وقالت المجلة في مقال للكاتب أنطون عيسى إن الدعوات للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تنفيذ عملية عسكرية ضد قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد أصبحت أكثر صخبا في الأسابيع الأخيرة، في ظل الغضب جراء القصف الروسي والسوري الحالي المتواصل على الأحياء الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
وأضاف أن هذه الدعوات ليست جديدة، فالنقاد يحثون الرئيس أوباما منذ 2011 للتدخل في الحرب بسوريا بشكل أكبر
، في ظل الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في البلاد.
وأشار الكاتب إلى أن الرئيس أوباما سبق أن قرر توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد في أعقاب الغضب العالمي جراء استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية على أحياء تحت سيطرة المعارضة في شرقيدمشق في أغسطس/آب 2013.
وأضاف أنطون عيسى أن الصور المثيرة للقلق للمستشفيات التي تعرضت للدمار في حلب جراء القصف الروسي والسوري قبل أيام أدت مرة أخرى إلى غضب عالمي وإلى تصعيد الدعوات للرئيس أوباما كي يتدخل.
واستدرك الكاتب بالقول إن إدارة أوباما سبق أن امتنعت عن قصف قوات الأسد بعد الهجوم بالأسلحة الكيميائية عام 2013 وإنه من المحتمل أن يتردد الرئيس أوباما في اتخاذ إجراء عسكري ضد النظام السوري هذه المرة أيضا.
وأشار إلى جرائم الحرب المحتملة في سوريا وإلى دور مجلس الأمن الدولي إزاء جرائم سابقة ضد الإنسانية، وإلى الجانب الأخلاقي في المسألة، وقال إن الأخلاق تصبح شيئا هامشيا عندما يتعلق الأمر بخدمة مصالح القوة العظمى.
وقال الكاتب إن سياسة الرئيس أوباما المتمثلة في عدم التدخل في سوريا لا تعتبر حالة شاذة، وذلك باستثناء حملته ضد تنظيم الدولة الإسلامية التي تتجنب عمدا المواجهة مع الحكومة السورية أو الروس بطبيعة الحال.
وتساءل هل التدخل العسكري الأميركي ضد النظام السوري يصب في المصالح القومية الأميركية، آخذين في الحسبان احتمال المواجهة مع قوة عظمى مثل روسيا؟
وقال الكاتب إن الرئيس أوباما ربما يكون على حق عندما يكون حذرا إزاء التدخل العسكري في سوريا وذلك لأسباب من بينها:
– أن الحرب في سوريا حرب لم تبدأها الولايات المتحدة
– أن سوريا ليست ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لأميركا
– أن الحرب في سوريا لا تشكل خطرا وجوديا على الولايات المتحدة
واستدرك الكاتب بالقول لكن للحرب التي تعصف بسوريا بعض الفوائد من وجهة النظر الأميركية من بينها:
– أ الحرب في سوريا تجعل إيران وحزب الله اللبناني ينزفان من الناحية المالية والبشرية، فإيران فقدت العشرات من جنودها في سوريا بمن فيهم جنرالات برتب عالية.
– أن أعداء أميركا يذبح بعضهم بعضا في سوريا، وهم الأسد وحزب الله من جانب، والجهاديون السُنة من الجانب الآخر، وهذا سيناريو مرحب به في أميركا.
وقال الكاتب إن الولايات المتحدة توازن ما بين الفوائد التي يمكن أن تجنيها جراء تدخلها العسكري في الحرب السورية في مقابل التكلفة المحتملة، وأوضح:
– أن الإرهاب يزدهر في حالات الفوضى والدول المنهارة، وأنه في حالة سوريا والعراق تمدد حتى طال بالهجمات أوروبا وأميركا، ما يستدعي استجابة من جانب الولايات المتحدة.
– أن روسيا تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين تسعى جاهدة لتأكيد نفسها كقوة عالمية تؤخذ على محمل الجد من جانب الولايات المتحدة وقوى أخرى.
– أنه لا يوجد أي قوة إقليمية يمكنها المواجهة مع روسيا، وأن تركيا تعلمت أن هناك تداعيات خطيرة لأي خطوة بهذا الاتجاه.
– أن الشرق الأوسط الآن يعترف بروسيا كقوة عظمى بعد تدخلها بسوريا، وأن موسكو أصبحت مزارا للقادة الإقليميين.
– أن التدخل الروسي في سوريا قيد من حرية المناورة الأميركية في المنطقة.
وقال إنه إذا كان استقرار كل من سوريا والعراق يتطلب من الولايات المتحدة إلحاق الهزيمة بالجهاديين المتطرفين، فهل الدخول في حرب مع الأسد دون خطة شاملة للمرحلة اللاحقة يحقق هذه النتيجة؟
وهل عرض أميركا لقوتها العسكرية في سوريا ومهاجمتها حلفاء روسيا هي الوسيلة الوحيدة أمام الولايات المتحدة لاحتواء روسيا؟
وقال إنه يتعين على الإدارة الأميركية القادمة وضع إستراتيجية واضحة لمعالجة هذه المسائل الهامة بالحرب السورية، فإن استخدام القوة يعتمد على ما إذا كان ذلك يخدم مصلحة أميركا الوطنية، وهو ما قد لا يتحقق في حالة سوريا.
الجزيرة