مدريد: تجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد في العالم المليون شخص، وهو جزء يسير من العدد الفعلي للمرضى، فيما تزايد عدد الوفيات في الولايات المتحدة حيث توفي حوالي 1200 شخص خلال 24 ساعة وهو أمر لم يسجل أبدا في دولة أخرى.
أما الضحية الأخرى للوباء، فهي اقتصادات الدول والعمالة كما تظهر أرقام أخرى مأساوية، ففي أسبوع واحد خسر 6,6 ملايين أمريكي وظائفهم، فيما نشاط نصف البشرية متوقف بسبب إجراءات العزل التي تطبق بصرامة كبيرة في دول عديدة.
وبحسب آخر تعداد لوكالة فرانس برس، فقد سجل 1000036 حالة في 188 دولة ومنطقة، لكن عدد الحالات المثبتة لا يعكس إلا جزءا من العدد الفعلي للإصابات، إذ إن عددا كبيرا من الدول لا يجري فحوصات الكشف عن المرض إلا للحالات الحرجة.
وبات عدد الوفيات 52 ألفا على الأقل في العالم وتبين أن كوفيد-19 الذي قلل عدد من المسؤولين قبل أسابيع من خطورته، مرض مخيف في بعض الحالات. ويروي مرضى بعد شفائهم خوفهم من الموت.
وقال خافيير لارا (29 عاما) الذي نقل إلى “العناية المركزة ووضع تحت جهاز التنفس” في إسبانيا ثم خرج من المستشفى في 23 آذار/مارس أنه سأل الممرضين “هل سأموت؟ هل سأشفى؟ وكانوا يردون لا نعرف، فهذا الفيروس جديد”.
أما ديانا بيرينت في نيويورك فقد خضعت لفحص وخرجت من الحجر الصحي بعد إصابتها وهي متحمسة الآن للتبرع بما تحمل من أجسام مضادة إلى الباحثين للمساعدة في إيجاد علاج لمرض كوفيد-19.
وقالت هذه المصورة الأمريكية البالغة من العمر 45 عاما “نحن الناجين، يمكننا المساعدة، يمكن أن نكون أبطالا خارقين”.
وإذا كانت أوروبا لا تزال القارة الأكثر تضررا، فإن الولايات المتحدة في طريقها لتصبح البؤرة الجديدة للوباء.
فقد سجلت البلاد رقما قياسيا جديدا في عدد الوفيات بلغ 1169، حسب تعداد جامعة جون هوبكنز التي تعد مرجعا، ما يعكس ارتفاعا هائلا بمقدار الثلث تقريبا، بالمقارنة مع الحصيلة اليومية السابقة (884 وفاة) الصادرة عن الجامعة نفسها.
– ارتفاع هائل –
وبالأرقام المطلقة، هذه الحصيلة هي الأكبر التي تسجل في بلد منذ بداية الوباء في خلال 24 ساعة. وقد كادت الحصيلة تبلغ ألف وفاة (969) في إيطاليا في 27 آذار/مارس، بسكانها الأقل بخمس مرات من سكان الولايات المتحدة.
في المجموع توفي 5926 شخصا منذ بداية الوباء في الولايات المتحدة حيث يقدر البيت الأبيض أن يتسبب الوباء بوفاة ما بين مئة ألف و240 ألف شخص.
والعواقب النفسية للوباء كارثية، مثل الخوف من المرض والعزلة وخسارة الوظائف. ففي الولايات المتحدة سجلت الطلبات الأسبوعية للحصول على مخصصات البطالة في الولايات المتحدة مستوى قياسيا مع 6,6 ملايين طلب جديد.
وتزايدت طلبات الحصول على دعم من المختصين في شؤون الصحة العقلية.
في مدينة نيويورك التي سجلت أكثر من 1500 وفاة، تطالب الطواقم الطبية بمعدات وقاية كما حصل سابقا في ايطاليا واسبانيا وفرنسا.
ورغم إجراءات العزل لا تزال حصيلة الوفيات ترتفع، حيث سجلت 14 ألف وفاة في إيطاليا. وأغلق أكبر مركز لإحراق جثث الموتى أبوابه بسبب عدد الجثامين الذي يفوق قدرته على التعامل معها. في برغامو، المدينة الأكثر تضررا، قامت شاحنات عسكرية بنقل جثث إلى مناطق أخرى لإحراقها.
