تقول كاتبة مقال إن السياسة الخارجية الأميركية لطالما سعت لخدمة مصالحها الاقتصادية والأمنية فقط، متجاهلة مصير شعوب متناحرة ودول تنخر أجسادها الحروب. وقد حان الآن دور الأكراد والعديد من الحلفاء الآخرين للخداع والخيانة الأميركيين.
وذكر المقال المنشور بواشنطن بوست أن قرار الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات من سوريا فاجأ العديد من الأشخاص، نظرا لأن تداعياته تتجاوز حدود سوريا.
تهديد مزدوج
فمن جهتها، تهدد تركيا بشن حملة شمال البلاد، بينما يبدو أن الحكومة السورية تنظم صفوفها لتستعيد السيطرة على المنطقة بالقوة. وبين هذا وذاك، يسعى تنظيم الدولة إلى إعداد قواته وسط البلاد، مما تسبب في ذعر العرب والأكراد على حد سواء.
وقالت سلي إن آلاف المواطنين الأكراد الغاضبين حثوا الحكومة الأميركية على العدول عن قرارها حاملين صور أطفالهم الذين لقوا حتفهم خلال قتال تنظيم الدولة، أثناء سيرهم نحو القاعدة العسكرية الأميركية بمدينة (عين العرب) كوباني السورية. ويخشى الأكراد المرتاعون من أن يلاقي أهلهم وأبناؤهم المصير ذاته عقب رحيل القوات الأميركية.
وأوردت أن قرار ترامب يمثل انتكاسة أخرى للتطلعات الكردية بإقامة دولة خاصة بهم في سوريا، كما يمثل فصلا آخر من الخداع والتهميش لهم من طرف واشنطن التي سبق أن غدرت بهم عندما تخلت عن دعم الانتفاضة الكردية فيالعراق سنة 1975، كما امتنعت إدارة ترامب السنة الماضية عن تقديم الدعم لاستفتاء استقلال إقليم كردستانالعراق.
أعضاء المجلس العسكري لمنبج (أكراد) خلال مؤتمر صحفي بمنبج في يونيو/حزيران الماضي (رويترز) |
انعدام الثقة
ونسبت إلى الصحفي الكردي السوري هوشينك حسن قوله إن هذا التغيير المفاجئ بالسياسة الأميركية لا يثير قلق الأكراد السوريين فقط، بل جميع حلفاء واشنطن بالمنطقة، مضيفا أن المعضلة الحقيقية تكمن في انعدام الثقة، مما سيدفع الحكومات لإعادة تقييم تحالفاتها مع القوى العظمى التي قد تتخلى عنها أي لحظة.
وأضاف حسن أن أكبر المستفيدين من هذا الوضع هم روسيا وتركيا وإيران، مشيرا إلى أن هذه الدول تمثل القوى الجديدة في الشرق الأوسط. وتساءل “لماذا نعارض القوى الجديدة أو نعاديها؟”.
وأوضحت سلي أن الأكراد- الذين يعيشون بالبلدات والقرى على طول الحدود الشمالية السورية- عبروا عن خوفهم من التهديد المستمر للتوغل التركي، مشيرة إلى أن هذا التهديد لعب دوراً كبيرا في قرار ترامب سحب قواته، حيث يُقال إنه اتخذه إثر مكالمة هاتفية أجراها الجمعة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان المعروف بمعارضته للدعم الأميركي للكيان الكردي الجديد المتمركز على حدود بلاده.
خنادق ودفاعات
وظل الأكراد طوال أسابيع يحفرون الخنادق حول القرى المجاورة لتركيا كوسيلة دفاعية ضد القوات التركية التي كانت تتجمع على الجانب الآخر من الحدود. لكن من غير الواضح ما إذا كان قرار ترامب سحب قواته ومحادثته مع أردوغان سيؤخر أو يمنع أو يشجع العمليات العسكرية التركية.
وأوضحت الكاتبة أن المسؤولين الأتراك أكدوا تهديدهم عقب قرار ترامب. ووفقا لـ صالح مسلم المتحدث باسم الهيئة السياسية الكردية الرئيسية (الاتحاد الديمقراطي الشعبي أو حزب الاتحاد الديمقراطي) فإن الأكراد السوريين يأملون الآن إعادة إحياء المفاوضات مع الحكومة السورية للتوصل لصفقة تمكنهم من مواجهة تركيا معا.
وفي شأن ذي صلة، أفاد مسؤولون أكراد بأنهم ربما يتخلون عن القتال، كما قال المتحدث باسم الهيئة الكردية إنه لم يتم التوصل إلى أي قرار بعد. لكن، إذا استمرت تركيا في التهديد بالتوغل، فمن المحتمل أن يغادر العديد من المقاتلين الخطوط الأمامية للقتال ضد تنظيم الدولة من أجل الدفاع عن منازلهم بالشمال.
مطالبة بدعم جوي
علاوة على ذلك، أورد المتحدث أن الأكراد يحثون واشنطن على مواصلة دعمها الجوي لهم والذي أثبت فعاليته في إبعاد تنظيم الدولة من المناطق الشاسعة التي احتلها التنظيم سابقا. ويأمل الأكراد أن تعلن أميركا عن منطقة حظر جوي كتلك التي فرضتها على كردستان العراق سنة 1991، والتي أعاقت تقدم قوات الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين إلى المناطق الكردية وساعدت في إقامة منطقة كردية مستقلة.
وأضافت أن هناك مخاوف من عودة ظهور تنظيم الدولة وانتشاره على نطاق واسع بجميع أنحاء المنطقة. لهذا السبب، حذرت قوات سوريا الديمقراطية من أن انسحاب القوات الأميركية سيسهل عودة المسلحين الذين سيعيدون تجميع صفوفهم من جديد.
المصدر : واشنطن بوست-الجزيرة