قوانين مكافحة الإرهاب ومصادرة الملكية
القانون رقم 19 لعام 2012 والقانون رقم 22 لعام 2012
مقدمة:
بعد أن عاش السوريون قرابة سبعة وأربعين عاما تحت أحكام قانون الطوارئ ونتيجة للاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في منتصف شهر آذار عام 2011 أصدر النظام السوري مرسومين بتاريخ 21/4/2011
الأول: رقم / 161/ القاضي بإنهاء العمل بحالة الطوارئ التي فرضت منذ 8/3/1963
والثاني: رقم/ 53/ القاضي بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا
هذه المراسيم كانت شكلية ولم تنعكس إيجابيا على أرض الواقع وتلبي مطالب المتظاهرين بل على العكس ازدادت حدة العنف العسكري تجاه المتظاهرين المدنيين وتضاعفت حملات الاعتقال التعسفي.
فلذلك وبسبب حاجة النظام السوري إلى غطاء قانوني يبرر جرائمه استخدم القانون كسلاح إضافي للانتقام من معارضيه فأصدر قوانين استثنائية ومنها:
- قانون مكافحة الإهاب رقم 19عام 2012 بتاريخ 2/7/2012 مستغلا مصطلح مكافحة الإرهاب
- قانون إحداث محكمة مكافحة الإرهاب رقم 22 لعام 2012 26/7/2012 وهي محكمة استثنائية.
هل يمكن أن تصادر أملاكك دون علمك، كيف يؤثر قانون الإرهاب على المتهمين وعوائلهم؟؟
مخاطر هذين القانونين:
- عُرِّفَ العمل الإرهابي وفق المادة الأولى قانون مكافحة الإرهاب بعبارات واسعة وعامة وتقبل التفسير والتأويل لتشمل المعارضين للنظام والعاملين بالقطاع الإنساني وأصحاب الرأي والصحفيين وتوزيع المطبوعات واستخدام المواقع الإلكترونية لنشر الأخبار
- محكمة مكافحة الإرهاب هي استثنائية مخصصة لتطبيق قانون مكافحة الإرهاب ويسمى جميع قضاتها بمراسيم، وأحد مستشاري المحكمة عسكري، وقاضي التحقيق فيها يمنح صلاحيات قاضي الإحالة وتحاكم العسكريين والمدنيين والبالغين والقاصرين دون تفريق
- محكمة مكافحة الإرهاب لا تتقيد بالأصول المنصوص عليها في التشريعات النافذة وذلك في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والمحاكمة القانونية كعلنية المحاكمة ولا توفر ضمانات حق الدفاع للمدعى عليهم وتعتمد على أقوالهم التي انتزعت منهم في الأفرع الأمنية تحت الإكراه والتعذيب كدليل إدانة وحيد وتصدر أحكاما متشددة تصل الى الإعدام
- لا تخضع الأحكام الغيابية الصادرة عن هذه المحكمة إلى إعادة المحاكمة في حال إلقاء القبض على المحكوم عليه وفقا لنص المادة /333/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي تنص على:
(إذا سلم المتهم الغائب نفسه الى الحكومة أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بالتقادم فيعتبر الحكم وسائر المعاملات الجارية اعتبارا من صدور مذكرة القبض أو قرار المهل ملغى حكما وتعاد المحاكمة وفقا للأصول العادية)
بل اشترط هذا القانون أن يسلم المحكوم غيابيا نفسه طواعية حتى يلغى الحكم وتعاد المحاكمة ووفقا للمادة /6/ من قانون أحداثها:
(لا تخضع الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة لإعادة المحاكمة في حال إلقاء القبض على المحكوم عليه إلا إذا سلم نفسه طواعية)
مخاطر هذين القانونين على الملكية العقارية:
- وفق المادة /11/ خول قانون مكافحة الإرهاب النائب العام بمحكمة الإرهاب أن يأمر بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدعى عليهم وأيضا خول قاض التحقيق بمحكمة الإرهاب بصلاحية تجميد الأموال إذا لم يصدر النائب العام قرارا بذلك
- وعند صدور حكم المحكمة بالإدانة ووفقا للمادة /12/ يتم مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدعى عليهم وتنقل الملكية إلى اسم الدولة
مخاطر هذين القانونين على النازحين واللاجئين:
إن هذين القانونين يشكلان خطراً حقيقياً على النازحين واللاجئين السوريين وممتلكاتهم والبالغ عددهم أكثر من نصف عدد السكان السوريين وذلك حسب تقارير دولية
فلا أحد من هؤلاء يعلم فيما إذا تم الادعاء عليه أمام محكمة مكافحة الإرهاب أو قد صدر بحقه حكما غيابيا. وقد صدم الكثير منهم عندما علموا بتجميد أموالهم أو مصادرتها (وذلك بمساعدة قريب أو صديق استحصل على بيان قيد عقاري لملكيته) بموجب هذه القوانين التعسفية واستحالة مراجعتهم لتلك المحكمة خوفا على حياتهم
