“لم يعد الأمر يطاق هنا، العيش في لبنان أصبح كابوساً والأحوال المعيشية تضيق يوماً بعد الآخر، لا بد من سبيل للخلاص والخروج من هذه البلد، العودة إلى سوريا أيضاً ليست حلاً ولا أريد أن أخرج من واقع مذري لأسقط في آخر أكثر صعوبة”.
“محمد الخالد” شابٌ في مقتبل العمر، 22 عاماً عاش معظمها لاجئاً مهجراً من بلدته في ريف إدلب الجنوبي إلى لبنان مع عائلته، وقبل أشهر ومع ضيق الأوضاع المعيشية في لبنان أكثر فأكثر احتارَ ماذا يفعل وكيف يجد حلاً ليحسن أوضاعه وأوضاع عائلته، وبعد حيرة أتعبت تفكيره قرر الهجرة إلى أوروبا”.
يقول محمد “خرجت إلى لبنان وأنا في الصف الرابع، كبرت وترعرعت فيها وأصبحت جزءاً من حياتي وبلدي الثاني، لكن وبعد سوء الأوضاع المعيشية وقلة فرص العمل والأجور المتدنية لم نعد نستطيع العيش فيها، بدأت التفكير والبحث عن حل للمشكلة وكيف سأخرج من هذا الضيق الذي أعيش فيه، حاولت كثيراً حتى ارتبطت بفتاة في لبنان وأصبحت أطمح للوصول إلى ألمانيا حيث أقاربها وأقاربي والحياة أفضل بكثير مما أنا عليه الآن”.
لم تكن فكرة الخروج إلى ألمانيا سهلة بالنسبة لمحمد فالمخاطر كثيرة والتكاليف كبيرة وعمله في لبنان لا يكفي أن يؤمن له كل تلك التكاليف ويضيف “كنت متردداً بين أن أذهب أو لا، فكرة مجنونة أن تعود إلى سوريا عبر طرقات التهريب والطرقات العسكرية لتصل الشمال السوري، من ثم تبدأ سلسلة تهريب بين الدول حتى ألمانيا”.
تلقى محمد مساعدات مادية من أهله وأهل خطيبته ليستطيع تأمين تكاليف السفر إلى ألمانيا، رحلة مكلفة كانت قد كلفته 13 ألف دولار أمريكي من لبنان وحتى وصوله ألمانيا، مبلغ ليس سهلاً على أصحاب الدخل المحدود والعاملين في لبنان.
يحكي محمد باستغراب “لا أدري كيف وصلت إلى ألمانيا، كان الطريق جداً شاقا وطويلا وشبه مستحيل، ودعت أهلي وخرجت إلى سوريا، كانت زيارتي الأولى لها بعد النزوح ولا أذكر شيئاً فيها كنت حزيناً جداً وسعيداً بنفس الوقت، وبعد رحلة أيام وصلت المخيمات في إدلب التي وجدتها أضخم وأكبر مما تظهره الصور، وظللت فيها ما يقارب الشهر قبل محاولات التهريب إلى تركيا”.
وصل محمد إلى تركيا بعد عدة محاولات للتهريب، جلس عند أعمامه في أزمير التركية قبل أن يحاول إكمال طريقه باتجاه اليونان، لم يكن الأمر سهلاً وأخذ وقتاً أكثر من شهرين استمرت محاولات الوصول إلى اليونان عبر تركيا ليصل مؤخراً بعد تعب كبير.
يحكي محمد إحدى قصص التهريب إلى اليونان وأمارات الرهبة تبان عليه “كنا عدة أشخاص في المركب، كانت رحلة طويلة ومتعبة حينها، بعد ساعات من التعب ومخاطر البحر تعطل الركب قبالة السواحل اليونانية واحتجزنا من قبل حرس الحدود اليوناني لأيام ثم سلمونا إلى تركيا”.
“بعد عدة محاولات وصلت اليونان، كنت قد احتجزت عدة مرات لكن وصلت أخيراً، بينما كنت في المقابل أجهز لجواز سفر ألماني عن طريق أحد أقربائي لأخرج من اليونان عبر المطار إلى ألمانيا، حاولت جاهداً أن أصل رغم كل المتاعب، وبعد عدة محاولات استطعت أن أصل ألمانيا بسلام عبر مطار أثينا، واليوم اجتمعت بأقربائي وسلمت نفسي جالساً في كامب بشكل مؤقت”.
رحلة طويلة ومتعبة وفيها من المغامرات والمتاعب مالايخطر على بال هي ليست قصة لجوء لشخص ما بل لآلاف السوريين الذين هجروا من منازلهم وبلادهم، فقدوا أمل العودة إليها، فكان طريق التهريب هو الأمل من بين آهات الحروب والفقر والتشريد.
ابراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع