سرّبت مصادر من الديوان الملكي السعودي، حسب وسائل إعلام عالمية، أنباء عن وجود «مؤامرة» جرى التحضير لها للانقلاب على وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وأن كبار أفراد العائلة المالكة حصلوا على أدلة على محاولة انقلاب، ودعمت هذه المصادر الواقعة بالحديث عن اتساع دائرة الاعتقالات التي طالت عمليا بعض أهم الشخصيات في «العائلة المالكة» نفسها وعشرات المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وعلى رأس قائمة الاعتقالات الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق، وشقيقه نواف بن نايف، كما استدعت وزير الداخلية الحالي عبد العزيز بن سعود بن نايف، ووالده الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية والابن الأكبر للأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي الأسبق، لاستجوابهما من قبل الديوان الملكي فيما يتعلق بعملية الانقلاب المزعومة.
حيثيات اتهام الأمير محمد بن سلمان للأمراء المشاركين في عملية الانقلاب المفترضة، حسب مصادر رسميّة سعودية تواصلت مع وكالة رويترز، هي أنهم قاموا «بإجراء اتصالات مع قوى أجنبية، منها الأمريكيون»، وهو اتهام ركيك حقاً، لأن الأمير أحمد بن عبد العزيز عاد للمملكة العربية السعودية نتيجة «اتصالات مع قوى أجنبية»، وأن الأمريكيين قدّموا له ضمانات بسلامته لو عاد للبلاد، وبالتالي فإن عودته تشكّل «بيعة» منه للملك سلمان ولوليّ العهد.
التفسير الحقيقي لما حصل هو أن الانقلاب جرى فعلا ولكن من قبل محمد بن سلمان على تلك «الضمانات» الأمريكية، وعلى الرأسمال السياسي لكامل العائلة المالكة وليس على منافسيه المحتملين فحسب، فـ«السيرة الذاتية» لوليّ العهد السعوديّ، التي امتلأت بأخطاء سياسية كارثية، محلّية وإقليمية وعالمية، أعطت بشكل غير مباشر وزنا ومصداقية كبيرين للأمراء الكبار الآخرين.
وقع الفأس، مع ذلك، على أحمد بن عبد العزيز، لأنه يعتبر الوريث الطبيعي لخط التسلسل المتبع الذي سارت عليه العائلة السعودية بعد وفاة المؤسس عبد العزيز بن سعود، وكذلك على محمد بن نايف، ولي العهد السابق وشقيقه نواف، لكن المقصود، في الحقيقة، هو أي أمير سعوديّ آخر يتمتع باحترام داخل الأسرة المالكة، أو لديه سيرة سياسية مرموقة وتقدير لدى المنظومة الدولية (وخصوصا الأمريكيين)، وقد نمت هذه المصداقية بالتناظر مع درجة الانحدار السياسي الذي تعرّضت له سمعة الأمير محمد بن سلمان، والسعودية عموما، بسبب أخطائه.
تشير التسريبات الآتية إلى أن ولي العهد قد يوجّه تهمة «الخيانة» إلى أولئك الكبار، فإذا حصل ذلك علناً، فسيكون إعلانا عن اتجاه المملكة العربية السعودية إلى حقبة جديدة غير مسبوقة، يقوم وليّ العهد السعودي خلالها بتكسير الأجنحة القويّة داخل العائلة المالكة السعودية لتشكيل نظام جديد يضمن السلطة المطلقة لبن سلمان ويحفظ الملك ضمن أبنائه فحسب.
الانقلاب حصل فعلاً ولكن على العائلة المالكة السعودية لصالح فرد واحد منها هو محمد بن سلمان.
نقلا عن القدس العربي