وفق مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز و ترجمه المركز الصحفي السوري:
رغم أن الحرب في سوريا قد مضى عليها ستة أعوام ، إلّا أن نتائجها بدأت تصبح واضحة: حيث يبدو أن الرئيس الأسد هنا ليبقى.
ويوضح كاتب المقال قائلا: إنه لم يبقى في ساحة المعركة من هو قادر على إطاحته، فقوات المعارضة تزداد ضعفاً فيما قرر الرئيس الامريكي دونالد ترامب وقف الدعم عنها وألغاء برنامج السي آي إيه لتسليحها وتمويلها وتدريبها. واما تنظيم الدولة الذي كان يأمل حكم سوريا كأرض خلافة فيواجه الآن الطرد من آخر معاقله فيها.
اما على الصعيد الدولي والمسؤولين الأجانب و حتى السوريين أنفسهم فإنهم يتعاملون بطريقة وكأن الأسد سيحكم لسنوات عدة وإن كان على حساب بلد تقلصت مساحته. وأضاف الكاتب أن حلفاء الاسد بدأوا يحضرون لنصر مقبل وتقوم حكومة الاسد بالحديث عن إعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحرب ونظمت معرضاً عالمياً للتجارة الشهر الماضي ووقعت عقداً مع إيران لإصلاح شبكة الكهرباء. وحتى داعمو المعارضة الأقوياء بدأوا بتقبل ما هو محتوم بعد شعورهم بالإجهاد من سنوات الحرب. ويبدو هذا واضحاً في بلدة مضايا التي سيطر عليها النظام بعد حصار طويل فقد تحسنت الحياة لمن تبقى فيها ولم يعد هناك قناصة وعاد التيار الكهربائي وعادت المقاهي لفتح أبوابها وبدأ الناس يخرجون في الليل وفق ما جاء في المقال.
ونقل كاتب المقال عن مدرس تواصل معه عبر رسالة هاتفية: «لقد سئمنا من الحرب ونريد العيش بسلام وأمان ولا يمكننا الحصول على هذا إلا إذا كنا مع النظام».
ولكن هذه التطورات لا تعني أن الطريق أمام الأسد سهلة «فهو ما يزال منبوذاً من كل العالم ويقود بلدا محطماً ومقسماً. ولو خرج منتصراً فسيكون حاكماً على بلد ضعيف تسيطر عليه قوى خارجية وتنقصه الموارد لإعادة بنائه». ومع ذلك فاستمراره في الحكم سيترك آثاراً خطيرة في الشرق الأوسط وسيؤثر في منظور الاستقرار في سوريا وعودة اللاجئين لبلادهم وحصول الحكومة على الدعم الدولي لإعادة بناء المدن التي دمرتها الحرب.
إن بقاء الأسد هو صورة حقاً في مآلات الربيع العربي الذي اندلعت ثوراته عام 2011. فبرغم نجاح التظاهرات والاحتجاجات والنزاعات المسلحة لإطاحة حكام اليمن ومصر وتونس وليبيا بقي الأسد في مكانه برغم كل العنف الرهيب الذي استخدمه لقمع شعبه.
وقال الأسد في مؤتمر الشهر الماضي مؤكدا معرفته بالكلفة الهائلة للحرب و لكنه زعم انه حصل على مجتمع اكثر تجانساً: «لقد خسرنا أحسن شبابنا وبنيتنا التحتية. وكلفنا الكثير من المال وعرق الأجيال ولكننا حصلنا على مجتمع منسجم وصحي بالمعنى الحقيقي».
وعندما اندلعت الثورة عام 2011 استخدم النظام الحل الأمني وقمعها. وبعد تحولها إلى تمرد وثورة دعمتها السعودية والولايات المتحدة بالمال والسلاح. وعلى خلاف داعمي المعارضة فقد ثبت النظام في موقعه بسبب الدعم المستمر من حلفائه الخارجيين وهم روسيا وإيران وحزب الله. وسيطر نظامه على معظم السكان الذين يعيشون في المدن وبأوضاع أحسن من تلك التي يعيش فيها السكان بظل المعارضة. ويتحدث الكاتب عن معضلة المعارضين للنظام الذي انقسموا على الأيديولوجية واختلفوا ولم ينجحوا بتشكيل بديل للمستقبل عن النظام أو إقناع السوريين.
وأسهم في ضعفهم تركيز الحلفاء على الجماعات الجهادية التي اختطفت الثورة. ويقول بسام الأحمد، من «سوريون للحقيقة والعدالة» إن النظام السوري أبعد اليوم عن إطاحته. ولم تعد هناك قوى تعمل من أجل هذا الهدف كما كانت الحال مع بداية الثورة. وعلى أية حال تظل سلطة الأسد محدودة وقامت الدول الأجنبية التي ساعدته وتقاتل تنظيم الدولة برسم مناطق نفوذ لها بشكل أثر في مزاعمه بحكم سورية كلها. ففي الشمال رسمت القوات التركية بدعم من المعارضة منطقة نفوذ لها. وفي الشرق يسيطر المقاتلون الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة على مناطق واسعة. وحتى في المناطق التي تخضع اسميا لسيطرة الأسد تمارس القوات الروسية والإيرانية وحزب الله والميليشيات الشيعية سلطة أوسع من سلطة النظام نفسه. وفي المجال الدبلوماسي استلمت روسيا ملف التفاوض مع المعارضة والقوى الإقليمية الأخرى حول مناطق تجميد النزاع.
هناك ثمن الحرب وأعبائها التي ستظل عقبة أمام النظام وحلفائه لعقود مقبلة. وكشف تقرير للبنك الدولي عن الخسائر الفادحة التي تكلفتها البلاد خلال ست سنوات الحرب الماضية بنحو 226 مليار دولار. أي أربعة أضعاف مجمل النتاج القومي عام 2010 أي قبل بداية الحرب. ويعلق هارون أوندير مؤلف التقرير أن الثمن المخفي للحرب قد يكون أكبر ويتمثل بانهيار النسيج الاجتماعي وتحطم الثقة أكثر من الدمار على المدن التي أصبحت رمزا لفظاعة الحرب. لكل هذا يعتبر بقاء الأسد في السلطة معوقاً لعمليات الإعمار.
وكان المسؤولون في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يأملون برحيل الأسد في مرحلة معينة من العملية السياسية ولكنهم تعهدوا الآن بعدم مكافأته على وحشيته ومساعدته في الإعمار إن استمر حاكما. كما أن الدول الحليفة له خاصة روسيا وإيران لا يمكنهما المساعدة بدرجة كبيرة خاصة أنهما تتعرضان لضغوط من الحصار الدولي وتراجع أسعار النفط. وهناك بعد آخر يتعلق بعودة اللاجئين لقد اصبح نصف الشعب السوري نازحا ضمن سوريا و اكثر من خمسة ملايين خارجها حيث سيتردد الكثير من العودة خشية الاعتقال أو القتل. فيما لن يستطيع الآخرون العودة بسبب دمار بيوتهم.
نيويورك تايمز
ترجمة المركز الصحفي السوري