حذرت السلطات السودانية، أمس، من أن مناسيب نهر النيل، بلغت درجات غير مسبوقة، لم تحدث منذ أكثر من 100 عام، قد تؤدي إلى فيضانات مدمرة تتجاوز فيضانات الأعوام 1946 و1988 التي أوقعت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات ودمارا كبيرا في البلاد.
وتهدد المياه التي بدأت بالخروج من مجرى النيلين الأزرق والأبيض ونهر النيل، عددا من المناطق والأحياء بالعاصمة الخرطوم، ودمرت جسورا وغمرت عددا من القرى بولاية الجزيرة على مجرى النيل الأزرق. وبلغت حصيلة القرى المدمرة كليا أو جزئيا نحو 40 ألف قرية، معظمها في ولايات الجزيرة والبحر الأحمر وكسلا.
وبحسب آخر إحصائيات المجلس القومي للدفاع المدني، فإن نحو 88 قتيلا ومئات المصابين جراء السيول والأمطار الغزيرة التي ضربت عددا من ولايات البلاد خلال موسم الأمطار الحالي وحتى 25 أغسطس (آب) الحالي.
وقال وزير الري السوداني، ياسر عباس، إن مناسيب المياه سجلت مستويات لم تشهدها البلاد خلال 100 عام متجاوزة القياسات التي سجلت في الفيضانات التي ضربت البلاد في عامي 1946 و1988. وهي الأكثر تدميرا في تاريخ السودان الحديث. واستبعد أن تكون الزيادة الكبيرة في المياه لها أي صلة بتأثيرات سلبية لسد النهضة أو التغير في المناخ.
وأضاف عباس في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، أن قياس المياه في حبس الخرطوم، 17.43 متر، سيتوالى في الارتفاع بواحد سنتيمتر يوميا، إلى حين تتوقف مياه الأمطار المتدفقة من الهضبة الإثيوبية.
وناشد الوزير المواطنين الاستعداد للمساهمة في حماية مناطقهم وقراهم، منبها إلى أن وحدة الإنذار المبكر تتوقع تسجيل مستويات عالية في مناسيب المياه خلال الأسبوع المقبل.
وأدت السيول خلال موسم الأمطار الحالي، إلى انهيار كلي وجزئي لقرابة 40 ألف منزل، بجانب تضرر عدد كبير للمرافق الخدمية والتعليمية. وأكد عباس أن إدارات الوزارة تعمل على مدار الساعة مع الجهات المعنية لمراقبة الموقف وأعداد القراءات وتنبؤات الفيضانات للتقليل من أثار الفيضان.
ومن جانبه توقع رئيس لجنة الفيضان بالوزارة، عبد الرحمن صغيرون، زيادة كبيرة في إيرادات المياه التي يحملها النيل الأزرق ونهر عطبرة، مشيرا إلى أن القياسات بلغت حوالي 837 مليون متر مكعب، بزيادة 20 مليون متر مكعب في قراءات أول من أمس.
وأشار صغيرون إلى أن ارتفاع المياه في محطة الخرطوم بلغت زيادته أمس في حدود 3 سنتيمترات، الأمر يشكل مصدر خطر على المناطق الواقعة على ضفاف نهري النيل وعطبرة.
ومن جهة ثانية كشف صغيرون، عن ارتفاع مناسيب المياه في غالبية الأحباس في البلاد، وهي قياسات تتجاوز التي سجلت في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، وقال «حسب التنبؤات لا نتوقع انحسارا في المياه الأيام المقبلة».
ومن جهتها دعت لجنة الفيضانات الجهات المختصة والمواطنين لاتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم.
وغمرت المياه المتدفقة من النيل الأزرق أمس، أحد الطرق السريعة الذي يربط العاصمة الخرطوم بولاية الجزيرة بوسط البلاد، وحاصرت المياه منازل المواطنين بعدد من القرى والأرياف على جانبي الطريق، كما تدفقت مياه النيل الأبيض من أحد الجسور الرئيسية التي تربط مدينة أم درمان بالخرطوم. ويشير المجلس القومي للدفاع المدني، إلى أن أبرز المناطق المتأثرة من السيول والأمطار منذ بداية مرسم الأمطار تقع في ولايات الخرطوم والبحر الأحمر وكسلا وشمال دارفور وولاية الجزيرة.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن السيول والأمطار الغزيرة حاصرت عددا من المناطق والضواحي الوقعة شمال مدينة الخرطوم بحري، مضيفا أن المواطنين يجدون صعوبة كبيرة في التنقل والحركة.
وكانت الحكومة السودانية أعلنت حالة الاستنفار القصوى لتفادي وقوع خسائر وأضرار بسبب السيول والأمطار المتوقعة لهذا الموسم. وأدت الفيضانات والسيول في عام 1988 إلى مصرع المئات، وألحقت دمارا كبيرا بالعاصمة الخرطوم ومناطق واسعة من البلاد، وفاقت أعداد المتأثرين الملايين، ما حدا بحكومة رئيس الوزراء الأسبق، الصادق المهدي، إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة 6 أشهر.
نقلا عن الشرق الأوسط