قرأت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها، موقفا متناقضا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أبداه في الشرق الأوسط.
وتقول الصحيفة: “بالنظر إلى رغبة الرئيس ترامب، الذي يحب البهرجة، فإنه لم يكن هناك مكان أنسب لرحلته الخارجية من المملكة العربية السعودية، فالقصور والعباءات المزخرفة للملك سلمان ولحاشيته، ورقصة السيف (العرضة)، وحتى الكرة الأرضية المثيرة التي استخدمها السعوديون لافتتاح المركز الجديد لمكافحة الإرهاب، ذلك كله كان مناسبا لنجم سابق من نجوم تلفزيون الواقع”.
وتضيف الافتتاحية، التي ترجمتها “عربي21″، أن “مضيفي الرئيس لم يوفروا شيئا لإشباع رغبته في الظهور وصناعة العقود أو توقيعها، وحاول ترامب تعديل كلامه عن العالم الإسلامي، الذي قضى وقتا طويلا يسيء إليه، وكان هذا ضروريا، إن لم يكن متأخرا”.
وتعلق الصحيفة قائلة إن “اتهام ترامب للدين شوه حملته الانتخابية ورئاسته، وقوض التزام أمريكا الطويل بالحرية الدينية، وقدم ذخيرة جديدة للمتطرفين، الذين لا يستطيع ترامب هزيمتهم دون دعم القادة المسلمين”.
وتفيد الافتتاحية بأن “بقية ما جاء في رسالة ترامب مثيرة للقلق، فلم يقل شيئا عن سجل حقوق الإنسان الفقير في المجتمعات المسلمة، التي تقوم بالتمييز ضد المرأة، وقدم طريقا مثيرا للقلق، تقوم فيه الولايات المتحدة والدول السنية بالتعاون من أجل هدف مشترك، ليس ضد المتطرفين، لكن ضد إيران، وهو موقف قد يلاحقه”.
وتشير الصحيفة إلى أن “الرجل الذي اشتكى ذات مرة من أن (الإسلام يكرهنا)، وصفه بأنه من أعظم أديان العالم، وقال، كما ناقش عدد من مستشاريه، إن المعركة ليست بين الأديان والحضارات، لكنها بين مجرمين برابرة يريدون محو الحياة الإنسانية باسم الدين، ودعا القادة المسلمين إلى طرد المتطرفين من مجتمعاتهم، ومن أماكن العبادة، وخارج الأرض المقدسة، ومن على وجه الأرض”.
وتبين الافتتاحية أن “ترامب لم يقدم أي إرشادات تدل على كيفية شن الحرب ضد المتطرفين، وكيفية الانتصار فيها، ولم يظهر أي تقدير للرأي القائل بأن الوهابية، التي تمنح العائلة المالكة الشرعية، هي ذاتها من ألهم تنظيم الدولة، ولم يقل، كما قال باراك أوباما، إن الدول المسلمة لن تستطيع القضاء على التطرف طالما لم تقم بإصلاح نفسها ونظامها السياسي والاقتصادي، ولهذا سيكون بمقدور الناس، الذين يحملون مظالم ضد حكوماتهم، المشاركة في الحكم، والحصول على وظائف”.
وتلفت الصحيفة إلى أنه “بدلا من هذا كله، فإن ترامب اختار إيران، عدوة السعودية، التي تدعم المليشيات في اليمن ولبنان، وتقدم الدعم لرئيس النظام السوري بشار الأسد في سوريا، صحيح أن الكثير من نشاطات إيران تنشر الفوضى في المنطقة، لكن صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسهم هو الآخر بدعم الأسد”.
وتجد الافتتاحية أن “إيران تعد هدفا سهلا، خاصة أن الدول السنية تشعر بالتهديد منها، وتتنافس معها على النفوذ في المنطقة، بالإضافة إلى أن إسرائيل تبغض إيران، وكذلك العديد من الأعضاء في الكونغرس، ومع ذلك، فإن النظر لإيران على أنها عدو أمر سهل، وفي الوقت الذي يؤكد فيه ترامب الشراكة مع الدول المحافظة مثل السعودية، كان الإيرانيون ينتخبون حسن روحاني رئيسا، ويؤكدون أن مصلحتهم هي في التعاون مع الغرب”.
وتستدرك الصحيفة بأنه “رغم أن ترامب لم يحاضر على السعوديين حول حقوق الإنسان، إلا أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون كان يدعو إيران إلى إعادة الحقوق الأساسية للشعب، وسجل السعودية ليس أفضل من سجل إيران”.
وتختم “نيويورك تايمز” افتتاحيتها بالتحذير، قائلة إن “تصميم ترامب على بناء تحالف مع الدول السنية ضد إيران وعزلها قد يجر أمريكا نحو مواجهة عسكرية، وقد ينهار الاتفاق النووي الذي وقعته مع أمريكا وأوروبا، وهذه تداعيات لم يفكر بها ترامب كثيرا في غمرة حماسه للسعوديين”.
عربي 21