في ظل ضيق مساحة الأراضي الزراعية في الشمال السوري المحرر بسبب الحرب، بدأت تتفاقم مشكلة الحصول على الخبز وارتفعت أسعاره بشكل يفوق قدرة الأهالي، ويهدّد أكثر من ٤ ونصف مليون شخص.
انحسار مساحة القمح بالمحرر
يخاطر الأهالي بزراعة القمح على خطوط التماس مع قوات النظام في بغية تأمين الطحين الذي بات يعتبر مصدر رزقهم، بخاصة مع انحسار جزء كبير من المساحات في أرياف حماة وادلب الجنوبي والشرقي وريف حلب خلال حملة النظام أواخر عام 2019 متحدين مخاطر القصف لزراعة محاصيلهم.
بعد تراجع إنتاج موسم العام الماضي لـ 30 ألف طن قمح مقارنة مع 70 ألف طن عام 2020 حسب الاحصائيات ضمن المنطقة الصالحة للزراعة على مساحة تتجاوز 20 ألف هكتار، وارتفاع سعر الطحين، لجأت حكومة الإنقاذ لتشجيع زراعة القمح ودعم الفلاحين بالقروض لتمكينهم من الزراعة عن طريق مشروع دعم القمح الذي يتضمن الدعم بالبذور والاسمدة والمبيعات، المعلن في أيلول/سبتمبر الفائت.
خصّت حكومة الإنقاذ المستفيد بـ 250 كيلوغراماً من بذار القمح و 250 كيلوغراماً من سماد اليوريا، بالإضافة لمبيد أعشاب الأوراق العريضة عن كل هكتار يتم زراعته، على أن يسدد المنتفع قيمة المواد خلال جني المحصول.
وكانت قد أعلنت عبر موقع وزارة الزراعة والري قبل عدة أيام، افتتاح مركزين لتوزيع الأسمدة في مدينة معرة مصرين وما حولها وفي مدينة جسر الشغور لفلاحي الغاب وسهل الروج للمشتركين البالغ عددهم ألفاً و912 على مساحة 74 ألفاً و847 دونم وتسليمهم ألفاً و 797 طناً من سماد اليوريا و 6 آلاف و 512 ليتراً من المبيدات.
أشار محدثنا “أبو سليم” من قرية اللج بريف إدلب الغربي إلى أنّ زراعة القمح باتت مكلفة وحملاً ثقيلاً بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والبذور والأسمدة، بالإضافة إلى مخاطر الاستهداف خلال زراعة الموسم، حيث كانت قد وقعت مجزرة بحق خمسة من أبناء قريته قرب قليدين العام الماضي وحرق المحصول قبل جني الموسم من قبل قوات النظام المنتشرة في ريف حماة الغربي ومعسكر جورين.
فيما اعتبر “أبو قصي” من سهل الغاب المخاطرة لزراعة عشرة دونمات من محصول القمح في قريته أهون عليه من ترك أبنائه يموتون جوعاً في المخيم الذي يعيشون فيه قرب سرمدا، حسب قوله.
تعتبر منطقة الغاب وسهل الروج سلّة المحرر الغذائية قياسا بباقي المناطق للمساحات الزراعية الصالحة للاستثمار وغنى وخصوبة التربة وتوفر قنوات الري لنقل المياه وسهولة تنقل المزارعين رغم سيطرة قوات النظام على مساحة كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة بالغاب من قلعة المضيق جنوباً حتى قرية العميقة بالشمال على مساحة تقارب ١٠٠ ألف دونم.
ارتفاع أجور ضمان الأرض والحصاد و زراعة أصناف مجهولة
لايزال المأمول أدنى من الطموح بحسب |أبو حسين” النازح قرب دركوش معتبراً أنّ ارتفاع سعر ضمان دونم الزراعة في سهل الروج للمئة دولار بات مغامرة مع تسعيرة طنّ القمح بالمنطقة من قبل حكومة الإنقاذ 300 دولار، مبيناً أنّه بالنظر لارتفاع حراثة دونم الأرض لـ 80 ليرة تركي والبذار 60 وسعر كيس السماد قارب 40 دولاراً، وبرميل المازوت مكرر لأكثر من 140 دولاراً، وكلفة دونم الحصاد 10 دولارات جعلته يتردد بزراعة القمح.
وأمام كل هذه المشاكل اعتبر “عبدالرزاق” أنّ أصناف القمح التي يتم تداولها لزراعة القمح غير معروفة المصدر والمنشأ ذات مردود ضعيف مضيفاً “يا دوب طالع كلف الزراعة بعد أن وصل إنتاج دونم الأرض 80 كيلو غرام على مدى عامين”.
سعر الخبز يرهق الأهالي
بعد أشهر من دعم الخبز في تشرين الثاني الفائت، أوقفت حكومة الإنقاذ في 12 من آذار الجاري الدعم عن 40 فرناً لبيع ربطة الخبز بوزن 600 غرام بـ 2.5 ليعود مجدداً لتسعيرته الماضية التي أرهقت الأهالي في ظلّ حالة الفقر وانعدام مصدر دخل العائلات.
الجدير ذكره أنّ سعر ربطة الخبز 550 غرام أصبح بـ 5 ليرات في ظل تبريرات مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد التابعة لحكومة الإنقاذ “حمدو الجاسم” بأنّ الحرب الأوكرانية أثّرت على ارتفاع أسعار الطحين عالمياً حيث وصل لـ 450 دولاراً مقابل 390 دولاراً قبل الحرب.
تقرير خبري بقلم: نضال بيطار
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع