مضايا بلدة وناحية إدارية سورية، تتبع لمنطقة الزبداني في محافظة ريف دمشق، تقع شمال غربي دمشق في سلسلة لبنان الشرقية، يبلغ ارتفاعها 1608 متر، وعدد السكان فيها 28000 نسمة، هذه البلدة التي عانت من الحصار الذي فرضه عليها نظام الأسد ابتداء من تموز عام 2015 وحتى الآن بواسطة الألغام الأرضية التي تم زراعتها بكثافة حول المدينة بأكملها، لم يكفها الحصار والقتل والجوع الذي ذاقته حتى نخرت عظام أبنائها وأصبحت صورهم تضاهي صور أطفال إفريقيا على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة.. بل جاء الآن دور الأوبئة والأمراض ونقصد هنا السحايا التي طفت على السطح مؤخرا.
أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس الجمعة عن الاشتباه ب6 حالات التهاب السحايا في البلدة وذلك خلال اجتماع في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وتم الإبلاغ عن تلك الحالات في الفترة الممتدة بين 3-30 من أوغسطس/ آب الماضي، أشارت المنظمة إلى أن غالبية الحالات فيروسية المنشأ، وليست جرثومية.. والسحايا هي التهاب حاد للأغشية الواقية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي.. تتعدد أسباب الالتهاب منها فيروسية ومنها بكتيرية ومنها فطرية..
يعدّ هذا الالتهاب مهدد للحياة، ويتم تصنيفه كحالة طبية طارئة.. الأمر الخطير والملفت للنظر هنا هو أن هذا الوباء يحدث عن طريق العدوى عبر الكائنات الحية الدقيقة، ومعظمها فيروسية، وعند ربط هذا الكلام بما سبق وذكرناه، عن إعلان منظمة الصحة العالمية حول السحايا في مضايا الذي أكد أن الحالات هناك فيروسية نرى أننا أمام كارثة إنسانية بكل ما تعني الكلمة من معنى؛ أي أن العدوى ستنتقل وستتفشى بشكل كبير وسريع في البلدة خاصة في ظل الحصار الخانق الذي تعيشه وانعدام الخدامات الطبية هناك وصعوبة إيصال المضادات الحيوية اللازمة في الوقت اللازم، بسبب حصار قوات النظام المطبق عليها، خاصة أن منظمة الصحة العالمية أعلنت في أوائل حصار مضايا أن الخدمات الصحية في سوريا عموما تراجعت كثيرا بعد تعرض 58 % من مشافيها إلى التدمير الجزئي أو الكلي، بالإضافة إلى هجرة معظم الأطباء.. فما بالنا في ظل الوضع الحالي؟!
والأسئلة هنا:
كيف ستواجه مضايا هذا الوباء، في ظل ما تعيشه من حصار وجوع وانعدام القطاع الصحي؟
هل إقامة حجر صحي عليها كاف لمنع انتقال العدوى إلى باقي مدن المحافظة وبلداتها؟
كثير من الناس تتهامس من حولي وتتساءل هل يمكن أن تكون هذه الأمراض التي تتفشى الآن، هي وسيلة جديدة يطلقها الأسد مع أسلحته لقتل الحياة في كل مكان وبأي وسيلة؟ لنتذكر فضيحة إدخال حليب الأطفال منذ أشهر ذلك الحليب الذي تراشقت الاتهامات حوله كل من ألمانيا وتركيا وإيران وبعض أطراف المعارضة، حول صلاحيته، وتركيبه، ونسبة الأمان فيه بعد عدد من المخالفات في تصنيعه وتاريخ انتهاء الصلاحية ووجود لصاقات مختلفة لتمويه المعلومات الحقيقية حوله؟
في الواقع إنه من المثبت علميا أن الحروب في كل عصر تصحبها الأوبئة والأمراض (كانتشار الطاعون بين جنود الحملة الفرنسية على عكا أيام فشل حملة نابليون بونابرت علي بلاد الشام) وهذا أمر متوقع الحدوث منذ بداية الثورة السورية..
وعليه فإن الكرة الآن في ملعب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بهيئاته المختلفة المسألة لم تعد متعلقة بالشعب السوري ذي الدم المهدور، بخس الثمن، المسألة الآن تتعلق بجوائح وأوبئة شديدة التأثير وسريعة الانتقال لا يمكن للحدود أن تمنع انتقالها، القضية باتت تهدد المنطقة بأكملها!
فهلّا صحت ضمائر هذا العالم قبل أن يفوت الأوان، أم أن حجرا صحيا وحرقا جماعيا لأهالي مضايا يفوض العالمُ بأكمله الأسدَ بالقيام به هو كل ما سيكتفي المجتمع الدولي باتخاذه في هذا الصدد؟
شاديا الراعي _ المركز الصحفي السوري