“كفاكَ تبذيراً وإنهاكاً لجسدك، الأطفال أحقّ بتلك الأموال”
“أبو عبدو” من مهجري ريف حماة الشمالي، يسكن بصحبة عائلته في مخيمات الحدود التركية، مهاجراً منذ ما يقارب الخمس سنوات.
اعتاد “أبو عبدو” سماع تلك العبارات من زوجته مراراً وتكراراً، فكما تقول، إن أطفالها أحقّ بثمن علبتي السجائر اللتين يشتريهما يومياً رغم ضيق حاله.
“تشرب في اليوم علبتي سجائر.. ألا تخاف الله في صحتك وأطفالك؟”
_ وهل تدفعين ثمنها أنت؟؟ وكيف سأصبر على هذه الحياة بدون التدخين!
هذا جوابك المعتاد دوماً، التدخين يصبرني وينسيني همومي، ولا تنظر إلى حالتنا وصحتك المتهالكة، ألا تخجل عندما يطلب أحد الأولاد شيئاً ولا تستطيع التلبية؟
اليوم والبارحة لم نوقد ناراً أو نطبخ طبخة!”
يحمل أبو عبدو سيجارته بين أصابعه المرتجفة، يكمل شرب كأس الشاي الثقيل كما يحبه، غير مبالٍ بكلام زوجته وإصرارها المعتاد.
مشاكل يومية بين أبو عبدو وزوجته، فضيق الحال يدفعها لتلك النقاشات العقيمة، فإدمان أبو عبدو التدخين، يجعل السجائر أُولى متطلباته ومصاريفه.
“أشعر أن صدري يكاد ينفجر، ضيقٌ شديد في التنفس”
تردّ أم عبدو وعليها علامات الشماتة والقلق “خلي الدخان ينفعك، كم أخبرتك أن التدخين سيسبب لك مشاكلاً صحية؟”
يُحمل أبو عبدو بسيارة الإسعاف نحو مشفى القلبية، لتبدأ رحلة الفحوصات وتخطيط القلب..
“يحتاج لعملية تنظير في القلب “قثطرة” مستعجلةٍ، وعلى إثرها نقرّر حالته ”
بعد التنظير تبين أن هناك انسداد في شرايين القلب، تم وضع” رواصير” داخلها لإعادة فتحها مجدداً.
“إياك والعودة مجدداً للتدخين، وإلا ستخسر روحك وستتفاقم حالتك، تابع أدويتك بانتظامٍ، فهذه الأدوية سترافقك مدى الحياة” ..هذا ماقاله الطبيب لأبي عبدو قبل مغادرة المشفى.
كانت تلك الوعكة الصحية خيرُ رادعٍ لأبي عبدو، ليقلع عن التدخين مُكرهاً، رغم تولعه الشديد به.
وكما يقول إنّه رفيق العمر الذي لم يفارقه طوال عشرين سنة، وأنه يشتاق له ويفتقده كثيراً.
مشاكل التدخين وأضراره تعاني منها أغلب المنازل، فأعداد المدخنين فاقت 1.3 مليار مدخن، يستهلكون أطناناً من التبغ، وأضراره تنعكس على الأطفال والمراهقين سلباً، رغم كل الإجراءات التي تتبعها الحكومات في حظر بيعه للمراهقين والاطفال.
فنسب الأطفال المدخنين، بين عمر 13-15 سنةً، فاقت 22% من المدخنين في “البلدان العربية”.
تلك النسب والأرقام تستوجب من المجتمع إعادة النظر في ممارسة تلك العادة المضرّة، والعمل على ضبط بيع السجائر للأطفال، وتثقيف الناس حول مضار التدخين وآثاره السلبية.
إبراهيم الخطيب