من أكثر الجوانب إثارة للاهتمام في الشؤون الدولية هي أن الأطراف سواء كانوا دولا أم لا سوف يفصحون من وقت لآخر بالضبط عما يفكرون فيه، ويفعلونه، ويخططون لعمله. لا حاجة إلى جواسيس أو دبلوماسيين، فقط هناك حاجة إلى الإصغاء. في منتصف حقبة التسعينات قال أسامة بن لادن مرارا وتكرارا إنه يرى الولايات المتحدة كأكبر عدو، لذا كانت هدفه الرئيسي. وأعلن بن لادن تلك التحذيرات في أغسطس (آب) عام 1998 في شرق أفريقيا، وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2000 في اليمن، وفي سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن. خلال حملة انتخابية ساخنة في بداية عام 1998، أخبر حزب “بهاراتيا جاناتا” ناخبيه من خلال البرنامج الانتخابي أنه في حال تم انتخابه سوف ينشر بكل وضوح أسلحة نووية. وبمجرد وصول الحزب إلى السلطة قلل المحللون من شأن هذا الموقف الخاص بالأسلحة النووية باعتباره جزءا من الخطاب الانتخابي، لكن تبيّن لهم عدم صحة هذا الأمر في مايو (أيار) عام 1998 عندما أجرت الهند اختبارات متعددة للأسلحة النووية تحت الأرض وأعلنت أنها دولة تمتلك سلاحا نوويا.
وشهد العالم مؤخرا لحظة صراحة أخرى، وجاءت تلك اللحظة قبل أسابيع من موافقة إيران، والدول الكبرى في العالم، على إطار لكيفية التعامل مع برنامج إيران النووي خلال فترة تتراوح بين 10 و15 عاما. وتحدث مستشار رفيع المستوى للرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال مؤتمر عقد خلال الشهر الماضي في طهران عن “إيران، والقومية، والتاريخ، والثقافة”. وأوضح المستشار أن إيران تطمح لأن تصبح قوى مهيمنة في الإقليم، أو بإيجاز يمكن القول إنها تطمح لأن تعيد تأسيس الإمبراطورية الفارسية.
وقال المستشار علي يونسي، الذي كان رئيس الاستخبارات في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، موجها كلامه إلى الحضور: “كان لإيران منذ نشأتها بُعد عالمي. لقد ولدت إمبراطورية. وطالما شغل هذا البُعد العالمي فكر قادة إيران ومسؤوليها وأفراد إدارتها”. وحدد يونسي أراضي الإمبراطورية الإيرانية، التي أطلق عليها اسم “إيران العظمى”، موضحا أنها تمتد من حدود الصين، وتضم شبه القارة الهندية، وشمال وجنوب بحر القوقاز، والخليج العربي. وذكر أن العراق هو عاصمة الإمبراطورية الإيرانية، في إشارة إلى مدينة بابل القديمة، العراق حاليا، الذي ظل مركز الحياة للفرس لقرون. وقال: “سندافع عن كل شعوب المنطقة لأننا نعتبرهم جزءا من إيران. ويجب أن نحاول مرة أخرى نشر راية الوحدة الإسلامية الإيرانية، والسلام في المنطقة. وعلى إيران تحمّل هذه المسؤولية كما فعلت في الماضي”. كذلك قال يونسي إن هدف ما تفعله إيران في “إيران العظمى” هو ضمان أمن الناس بها، مضيفا أن المملكة العربية السعودية لا ينبغي أن تخشى أفعال إيران لأن السعوديين غير قادرين على الدفاع عن أهل المنطقة. وقال أيضا إن أي شيء يدخل إيران يصبح أفضل لأنه يصبح إيرانيا، خصوصا الإسلام، مضيفا أن الإسلام في شكله الإيراني هو الإسلام الخالص الصحيح، فقد خلصه من كل آثار القومية العربية. وليست هذه آراء فرد، بل هي آراء تعتنقها النخبة الإيرانية، وهي ليست بالجديدة، فهي تعود إلى عقود مضت، وهي ضاربة بجذورها في المجتمع الإيراني والثقافة الفارسية.
كان خطاب يونسي يمثل الخطوط العريضة لاستراتيجية إيران العظمى. والأهم من ذلك هو أنها تضع السلوك الإيراني في المنطقة في سياقه، إذ يقوم بالأساس على العمليات السرية الهادفة إلى تقويض دول الجوار العربي، وإسرائيل، والولايات المتحدة، والدول التي تقف في طريقها نحو تحقيق الهيمنة. وتستخدم إيران الإرهاب كأداة سياسية ضد دول الجوار، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تفعل ذلك.
