بدأ العام الدراسي الجديد بعد استراحة الصيف ضيفاً كعادته على جميع الأسر التي بين أفرادها من دخلوا سن الدراسة أو صفوفها، إلا أن لهذا العام وقع خاص على السوريين المهجرين في تركيا.
أحمد 40 عاماً مدرس لمادة اللغة العربية يعيش في إحدى قرى ولاية هاتاي جنوب تركيا، يقول ” عند بداية العام الدراسي وأول أسبوع منه نشعر بنشوة الفرح والسعادة” وكرر هذا مراراً خلال الحديث معه، حتى وصل به الحال إلى وصف أيامه الأولى وكأنها أيام عيد للمعلمين والطلاب والأسر بل المجتمع برمته، كون العودة للمدرسة يشبه موسم الربيع للزهرة فبه تتفتح وينشر شذا عبقها الأخاذ، وكذا هو الحال مع شكل الحياة الجديدة مع موسم العودة إلى المدارس.
من جانبها تقول أم محمد وهي أم لخمسة أولاد الصغير منهم دخل الصف الأول الابتدائي، “إن الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بنا لم تمر على أحد من قبل، ذهبت إلى السوق لأشتري لأولادي حاجيات المدرسة من قرطاسية ولباس وحقائب” تضيف وعلامات الاستغراب تعلو حاجبيها “أن المفاجأة كانت في الأسعار التي لا توصف فأنها بحاجة 6000 آلاف ليرة لتجهيز الأبناء وهذا صعب جداً حتى وإن لم نأكل ولا نشرب ولا ندفع فواتير وأجار بيت”.
تكمل أم محمد قائلةً: “أن الراتب الشهري للعامل هنا يقدر بنحو 3 آلاف ليرة في محافظة بعيدة عن مراكز المدن الاقتصادية الكبرى، مثل إسطنبول وعينتاب وأزمير”، تتمنى أم محمد أن يكمل أولادها التعليم وألا يحرموا منه مثلها فهي وصلت إلى المرحلة الثانوية فقط في محافظتها إدلب.
تستطرد مطولاً أم محمد وتنقل جلسات رفيقاتها والتي يعلوها نقاش تجهيز الطلاب والمدارس، إضافة إلى أزمة كبيرة تنتظرهم خلال الأسابيع القادمة وهو دخول الشتاء وهذا بحد ذاته “طامة كبرى” كما يصفن، فسعر الفحم والحطب قد تجاوز الخيال، وكلهن أسى وخوف من انتشار الأمراض التي تنشط في الشتاء وكما تقول إحداهن “ولحق على دكتور ومشفى بهالبرد”.
لكن واقع الطلاب الصغار قد يكون مختلفاً بعض الشيء عن رؤية أهاليهم، فتبدو الابتسامة واضحة على محياهم، عيونهم ترمق إلى مستقبل مجهول قد يحمل الأمل وانفراج الأزمة التي ملت من كثرة اجتماعات الدول والمؤتمرات وقادة العالم بصولهم وجولهم لسبيل حلها لكن دون جدوى.
صلاح 12 عاماً في الصف السابع يستيقظ كل صباح لتجهيز فطور بسيط لأخوته الصغار بقطع من الخبز مع قليل الشاي يغمسون به “زيتاً وزعتر” حتى تقوى بنيتهم طوال الدوام المدرسي وألا تتضور معداتهم الصغيرة من شدة الجوع.
وشرعت الدول القريبة إلى إطلاق مشاريع لإعادة اللاجئين السوريين أو ما يزعمون أنها “العودة الأمنة والطوعية” بفصل جديد من مسرحيات القتل والتهجير بعد أحد عشر عاماً، فالعنوان الرئيسي البارز مازال كما هو تعبر عنه صواريخ الطائرات الروسية على الأهالي في الخيام والقرى.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/444799267093140
يبدو أن اللاجئين السوريين في بلدان الجوار يعانون من ظروف استثنائية صرفت نظر الدول الفاعلة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا وما آلت إليه من تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي.