديمة شيء مرحب بها بقدر ما هي مرغوبة منذ وقت طويل، خاصة أن الأسبوع الجاري يصادف الذكرى الأولى على سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية الموصل ثاني أكبر مدن العراق بعد هزيمته للجيش العراقي وفراره إلى كردستان وبغداد.
ورغم ذلك، تشير الصحيفة إلى ما صرح به الرئيس أوباما أثناء القمة من أن الولايات المتحدة وحلفاءها بما فيها بريطانيا ما يزالون مفتقرين لاستراتيجية شاملة لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.
العرب