وتم إحباط مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في أحد المطاعم بجورج تاون عام 2011. وتدعم إيران جماعات إرهابية دولية من بينها تنظيم حزب الله، الذي كان وراء الهجمات التي نفذت ضد السفارة الأميركية وثكنات القوات الخاصة في بيروت عام 1983 والتي أسفرت عن مقتل 258 أميركيا. وينظر إلى تلك الهجمات باعتبارها بداية التشدد ضد الولايات المتحدة، وكذا بداية استخدام العمليات الانتحارية والشاحنات المفخخة. وسبب وجود حزب الله بحسب ما أوضح هو تدمير إسرائيل، وهذه هي أيضا سياسة الدولة الإيرانية. وصرح آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، وهو أكثر الشخصيات نفوذا في البلاد، في خطاب في طهران في نهاية عام 2013 قائلا: “لا يمكن للمسؤولين الصهاينة أن يوصفوا بأنهم بشر، فهم كالحيوانات، أو بعضهم كذلك. والنظام الإسرائيلي محكوم عليه بالفشل والفناء”. كذلك قدمت إيران الدعم لجماعات شيعية في المنطقة بهدف دعم الحكومات التي يقودها الشيعة أو الإطاحة بالأنظمة العربية السنية. وساعد ما تقدمه طهران من دعم كبير الرئيسَ السوري بشار الأسد في قتل أكثر من مائة ألف مواطن. وأسفر الدعم الإيراني للجماعات المسلحة الشيعية أثناء الحرب العراقية عن مقتل المئات من أفراد القوات الأميركية. وكذلك ترعى إيران حربا بالوكالة من خلال الحوثيين من أجل الإطاحة بالحكومة المنتخبة في اليمن.
وبطبيعة الحال لا تتماشى هذه الاستراتيجية مع المصالح الأميركية، وتدرك إيران هذا الأمر جيدا. وقال يونسي خلال المؤتمر إن إيران كانت تعمل في إيران العظمى ضد التطرف الإسلامي السني، وكذا ضد السعوديين، وتركيا، والعلمانيين، والحكم الغربي، والصهيونية. ويعد اتفاق الإطار الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، الذي تم الإعلان عنه يوم الخميس، اتفاقا جيدا بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وإذا تم تطبيقه بشكل كامل فسوف يزيد المدة اللازمة لإنتاج سلاح نووي من بضعة أشهر إلى عام أو أكثر، مما يجعل من الصعب على إيران ممارسة أي خداع، لكنه في الوقت ذاته يمنح إيران بمجرد إلغاء العقوبات مزيدا من الموارد، التي تساعدها في الاستمرار في استراتيجية الدولة العظمى، كما أوضح يونسي. ولطالما كان من المهم أن يكون لدى الولايات المتحدة وحلفائنا سياسة لمقاومة هذه الاستراتيجية واحتواء إيران، والآن هو أكثر وقت نحتاج فيه إلى القيام بذلك.
وشهد العالم مؤخرا لحظة صراحة أخرى، وجاءت تلك اللحظة قبل أسابيع من موافقة إيران، والدول الكبرى في العالم، على إطار لكيفية التعامل مع برنامج إيران النووي خلال فترة تتراوح بين 10 و15 عاما. وتحدث مستشار رفيع المستوى للرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال مؤتمر عقد خلال الشهر الماضي في طهران عن “إيران، والقومية، والتاريخ، والثقافة”. وأوضح المستشار أن إيران تطمح لأن تصبح قوى مهيمنة في الإقليم، أو بإيجاز يمكن القول إنها تطمح لأن تعيد تأسيس الإمبراطورية الفارسية.
