تكاد “بدور” تفقد عقلها لهول المصيبة التي قلبت حياتها رأساً على عقب بسبب موت زوجها “مراد” الشاب الثلاثيني، فوفاته صدمة دمرت قلبها وهزت كيانها وهي لا تزال في ريعان شبابها، حيث لم يمض على زواجهما سوى بضع سنوات، لتعيش مرارة العذاب والفراق أمام حياة صعبة ومجتمع لم يرحمها، خصوصاً أنها في بلاد الغربة حيث أن الأهل والأقارب في سوريا.
تقول بدور الشابة العشرينية والحزن يملأ عينيها البنيتين، وفاة مراد هوي موت تاني بالنسبة إلي”. وتعتبره بدوره الزوج والصديق والأخ، ورحيله في عام 2020 إثر أزمة قلبية في منطقة الجوف في السعودية هو ألم سكن فؤادها وأوجع روحها المنكسرة، رسمت “بدور” طريقها بدموع حزينة على ذكريات جميلة وشوق إلى أيام ولحظات لا تمحوها السنين، وتمسكت بكل شيء جمعها مع زوجها وطالما تأملت صورته وطيفه في ملامح طفلها “علي”.
واقع أليم عاشته بدور وصدمة مريرة رفضت تقبلها لفكرة فراق زوجها، أوقفت عقلها عن التفكير وغيرت لحظات السعادة لتستبدلها بمرارة الفقدان، تتابع بدور حديثها: ” مراد كان كل شي بالنسبة إلي وما بتخيل حياتي بدونو” ليحتوي “بدور” شعور الاستسلام والضعف وعدم القدرة على مواجهة الواقع وملء الفراغ الذي تركه “مراد” الذي تعتبره بدور مصدر الأمان والقوة وبفراقه خسرت السند الذي تتكئ عليه وتأوي إليه كلما ضاق بها الحال .
تنظر بدور بحسرة إلى ابنها علي وتمرر يديها الناعمتين بين خصلات شعره ثم تحتضنه بقوة لتصرخ ” راح البابا يا عمري وصفيت بلا أب ياعلي “، فموت مراد المفاجئ خلّف معاناة ومسؤولية كبيرة كان على “بدور” تحملها رغم بداية مشوار حياتها مع وجود طفل صغير يبحث رغم صغر سنه عن حياة آمنة ويد حانية تعوض له حنان والده.
” رح حاول كون قوية وأبدأ حياتي من جديد كرمال ابني علي” تقول بدور، محاولة تخطي أحزانها وتجاوز أزمتها وزرع فكرة التخلي عن دور الضعيفة واستمداد القوة لأجل طفلها علي الذي يعطيها الدافع للبحث في داخلها عن منابع الثقة والثغرات الإيجابية التي تمتلكها، الأمر الذي يجعل بدور ترى الحياة بنظرة جديدة تدفعها إلى بناء حياتها ومستقبلها من جديد.
لتبدأ بدور حياة كفاح جديدة بنظرة مليئة بالتفاؤل بما هو قادم بوجود زوجها حسين الأخ الأصغر لزوجها السابق، الذي يعتبره ابنها علي أباً حنوناً عوضه غياب والده الحقيقي وملبياً لجميع احتياجاته وسط دفء أسري ينعم بالهدوء والسكينة.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع