إسطنبول: أعاد اكتشاف 3 مقابر جماعية في ضواحي مدينة ترهونة الليبية (غرب) بعد أكثر من 4 أشهر من تحريرها التساؤل حول حجم المأساة التي خلفها اللواء التاسع (الكانيات) في المدينة.
حيث فاق عدد الجثث المكتشفة بترهونة 70 جثة (12 جديدة)، من إجمالي أكثر من 250 جثة مكتشفة إلى غاية الثلاثاء، في المنطقة الممتدة من جنوب العاصمة طرابلس إلى ترهونة على امتداد نحو 90 كلم.
ونقلت قناة ليبيا الأحرار (خاصة)، الثلاثاء، عن مدير البحث عن الجثث لطفي توفيق، إنه تم العثور على رفات 12 قتيلا، عقب اكتشاف ثلاث مقابر جماعية جديدة بمشروع الربط بترهونة.
** حفتر يرفض الكشف عن بقية المقابر الجماعية
وتورطت مليشيات الانقلابي خليفة حفتر، وعلى رأسها مليشيا اللواء التاسع، في ارتكاب هذه الجرائم خلال عدوانها على طرابلس ما بين 4 أبريل/ نيسان 2019، و5 يونيو/ حزيران 2020.
واتهم الجيش الليبي، حينها، مليشيات حفتر بارتكاب “جرائم إبادة بشعة” في حق عائلات بترهونة، وطالب بتحقيق أممي في هذه الجرائم.
وإلى جانب المقابر الجماعية الـ14 التي تم اكتشافها بعد تحرير ترهونة إلى غاية الثلاثاء، عثر على نحو 160 جثة في مستشفى ترهونة العام.
ووجهت أغلب تهم المقابر الجماعية إلى مليشيا الكانيات، لدورها في ارتكاب عدة مجازر خاصة بعد مقتل ثلاثة من قادتها (محسن الكاني وشقيقه عبد العظيم، وعبد الوهاب المقري)، في سبتمبر/ أيلول 2019، حيث قامت بتصفية عدد من الأسرى المدنيين والعسكريين قدرت الأمم المتحدة عددهم بأكثر من 30.
وسعت مليشيا الكانيات عند تأسيسها بتصفية أفراد عائلات بأكملها على غرار عائلة النعاجي، للهيمنة على المدينة وإخضاع العائلات الغنية والنافذة فيها.
وعقب انسحاب مليشيات حفتر من ترهونة، في يونيو الماضي، عبّرت البعثة الأممية للدعم في ليبيا عن القلق البالغ إزاء تقارير “مروعة” عن اكتشاف عدد من المقابر الجماعية معظمها في ترهونة، مطالبةً بإجراء “تحقيق سريع” حول عمليات “القتل خارج القانون”.
كما أبدت المحكمة الجنائية الدولية اهتمامها بالقضية، وأكدت أن تحقيقاتها “ستشمل الأحداث الأخيرة في ليبيا ومنها المقابر الجماعية في مدينة ترهونة”.
وقالت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة، في بيان، في 22 يونيو، إن مكتبها تلقى “معلومات موثوقة بخصوص 11 مقبرة جماعية مزعومة تحتوي على جثامين رجال ونساء وأطفال”.
بينما أعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، في أغسطس/ آب الماضي، عن تعيين ثلاثة محققين مستقلين لبعثة تقصي الحقائق في ليبيا.
لكن لم يصدر لحد الآن تقرير شامل للمحققين الثلاثة عن المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في ترهونة وجنوبي طرابلس.
وفي وقت سابق، طالبت عائلات مفقودين ومخفيين قسريا، في وقفة احتجاجية، بالكشف عن مصير ذويهم الذين اختطفتهم مليشيات حفتر، والذين لا يقل عددهم عن 250 شخصا، ومعاقبة المتورطين في هذه الجرائم.
ولم تبد مليشيات حفتر أي تعاون مع فرق البحث والتحقيق الليبية أو الأممية للكشف عن بقية المقابر الجماعية سواء في ترهونة أو في الأحياء الجنوبية لطرابلس.
** مليشيات حفتر تتحين الفرصة للعودة إلى مكان الجريمة
كما أن قادة وعناصر مليشيا اللواء التاسع هربت بمعظم تعدادها وعتادها العسكري نحو شرق ليبيا، واحتمت بمليشيات حفتر، دون أن يتم محاسبتها ومحاكمتها على جرائم الحرب التي ارتكبها في الغرب الليبي.
وتتحين مليشيا اللواء التاسع الفرصة للعودة إلى مواقعها السابقة في ترهونة من خلال هجوم جديد تحضر له مليشيات حفتر.
وهذا ما حذر منه وزير الدفاع الليبي صلاح الدين النمروش، مؤخرا من احتمال قيام مليشيات حفتر بمهاجمة مدن بني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس) وترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس) وغريان (100 كلم جنوب طرابلس)، والتي تقع جميعها في طوق العاصمة.
ويتزامن اكتشاف المقابر الجماعية الثلاثة بترهونة، مع زيارة وفد من أعيان شرق ليبيا الموالين لحفتر، إلى مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، الإثنين، للتباحث بشأن تبادل المحتجزين والجثامين بين الطرفين.
ولم يرشح عن اجتماع أعيان برقة ونظرائهم من مصراتة تفاصيل عن ما إذا كان الكشف عن مصير المفقودين والمقابر الجماعية في الغرب الليبي جزء من هذا الحوار.
لكن رئيس مجلس أعيان مصراتة محمد الرجوبي، أشار في تصريح صحافي، إلى رغبتهم في “تشكيل لجان مشتركة من الغرب والشرق والوسط والجنوب لحلحلة كل المشاكل العالقة”.
وفي غضون ذلك، تجري محادثات بين المجلس الأعلى للدولة في طرابلس (نيابي استشاري) “ونواب طبرق” الموالي لحفتر، على عدة مسارات سياسية وعسكرية ودستورية، وفي أكثر من بلد لإيجاد حل سياسي للأزمة المستمرة منذ 2011، لكن ملف المجازر الجماعية والمفقودين لم يطرح بعد على طاولة المفاوضات في أي منها.
نقلا عن القدس العربي