وقال المستشار علي يونسي، الذي كان رئيس الاستخبارات في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، موجها كلامه إلى الحضور: “كان لإيران منذ نشأتها بُعد عالمي. لقد ولدت إمبراطورية. وطالما شغل هذا البُعد العالمي فكر قادة إيران ومسؤوليها وأفراد إدارتها”. وحدد يونسي أراضي الإمبراطورية الإيرانية، التي أطلق عليها اسم “إيران العظمى”، موضحا أنها تمتد من حدود الصين، وتضم شبه القارة الهندية، وشمال وجنوب بحر القوقاز، والخليج العربي. وذكر أن العراق هو عاصمة الإمبراطورية الإيرانية، في إشارة إلى مدينة بابل القديمة، العراق حاليا، الذي ظل مركز الحياة للفرس لقرون. وقال: “سندافع عن كل شعوب المنطقة لأننا نعتبرهم جزءا من إيران. ويجب أن نحاول مرة أخرى نشر راية الوحدة الإسلامية الإيرانية، والسلام في المنطقة. وعلى إيران تحمّل هذه المسؤولية كما فعلت في الماضي”. كذلك قال يونسي إن هدف ما تفعله إيران في “إيران العظمى” هو ضمان أمن الناس بها، مضيفا أن المملكة العربية السعودية لا ينبغي أن تخشى أفعال إيران لأن السعوديين غير قادرين على الدفاع عن أهل المنطقة. وقال أيضا إن أي شيء يدخل إيران يصبح أفضل لأنه يصبح إيرانيا، خصوصا الإسلام، مضيفا أن الإسلام في شكله الإيراني هو الإسلام الخالص الصحيح، فقد خلصه من كل آثار القومية العربية. وليست هذه آراء فرد، بل هي آراء تعتنقها النخبة الإيرانية، وهي ليست بالجديدة، فهي تعود إلى عقود مضت، وهي ضاربة بجذورها في المجتمع الإيراني والثقافة الفارسية.
كان خطاب يونسي يمثل الخطوط العريضة لاستراتيجية إيران العظمى. والأهم من ذلك هو أنها تضع السلوك الإيراني في المنطقة في سياقه، إذ يقوم بالأساس على العمليات السرية الهادفة إلى تقويض دول الجوار العربي، وإسرائيل، والولايات المتحدة، والدول التي تقف في طريقها نحو تحقيق الهيمنة. وتستخدم إيران الإرهاب كأداة سياسية ضد دول الجوار، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تفعل ذلك.
وتم إحباط مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في أحد المطاعم بجورج تاون عام 2011. وتدعم إيران جماعات إرهابية دولية من بينها تنظيم حزب الله، الذي كان وراء الهجمات التي نفذت ضد السفارة الأميركية وثكنات القوات الخاصة في بيروت عام 1983 والتي أسفرت عن مقتل 258 أميركيا. وينظر إلى تلك الهجمات باعتبارها بداية التشدد ضد الولايات المتحدة، وكذا بداية استخدام العمليات الانتحارية والشاحنات المفخخة. وسبب وجود حزب الله بحسب ما أوضح هو تدمير إسرائيل، وهذه هي أيضا سياسة الدولة الإيرانية. وصرح آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، وهو أكثر الشخصيات نفوذا في البلاد، في خطاب في طهران في نهاية عام 2013 قائلا: “لا يمكن للمسؤولين الصهاينة أن يوصفوا بأنهم بشر، فهم كالحيوانات، أو بعضهم كذلك. والنظام الإسرائيلي محكوم عليه بالفشل والفناء”. كذلك قدمت إيران الدعم لجماعات شيعية في المنطقة بهدف دعم الحكومات التي يقودها الشيعة أو الإطاحة بالأنظمة العربية السنية. وساعد ما تقدمه طهران من دعم كبير الرئيسَ السوري بشار الأسد في قتل أكثر من مائة ألف مواطن. وأسفر الدعم الإيراني للجماعات المسلحة الشيعية أثناء الحرب العراقية عن مقتل المئات من أفراد القوات الأميركية. وكذلك ترعى إيران حربا بالوكالة من خلال الحوثيين من أجل الإطاحة بالحكومة المنتخبة في اليمن.
وبطبيعة الحال لا تتماشى هذه الاستراتيجية مع المصالح الأميركية، وتدرك إيران هذا الأمر جيدا. وقال يونسي خلال المؤتمر إن إيران كانت تعمل في إيران العظمى ضد التطرف الإسلامي السني، وكذا ضد السعوديين، وتركيا، والعلمانيين، والحكم الغربي، والصهيونية. ويعد اتفاق الإطار الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، الذي تم الإعلان عنه يوم الخميس، اتفاقا جيدا بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وإذا تم تطبيقه بشكل كامل فسوف يزيد المدة اللازمة لإنتاج سلاح نووي من بضعة أشهر إلى عام أو أكثر، مما يجعل من الصعب على إيران ممارسة أي خداع، لكنه في الوقت ذاته يمنح إيران بمجرد إلغاء العقوبات مزيدا من الموارد، التي تساعدها في الاستمرار في استراتيجية الدولة العظمى، كما أوضح يونسي. ولطالما كان من المهم أن يكون لدى الولايات المتحدة وحلفائنا سياسة لمقاومة هذه الاستراتيجية واحتواء إيران، والآن هو أكثر وقت نحتاج فيه إلى القيام بذلك.
مايكل موريل – الشرق الاوسط