أبو سليم ٢٥ عام، الشاب الحمصي الدّمِث، ذو الوجه الضحوك والمبتسم، يخرج كل صباحٍ على كرسيه المتحرك لبيع المناديل والتقاط رزقه .
تهجّر أبو سليم، قبل خمسة أعوامٍ، من مدينة حمص حي بابا عمرو، وانتقل إلى مدينة إدلب عبر التهجير القسري.
يعاني أبو سليم من ضمورٍ في العمود الفقري، أدت إلى انعدام قدرته الكاملة على استخدام أطرافه السفلية، يقول:
” أعاني من الشلل منذ الطفولة، لا أذكر أنني عشت حياة طبيعية مثل كل أقراني، حتى أنني لم أحصل على كرسيٍّ كهربائيّ متحرّكٍ إلا قبل سنةٍ واحدةٍ فقط، أحبّ العمل، والخروج وأكره الجلوس في المنزل ”
أبو سليم شخصيةٌ محبّبةٌ، تراه دوماً ضاحك الوجه يمازح الأصدقاء، على رغم ما يعتصره من حزنٍ وهمّ.
أحضرله أصدقاؤه كرسيًّ كهربائيّ، وبعض أكياس المناديل الورقية، حيث أنه يشحن بطارية الكرسي المتحرك طوال الليل، ليستنفذها خلال ساعات النهار، وهو يحاول بيع المناديل الورقية، يحدثنا قائلاً:
” لا يوجد لدينا كهرباء في المنزل، مما يضطرّني لشحن بطارية الكرسي عند الجيران لكي أتمكن من الحركة، أتمنى أن أحصل على نظام طاقةٍ شمسية، فكل اعتمادي على هذا الكرسي، فهو يمثل لي الحياة والشارع والعمل والأصدقاء”
كما قال أبو سليم الكرسي الكهربائي هو أثمن ما يملك، لأنه يمثل له بوابة التواصل مع العالم الخارجي، ومصدراً للرزق
تحدثنا إلى والدة أبو سليم، تلك المرأة الستينية، بتجاعيد وجهها، ومسحة الحزن البادية على محياها، قالت:
‘ أبو سليم شاب مكافح، ومطيعٌ يحب العمل ويحب الحياة، لكن ظروفه صعبة، أتمنى أن أتمكن من تزويجه، وأراه سعيداً هانِئ البال، وأن أرى أبناءه حولي ”
يبقى أبو سليم مثال للشاب المجتهد الذي لم يسمح لليأس أن يتسرب الى حياته، يكافح لأجل لقمة العيش والحياة الكريمة .
بقلم ضياء عسود