ربما أن بعض العرب لم يدركوا بعد معنى أنْ يظهر حسن نصر الله بالصورة التي ظهر بها في إطلالته التلفزيونية الأخيرة وأنْ يتحدى الأمة العربية ومعها الغرب كله وفي مقدمته الولايات المتحدة بإعلانه أنَّ طهران هي المسؤولة عن حزبه “حزب الله” مالياًّ وتسليحياًّ وكل شيء.. أيْ أنه هُوَ إيرانيٌّ وأن تبعيته ليس للبنان وإنما ل”الجمهورية الإسلامية في إيران” وأن قتاله في سورية في حقيقة الأمر ليس دفاعاً عن بشار الأسد وإنما عن نظامه الذي حولَّ :”القطر العربي السوري” إلى ولاية إيرانية وصلت سيطرتها حدَّ الإستيلاء على الأماكن التراثية التاريخية في دمشق وفي غيرها.
ولعل ما بات واضحاً ومعروفاً ولا يمكن إنكاره هو أنَّ هذا هو واقع الحال أيضاً في العراق حيث بات قاسم سليماني، الذي فاجأنا وفاجأ العراقيين وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري بأنه يعمل مستشاراً عسكرياًّ للحكومة العراقية، هو الآمر الناهي في بلاد الرافدين وهو ليس القائد العام وإنما القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية وهو الذي لا أمر إلا أمره ولا قرار إلا قراره.. وهكذا وما عداه فإنِّ كل الذين تتلألأ أكتافهم بالتيجان والنجوم وصدورهم بالنياشين هم مجرد “ديكور” لحقيقة أنَّ هذا البلد العربيَّ محتل مثله مثل سورية وأن القرار فيه ليس لأهله وإنما لؤلائك الذين يجلسون على الكراسي المرتفعة في طهران ولوكلائهم التابعين فعلياًّ لحراس الثورة الإيرانية.
أليس عاراً وعيباً أن يكون أصحاب القرار في بعض دول هذه المنطقة التي من المفترض أنها منطقة عربية هؤلاء “الوكلاء”.. حسن نصر الله في لبنان مع إطلالة على سورية، “قلب العروبة” وعبدالملك الحوثي في صعدة.. وأيضاً بشار الأسد في دمشق.. كل هؤلاء الذين ينطبق عليهم قول أبو الطيب المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي:
نامت نواطير مصر عن ثعالبها
وقد بشْمن وما تفْنى العناقيد
رحم الله يوسف الخطيب الذي كان قال ذات يوم أفضل كثيراً من هذه الأيام:
أأمتي يا شموخ الرأس متلعة
من غلَّ رأسك في الأوحال والركبِ
أأنْت أنْت أمْ الأرْحام قاحلةٌ
وبدَّلتِ عن أبي ذرٍّ أبا لهبِ
لعنت تشرين لا بغداد من وطني
ولا العراق ولا كان الرشيد أبي
إنْ لم أرَ الركب من صيد العراق ضحى
يَلِزُّ عرض البحر في زحفةِ اللَّجب
في كل الأحوال إنه على العرب كلهم أن يدركوا معنى أن يتحداهم حسن نصر الله بهذه الطريقة وعلى هذا النحو وما معنى أن يقول هادي العامري إننا ذاهبون للقتال في نينوى وعلى من لا يعجبه أن يضرب رأسه في الحائط.. ثم ما معنى أن يخرج علي عبدالله صالح من مخبئه ويرفض قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216بطريقة إستعلائية و”تبجحية”؟!.
الآن وبعد كل هذا الذي يحدث في العراق والذي يحدث في سورية.. وأيضاً الذي يحدث في اليمن وفي البحرين فإنه على العرب كلهم أن “يتحسسوا” رؤوسهم فإيران الفارسية، وليس الشيعية، بعد إحتلالها لإثنتين من أهم العواصم العربية، هما بغداد عاصمة العباسيين ودمشق الشام عاصمة الأمويين، ستستهدف كل العواصم العربية.. كلها بلا إستثناء.. وهنا فإنه على الذين يضعون أكفهم فوق عيونهم حتى لا يروا هذه الحقائق أن يدركوا أنْ من يفطر بأخيك سيتعشى بك لا محالة وأنْ يستمعوا جيداً لما يقوله أصحاب القرار في طهران الذين حاول بعضنا “تملقهم” لإتقاء شرورهم.. لكنهم إزدادوا إصراراً على تحدي هذه الأمة وعلى إهانتها !!.
الرأي الأردنية