أشارت تقارير أممية لوجود أكثر من 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في شتى أنحاء البلاد، ولعل السبب الرئيسي وراء ذلك انتشار البطالة وقلة فرص العمل ودمار معظم المنشآت الخدمية الكبرى التي كانت تستوعب أعدادا كبيرة من القوة العاملة وخروجها عن الخدمة، مادفعهم للبحث عن مهن وأعمال بديلة تؤمن دخلا وتضمن لهم ولعوائلهم البقاء.
لكن الفقر لم ولن يكن مبررا لامتهان البعض أعمالا تعتمد بالدرجة الأولى على الاستغلال والتستر وراءها للحصول على مايريدون، كلجوئهم للتطوع بما يسمى في مناطق النظام باللجان الشعبية أو المصطلح الشعبي الشائع “التشبيح” لكسب المال، أو افتتاح البعض مكاتب لتزوير الوثائق والثبوتيات وغيرها من المهن التي تتطلب أمرا واحدا كما يطلق عليه في اللهجة المحكية أن يكون “حربوء” كمعقب أو كمسير المعاملات التي انتشرت بكثرة مؤخرا نتيجة عدم قدرة كثير من السوريين في مناطق المعارضة عن المجازفة بالمجيء لمناطق النظام.
أبو عبدو من مدينة ادلب يحدثنا عن قصته مع أحد معقبي المعاملات:” بالمصاري الميت بيرجعو بعيشوه إذا بدك عند النظام بس دفاع”، يتابع ساخرا:” أنا موظف عند النظام وبعد ماتحررت ادلب ما أسترجي روح أقبض بحماه لأن ولادي من الثوار وبخاف يعتقلوني بحجتهم، لهيك في شخص بيقبضلي وبياخد عكل راتب 10 آلاف، وبيوصل لعندي”.
يكمل لنا قصته:” وبعد ماصار عندي أكتر من 35 سنة خدمة قررت قدم تقاعد، غامرت ورحت على حماه طلعت معاملة بدها شغل كبير وموافقات أمنية من مدري كم فرع، نصحني موظف بالمالية وكل معقب معاملات أريحلي وشغلو عالمضمون، والغريب أنو الي بيشتغلو بهالمجال أكتر من الموظفين، حسيت حالي بسوق وكل واحد منن يعرض خدماتو والتسعيرة، آخر شي اتفقت مع شخص يشتغل كل شي لمرحلة استلام بطاقة الصراف وطلب مني مقابل 75 ألف ليرة بحجة أنو الأوراق بتحتاج لتوقيع من الوزارة بالشام”.
وعلى الرغم من أن وجودهم حاجة ملحة للبعض إلا أنهم باتوا يستغلون حالة العوز لعملهم ليتقاضوا مبالغ خيالية على كل معاملة لاتتطلب منهم سوى العمل ليومين أو ثلاثة ورشوة للموظفين لتسريع إنهائها والحصول على التواقيع والموافقات، وبذلك يملؤون جيوبهم بطريقة مشروعة لكنها في الواقع تشجع على الفساد والفوضى.
مجلة الحدث _ سماح الخالد