لذلك فإن هذين القانونين شكلا وسيلة قانونية للانتقام ولسلب الممتلكات ولا سيما الممتلكات العقارية، فهما يعتمدان بالدرجة الأولى على ضبوط الأجهزة الأمنية التي تستطيع أن تضع الأسماء التي تريد الانتقام منها ضمن هذه الضبوط وتحيلها الى محكمة مكافحة الإرهاب ليتم محاكمتهم غيابيا بأحكام متشددة ومصادرة ممتلكاتهم سواء كانت منقولة أم غير منقولة
آثار ملموسة لهذين القانونَيْن على الملكية العقارية:
1-وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها حول محكمة مكافحة الإرهاب:
-أن ما لا يقل عن/10767/ شخصاً بينهم/ 896 / سيدة و/16/ طفلاً لا يزالون يخضعون لمحكمة قضايا الإرهاب منذ تشكيلها في تموز/ 2012 حتى تشرين الأول/ 2020
-إضافة إلى ما لا يقل عن 3064 شخصاً حوكموا من قبل محكمة مكافحة الإرهاب بأحكام تتراوح بين السجن (بين 10 -15 – 20 عاما) والإعدام
-وسجَّل التقرير منذ بداية عام 2014 حتى تشرين الأول/ 2020 ما لا يقل عن 3970 حالة حجز استهدفت المعارضين الموقوفين أو المشردين قسرياً، ومن بينهم ما لا يقل عن 57 طفلاً.
-وأن هذه المحكمة قد نظرت بقرابة /90/ ألف قضية
2-وفي تعميم لوزارة الإدارة المحلية والبيئة رقم /346/ تاريخ 3/10/2019 القاضي بالإسراع بمصادرة ونقل ملكية الأملاك الناتجة عن تطبيق قانون مكافحة الإرهاب الى اسم الدولة
ظهرت جدية النظام واستعجاله لسلب الملكية العقارية الفردية للمحكوم عليهم ونقلها من اسمه إلى اسم الدولة
مخالفة هذه القوانين للقوانين والمواثيق الدولية:
- إن هذه القوانين هي قوانين استثنائية؛ إذْ إنها تحاكم البالغين والقاصرين والعسكريين والمدنيين دون تفريق ولا تتقيد بالأصول القانونية وتصادر الممتلكات وأحكامها قاسيه تصل للإعدام لذلك فإن الأحكام الصادرة بموجبها هي أحكام تعسفية وترقى الى جرائم ضد الإنسانية
- مخالفة للقانون الدولي الإنساني؛ لأن الأمم المتحدة وصفت النزاع في سوريا بأنه نزاع مسلح غير دولي ويلزم الأطراف بحماية المدنيين
- مخالفة للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي يعدّ أن الانتهاكات الجسيمة للمادة / 3/ المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربعة (إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلا نظاميا تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموما بأنه لا غنى عنها) يشكل جريمة حرب
- مخالفة للمادة التاسعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي تلزم الدولة باحترام حرية الأفراد وتمنع التوقيف والاعتقال التعسفي
- وأيضا مخالفة لمبادئ بينيرو التي تلزم الدولة بحماية جميع الأشخاص الخاضعين لولايتها القانونية أو لسيطرتها الفعلية. ويُحظر على الدول الإخلاء القسري وهدم المنازل وتدمير المناطق الزراعية ومصادرة الأراضي أو الاستيلاء عليها تعسفًا كإجراء تأديبي أو كوسيلة أو أسلوب للحرب، لأن لكل إنسان الحق في التمتع سلميًا بممتلكاته والعيش في سكن لائق
خاتمة:
تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية في سوريا حولها إلى أداة لسن ما يناسبها من قوانين وجعل هذه القوانين وسيلة للانتقام وسلب الممتلكات بشكل تعسفي
والحقيقة أن القوانين التي تهدف الى تكريس الظلم وسلب الحقوق وانتهاكها ولا تهدف الى تحقيق العدالة وصيانة الحقوق هي ممارسات غير مشروعة ولا يشرعنها إطلاق اسم قوانين عليها
وعلى النازحين واللاجئين متابعة عقاراتهم واستخراج بيان قيد عقاري حديث (يتم استخراجه بسهوله من قبل أحد الاقرباء او محامي وهذا الأمر لا يحتاج لوكالة) وذلك لمعرفة الإشارات الموضوعة على صحائف عقاراتهم ومن خلال هذه الإشارات يظهر بوضوح نوعها (حجز احتياطي – تجميد – مصارة) ورقم الدعوى إضافة إلى الجهة التي أمرت بوضعها.
المراجع:
- قانون مكافحة الإرهاب رقم 19لعام 2012
- قانون إحداث محكمة مكافحة الإرهاب رقم 22 لعام 2012
- تقرير المفوضية السامية لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة
- تقرير الشبكة السورية لحقوق الانسان
- اتفاقيات جنيف الأربعة