روت لي كلماتها بعبرات تسيل من عينيها تخاطبني أنّ حزنها أعمق من أن تحكيه بلسانها “مها” اسم مستعار، لشابة لم تتجاوز الخامسة والعشرين عاماً قالت بنبرة ممزوجة بحزن : استلت قذيفة روح والدي وأخي منذ عشر سنوات عندما كنا في ريف إدلب لتترك والدتي مريضة بداء يحرمها النوم إلا بالحبوب المهدئة.
تابعت حديثها خائضة بين أمواج من الألم والحزن، كنت عندها في الرابعة عشرة وأختي عمرها سنتان، أهل والدي طمعوا بما تركه أبي خلفه، حتى البيت الذي يأوينا.
وبذات الألم الذي يختلج في صدرها قالت مها: أرادوا الاستيلاء على كلّ شيء، لكن دون أن يقدموا مقابل ذلك، حتى سعوا لتزويجي لأي شخص عابر ، المهم أن يرتاحوا من عبء مصروفي.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/460968595831900/?extid=WA-UNK-UNK-UNK-UNK_GK0T-GK1C&ref=sharing
تصف مها حال الليالي الطويلة التي كابدتها وكما يقال ليل اليتيم طويل قائلة: كثيرة هي الليالي التي أمضيها باكية على حالنا، تحمّلت والدتي الكثير لكن أخيراً قررت اللّجوء لأهلها ظنًا منها أنّ الحال سيكون أفضل لكننا أصبحنا “كالمستجير من الرمضاء بالنار”
وعن المرحلة الجديدة تحكي مها: لأنّ أهل والدتي لم يكونوا أحسن حالاً استثقلوا مصروفنا ومصروف دواء والدتي وأختي ودائمًا ما يشعروننا بأننا عبء عليهم أيضاً، كنت أبكي ويتمزق قلبي حرقةً أين الملاذ لا أدري.
زواج ظنت فيه الحلّ لآلامها
كانت حياة جديدة لكنّ الحزن والألم بالمرصاد ظنت مها أنّ فارس الأحلام سيأخذها لمكان آمن لكنّ لا حياة لمن تنادي قالت :بدأت أعدّ الأيام التي أخلص بها من ذلّ من استجرنا بهم، حتى جاء اليوم المشؤم وقال لي خالي: “مها رفيقي ابن حلال وآدمي بدو بنت يستر عليها شو رأيك صحيح لح تبعدي عنا وتعيش بمكان تاني بس الزلمة مكفول”
مها: دون تردد “متل ما بدك خالي”.
وافقت مها وعندها كانت في الخامسة عشر من عمرها ومن طلبها في الخامسة والثلاثين ،ثلاثة أيام فقط ودون مهر أبداً نقلتها من العزوبية إلى الزواج ، بداية كانت الحياة تضحك لها أو بالأحرى هذا ما ظنته.
لكنه كان متزوج من امرأة ثانية وبمجرد علمها بزواجه من مها انقلبت حياتها راساً على عقب، وعندها كانت قد أنجبت بنتاً
تتابع مها تفاصيل مأساتها : بدأت حياتي معه تزداد سوء لكني تحملت القسوة لم يبق لي ملاذ أمن ألجأ له وأنجبت طفلًا ثانيًا، ظننت حياتنا ستتحسن لكن الهم مازال بالمرصاد .
وأخر القصة لتي لم تنته بعد تقول مها: بين ليلة وضحاها قرر أن يتخلى عني ويسافر خارج البلاد ليلتحق بالبلد الذي تقيم فيه زوجته الأولى ليتركني وحيدةً، وقد ازداد همي كيف لي برعاية طفلين ومن أين أدفع اجار المنزل وأنا بعيدة عن والدتي التي بالكاد تؤمن ثمن دوائها ومصروف أختي، هل أعود لأحتمي بمن تخلوا عني وأنا بمفردي فكيف اليوم ومعي طفلين.
تتابع مها مكفكفة دموعها :مؤلمة هي الحياة ،كيف لأشخاص لم نسئ لهم أن يسيؤوا لنا وإلى متى ندفع نحن الضعفاء ثمن الحرب التي يخوضها الأقوياء!!!