طالبت المديرة العامة لـ”منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة” (يونيسكو)، إيرينا بوكوفا، الإنتربول الدولي بملاحقة الآثار المهربة من سوريا والعراق، معتبرة أن تدمير محتويات متحف الموصل بالعراق، أمس، على يد تنظيم “داعش” “أكثر بكثير من أن يكون مجرد مأساة ثقافية”. جاء ذلك تعقيبًا على تسجيل مصور لتنظيم “داعش” يظهر قيامه بتحطيم محتويات متحف الموصل في محافظة نينوي، شمالي العراق، والذي يعد أحد أهم المتاحف في العالم. وقالت بوكوفا، خلال مؤتمر صحفي بالمقر الرئيسي لـ”يونيسكو” في باريس، وتابعته مراسلة وكالة الأناضول، إن “الاعتداء على متحف الموصل أكثر بكثير من أن يكون مجرد مأساة ثقافية فهو شأن أمني يغذي الطائفية والتطرف العنيف والنزاع في العراق”. وأضافت: “بعض التماثيل التي دمرها داعش في الموصل مقلد لكن أغلبها كان أصليًا”. بوكوفا دعت الإنتربول إلى ملاحقة الآثار المهربة من سوريا والعراق، قائلة: “هناك تعاون مكثف مع دول الجوار للعراق وسوريا كتركيا والأردن و لبنان من أجل مراقبة عملية تهريب الآثار السورية والعراقية”. وأكدت على أن المنظمة ستعمل مع الأسواق ومع المزادات العالمية لوقف عملية الاتجار هذه وكذلك التعاون مع كبرى المتاحف العالمية لمراقبة عملية تهريب الآثار. وأوضحت أن “عملية تهريب الآثار تذهب إلى تمويل الإرهاب”، مشيرة إلى أنها تعمل جاهدة من أجل وقف التهريب وتمويل الإرهاب. من جهته، قال سفير العراق الدائم في منظمة اليونسكو، محمود الملا خلف: “ما جرى هو مأساة كبيرة للعالم والبشر أجمع وليس فقط للعراق”. وأضاف، في تصريحات للأناضول: “لقد تم تحطيم متحف الموصل الذي يحتوي على ثلاث قاعات كبيرة وتماثيل تعود إلى الحضارتين الآشورية والآكادية، وتمت سرقة المخازن الصغيرة التي تحتوي على أثريات صغيرة هربت إلى خارج الموصل للاتجار بها”. وأشار إلى أن “ما جرى في الموصل هو ردة فعل على قرار مجلس الأمن 2199 الذي يدين الاتجار بالآثار وتهريبها وتحطيمها”. بدورها، أدانت وزارة الخارجية الفرنسية عملية هدم وتدمير المعالم التاريخية في الموصل على يد تنظيم داعش. وقال الخارجية، في بيان لها، اليوم الجمعة، إنها تدعم السلطات العراقية في جهودها في اقتياد المسؤولين عن ذلك إلى العدالة، محذرة من أن “تراث العراق مهد الحضارة الإنسانية في خطر”. في السياق ذاته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، إن “المشاهد المروعة التي بثّها تنظيم داعش الإرهابي لعناصره وهي تحطم مقتنيات متحف الموصل الأثرية جريمة وحشية تفوق الوصف بهمجيتهم وبربريتها”. وأضاف العربي، في بيان له، اليوم الجمعة، أن “هذا الاعتداء الوحشي على التراث الحضاري لشعب العراق يمثل واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت في هذا العصر بحق تراث الإنسانية جمعاء، والتي تهدف إلى بث ثقافة الإرهاب والعنف والكراهية بين الجماعات والمكونات الثقافية والحضارية المتنوعة لأبناء المنطقة”. وأمس الخميس، بثّ تنظيم “داعش” تسجيلاً مصوراً يظهر قيامه بتحطيم محتويات متحف الموصل، وظهر في التسجيل متحدث من التنظيم وهو يقف أمام تمثال أثري كبير في متحف نينوى الأثري وأشار بيده إلى التمثال قائلاً إن “هذه أصنام وأوثان لأقوام في القرون السابقة كانت تُعبد من دون الله”. وبعد انتهاء عنصر “داعش” من حديثه، ظهر عناصر آخرون من التنظيم، حيث قاموا بدفع ورمي تماثيل أثرية عديدة، وتدمير أخرى بالمطارق وبالمناشير وأجهزة الحفر الكهربائية. ويعتبر علماء ومتخصصون بالآثار متحف الموصل من أهم متاحف العالم حيث يحوي آلاف القطع الأثرية، وسرق العديد منها بعد الاحتلال الأمريكي للعراق 2003، وما صاحبه من فوضى أمنية وعمليات سرقة لعدد من متاحف العراق. ويسيطر تنظيم “داعش” على مدينة الموصل ومساحات واسعة شمالي وغربي وشرقي العراق وأخرى في جارتها سوريا، منذ يونيو/حزيران الماضي، ويعمل عادة على هدم الأضرحة والمزارات والآثار في المناطق التي يسيطر عليها بحجة أنها “أوثان ويعبد فيها غير الله”
الأناضول