لا يمكن للظروف الصعبة أن تقهر الطموح لدى الإنسان، و لا يمكن لها أن تقتل أرادة الحياة، حسام عثمان أبو فيصل أحد المهجرين قسرا من بلدة كرناز في ريف حماة إلى الحدود السورية التركية.
” أبو فيصل ” .. لم يستسلم لليأس و هذا ما دفعه لبدء التحدي، فأسس ورشة الكرنازي لتصليح الآلات الزراعية و لكن إبداعه سبقه، فقرر أن ينتقل بسرعة من مرحلة التصليح والصيانة إلى مرحلة التصنيع، فأحضر الآلات الزراعية الأكثر استخداماً من قبل المزارعين، و بدأ بتصنيعها بدقة متناهية.
التقينا به و قال ” كل شيء يبدأ بفكرة و أنا بدأت مشروعي بفكرة التصليح، و لكن بعد ذلك أصبحت أصنع الآلات الزراعية بنفسي و أعرضها على المزارعين، بدل شرائها من تركيا بأسعار باهظة ” .
أثبتت الآلات الزراعية التي يصنعها أبو فيصل فاعلية كبيرة في الحقول وخصوصا أنها أرخص بمقدار النصف من مثيلتها التركية، كما أن قطع غيارها و صيانتها متوفرة بكثرة و من بين تلك المصنوعات آلة قلع البطاطا و آلة
فرش البذار والسماد في التربة .
يتابع محدثنا حديثة فيقول ” بدأنا باستجلاب الآلات وتفكيكها بالبرغي، ثم بدأت بتصنيع قطعها و بعد ذلك بدأت بتركيبها و استخدامها و فعلا أثبت مقدرة جبارة و اداء عالي ” .
هناك في ورشة الكرنازي، حيث يعمل أبو فيصل، التقينا ابنه الأكبر فيصل الذي حدثنا عن طموحاته وعن حبه لتعلم مهنة والده و عن أمله في اكمال دراسته حتى الوصول إلى دراسة الهندسة الزراعية ليطور مصنوعات والده، حيث قال ” أنا افتخر بمهنة والدي و اتمنى أن أكبر و أتعلم أكثر دون أن أترك مدرستي لكي أطور هذه الورشة إلى معمل ضخم ” .
تتم عملية صناعة الآلات الزراعية بمراحل متعددة، فالورشة تبدو كخلية نحل، حيث أن هناك عمال للخراطة وعمال للحدادة و عمال للحم الأوكسجيني وعمال على المكابس .
التقينا أيضا مع خالد سبيع أحد العمال في الورشة، قال : ” الحمد لله نحن الآن نبيع المئات من الآلات الزراعية وهناك مشروع لتصديرها لمناطق أخرى في الشمال المحرر، و أنا شخصيا اعمل في قسم التركيب قبل الدهان والاختبار ” .
تبقى هكذا مبادرات أو إبداعات، يعوزها الدعم والتمويل، لو أن أبو فيصل حصل على الدعم الحكومي الكافي كما قال، لكان استطاع تأسيس مصنع ضخم يستطيع تصدير إنتاجة لكل دول العالم .
بقلم : ضياء عسود