أما إسبانيا، فقد أعلنت الجمعة عن 900 وفاة في 24 ساعة لليوم الثاني على التوالي فيما باتت البلاد تسجل أكثر من 10 آلاف وفاة. في فرنسا، وصلت الحصيلة الى 5300 وفاة بينهم حوالى 900 في دور مسنين.
وسجل كل من هذه الدول الأربع أكبر عدد وفيات مقارنة مع الصين القارية (3318)، بؤرة الوباء الاولى، ما أثار شكوكا حول صحة أرقام الصين.
في ألمانيا، أنهت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الجمعة فترة الحجر الصحي من 14 يوما في منزلها ببرلين وعادت الى مقر المستشارية بعد إجراء ثلاثة فحوصات للكشف عن فيروس كورونا المستجد جاءت نتيجتها سلبية.
وأعلن رئيس معهد للأبحاث روبرت كوخ الجمعة أن إجراءات العزل التي فرضتها ألمانيا بدأت تعطي نتيجة عبر إبطاء تقدم انتشار الفيروس.
في بريطانيا، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون المصاب بفيروس كورونا المستجد، الجمعة، تمديد حجره الصحي أكثر من الأيام السبعة التي أوصت بها السلطات الصحية البريطانية، الى حين لا يعود يعاني من أي عوارض للمرض.
والقلق كبير خصوصا في مخيمات اللاجئين والنازحين في إفريقيا القارة التي كانت حتى الآن بمنأى نسبيا عن الوباء، لكن أيضا في أوروبا.
ففي مخيمات اللاجئين في موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية، يتنقل آلاف اللاجئين بدون أي احتياطات أمام المراحيض وأماكن الاستحمام. وقال هسمد من كابول “بماذا يفيد وضع قناع واق في حين انا استخدم المرحاض نفسه مع مئة شخص آخرين؟”.
ويحذر العاملون في المنظمات الإنسانية من أن انتشار الفيروس لدى حوالى مليوني نازح في منطقة بحيرة تشاد حيث الظروف الصحية والطبية مزرية، ستكون كارثية.
في إيران، أعلنت السلطات الجمعة تسجيل 134 وفاة إضافية بفيروس كورونا المستجد ما يرفع الحصيلة الإجمالية للوفيات إلى 3294.
– اقتصاد أو الصحة –
وتعتبر التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للوباء كارثية أيضا.
فقد تراجع النشاط في القطاع الخاص في منطقة اليورو في آذار/مارس إلى أدنى مستوياته التاريخية بحسب مجموعة شركة المعلومات الاقتصادية “ماركت”.
وسجلت إسبانيا في آذار/مارس أكثر من 300 ألف طلب جديد لوظائف.
في الولايات المتحدة، طلب 6,6 مليون شخص إضافيين إعانات البطالة، أي ضعفي عدد الأسبوع الماضي الذي كان يعد رقما قياسيا.
وأعلنت شركة الطيران “بريتيش إيروايز” البريطانية أنها فرضت على 28 ألف موظف لديها يشكلون 60 % من العاملين فيها، بطالة جزئية.
ودعا رئيس الحكومة الإيطالية جوسيبي كونتي الجمعة الاتحاد الأوروبي الى أن يكون أكثر “وحدة وشجاعة وطموحا” في مواجهة وباء كوفيد-19.
وأعلن البنك الدولي استعداده للإفراج عن مبلغ يصل إلى 160 مليار دولار في الأشهر ال15 المقبلة لمساعدة الدول على مواجهة الانعكاسات الصحية الفورية للوباء و دعم الانتعاش الاقتصادي.
ووافقت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة الخميس بالإجماع على قرار يدعو إلى “التعاون الدولي” لمكافحة كوفيد-19، وهو أول نصّ تعتمده المنظّمة الدوليّة منذ تفشّي الوباء. لكن المنافسة بين الدول وخصوصا الغربية في السباق للحصول على الاقنعة الطبية وخصوصا المنتجة في آسيا، تظهر عكس هذه الدعوة.
نقلا عن القدس العربي