هددت واشنطن طهران بفرض “اقوى عقوبات في التاريخ” اذا لم تلتزم بشروطها القاسية للتوصل الى “اتفاق جديد” موسع بعد الانسحاب الاميركي المثير للجدل من الاتفاق النووي الايراني.
وقال وزير الخارجية مايك بومبيو خلال عرضه “الاستراتيجية الجديدة” للولايات المتحدة بعد القرار المثير للدهشة الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب في الثامن من ايار/مايو الحالي “لن يكون لدى ايران مطلقا اليد الطولى للسيطرة على الشرق الاوسط”.
واثار الانسحاب الاميركي من الاتفاق المبرم عام 2015 بين القوى العظمى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والمانيا) وطهران لمنعها من حيازة القنبلة الذرية غضب الاوروبيين الذين حاولوا بدون جدوى التفاوض مع واشنطن للتوصل الى حلول من شانها ان “تشدد” هذا الاتفاق للتصدي لسلوك ايراني يعتبر “مزعزعا لاستقرار” المنطقة.
وحلفاء الولايات المتحدة اكثر انزعاجاً لان قرارها يفرض اعادة العمل بالعقوبات الاميركية بشكل كامل، الامر الذي يدينه الاوروبيون لانه سيتعين على شركاتهم العاملة في ايران التخلي عن استثماراتها هناك اذا اردات الوصول الى السوق الاميركية.
وانتظر الاتحاد الاوروبي وخصوصا باريس ولندن وبرلين خطاب بومبيو الذي وعد بتقديم رؤيته للمرحلة المقبلة.
لكن وزير الخارجية الاميركي، المعروف بخطابه المتشدد، لم يمد لهم يد العونً. وطالب ب”دعم” حلفاء الولايات المتحدة لاستراتيجيته.
ومع ادراكه الصعوبات التي تواجهها الشركات الاوروبية ، فقد حذر بشدة الشركات التي ستستمر في القيام بأعمال تجارية في إيران في قطاعات محظورة بموجب العقوبات الاميركية من انها “ستتحمل المسؤولية”.
وفي كلمته، انتقد التهاون في اتفاق 2015 كما يفعل ترامب دائما.
واعلن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية أن بلاده ستمارس “ضغوطا مالية غير مسبوقة على النظام الايراني” مع “اقوى العقوبات في التاريخ”، مؤكدا ان ذلك “مجرد بداية فقط”.
كما وعد “بملاحقة عملاء ايران ورديفهم حزب الله حول العالم لسحقهم”.
-12 شرطا-
وتنتقد واشنطن طهران بشدة بسبب حلفها مع الرئيس بشار الاسد في سوريا، وحزب الله في لبنان، والمتمردين الحوثيين في اليمن. لكن بومبيو ابدى انفتاحا ازاء النظام الايراني، قائلاً إنه مستعد للتفاوض معه على “اتفاق جديد” اوسع بكثير لكن اكثر صرامة بهدف “تغيير سلوكه”.
واضاف انه “في مقابل القيام بتغييرات كبيرة في إيران ، فإن الولايات المتحدة مستعدة” لرفع العقوبات في نهاية المطاف و”اعادة جميع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إيران” و “دعم” الاقتصاد الايراني.
واوضح بومبيو ان هذا لن يحدث الا بعد “تطورات ملموسة يمكن التثبت منها مع مرور الوقت”.
وحدد قائمة تضم 12 شرطا قاسيا للتوصل الى “اتفاقية جديدة”.
وفي الشق النووي، تتجاوز مطالب الولايات المتحدة اتفاقية عام 2015 التي لا تنوي واشنطن “إعادة التفاوض بشأنها”.
اذ يجب أن توقف ايران كل تخصيب لليورانيوم وتغلق مفاعل الماء الخفيف الخاص بها وتمنح المفتشين الدوليين حق الوصول غير المشروط إلى جميع المواقع في البلاد.
وقال انه يجب على طهران ايضا وضع حد للصواريخ البالستية واطلاق او تطوير صواريخ ذات قدرات نووية.
واخيرا، شدد بومبيو على ضرورة ان تنسحب الجمهورية الإسلامية من سوريا وتتوقف عن التدخل في نزاعات المنطقة (اليمن) وتمتنع عن دعم الجماعات “الإرهابية” (حزب الله والجهاد الاسلامي وحركة طالبان افغانستان والقاعدة)، والتدخل في شؤون جيرانها كما هي الحال في العراق او لبنان ، او ان تهدد الآخرين مثل إسرائيل او السعودية.
واعتبر ان الشروط ال12 “قد تبدو غير واقعية”، لكنها مطالب “اساسية”.
وختم قائلا “في نهاية الامر، سيتعين على الشعب الايراني اختيار قادته” في اشارة الى رغبة سائدة لدى البعض في الادارة الاميركية في تغيير النظام.
اشاد محللون محافظون مثل مارك دوبوفيتز، من معهد الدفاع عن الديموقراطيات، بهذه “الضغوط القصوى”، التي تذكر بالاستراتيجية الاميركية تجاه كوريا الشمالية.
ويعتبر دوبوفتيز ذلك “خطة بديلة واضحة تقضي بتكثيف الازمة السياسية والضغوط على السيولة لدى النظام الايراني لاجباره على تغييرات اساسية مع وعد باتفاق دبلوماسي كبير”.
خلافا لذلك في المقابل، ترى “دبلوماسي وركس”، وهي مجموعة ضغط تدافع عن اتفاق عام 2015، ان التهديد بفرض عقوبات غير مسبوقة عرضة لعدم النجاح لان الحلفاء الاوروبيين ليسوا على استعداد لتاييد ذلك.
واضافت “انها الرؤية ذاتها التي دافع عنها الصقور منذ عقود وفشلت في الشرق الاوسط”.
المصدر : فرانس برس