يبدأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الخميس 7 أبريل/نيسان 2016 ، زيارة رسمية إلى مصر هي الثانية التي يقوم بها منذ توليه مقاليد الحكم في يناير/كانون الثاني 2015 حيث كانت الأولى للمشاركة في القمة العربية بشرم الشيخ بمارس/آذار 2015.
وتأتي هذه الزيارة عقب إعلان الرياض عن زيادة استثماراتها في مصر إلى 30 مليار ريال سعودي.
وقوبلت الزيارة باحتفاء من الجهات الرسمية المصرية والإعلام الحكومي والمقرب من الحكومة، الذين اعتبروها أبلغ رد على الذين يقولون إن العلاقات بين البلدين تراجعت بعد رحيل الملك عبد الله جراء الخلافات على عدد من القضايا الإقليمية أبرزها اليمن وسوريا والموقف من الإخوان المسلمين، حيث أيَّد الملك الراحل مواقف النظام المصري بقوة عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وستشهد الزيارة توقيع اتفاقية لتمويل احتياجات مصر النفطية لمدة 5 سنوات بحوالي 20 مليار دولار وبفائدة 2% وفترة سماح للسداد 3 سنوات على أقل تقدير، بجانب تقديم قرض لتنمية شبه جزيرة سيناء بقيمة 1.5 مليار دولار.
كما يجرى إنشاء جامعة تحمل اسم الملك السعودي في مصر.
المنطقة تتمزق
المحلل السياسي السعودي والخبير في الشؤون الدولية د.عبد المجيد الجلال اعتبر أن أهمية الزيارة تعكس العلاقة الإستراتيجية التي تربط بين البلدين منذ عقودٍ طويلة.
وقال “إن البلدين يتطلعان لتنسيق مواقفهما تجاه الملفات الإقليمية والدولية، خاصة، في ظل ما يُشاع عن وجود تباين في الرؤية السياسية بين القيادتين بشأن الملف السوري واليمني”.
ورأى أن تعزيز العلاقة المصرية السعودية مهم في هذه المرحلة، لخطورة التحديات التي تعصف بالنظام العربي ككل، وفي مقدمتها “مشروع تفتيت وتمزيق المنطقة الذي تقوده إيران والعديد من الدول الكبرى وفي مقدمتها أميركا وروسيا، وكذلك تحدي الإرهاب” حسب قوله.
الملف الاقتصادي
الجلال أضاف قائلاً “فيما يخص الملف الاقتصادي هناك العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي سوف يتم التوقيع عليها أثناء زيارة الملك سلمان، منها مذكرة تفاهم في مجال تشجيع الاستثمار بالمجالات التنموية والتعليمية والإسكانية والثقافية والإعلامية، إضافة إلى ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وبحث مجالات التعاون العسكري.
وقالت وزارة التجارة السعودية، إن حجم التبادل التجاري بين المملكة ومصر لعام 2015، بلغ 23.8 مليار ريال (6.35 مليارات دولار)، فيما بلغت صادرات المملكة لنفس العام 15.2 مليار ريال، والواردات 8.6 مليارات ريال، ويميل الميزان التجاري لمصلحة المملكة بفارق 6.6 مليارات ريال.
وخلال الزيارة، من المقرر أن يوقع البلدان نحو 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم تضم قطاعات: الطاقة والبترول والتعليم والزراعة والإعلام والثقافة والسياحة والقوى العاملة والتدريب والاستثمار، وسوف يُعقد الاجتماع السادس لمجلس التنسيق المصري السعودي، وكذلك الدورة الخامسة للجنة السعودية المصرية المشتركة، كما سيعقد بالتزامن مع اجتماعات اللجنة المنتدى التجاري والاستثماري السعودي المصري، واجتماع مجلس الأعمال السعودي المصري المشترك، ومعرض الصادرات السعودية”.
مدة الزيارة
وقال المحلل والباحث السياسي سلمان الأنصاري في تصريحات لـ”هافينغتون بوست عربي” إنه خلال زيارة الملك سلمان المرتقبة سيتم بحث العمل على تعزيز الاستقرار في مصر من خلال دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو ما يؤكد على القيمة العالية التي تحظى بها مصر لدى المملكة العربية السعودية”، مشيرا إلى أن الزيارة ستدوم قرابة 4 أيام.
وأوضح “أن السعودية ستركز على مسارين رئيسيين مع مصر ، وهما المسار الأمني والمسار الاقتصادي، فمصر تعاني من الإرهاب المنظم والعشوائي كباقي الدول العربية؛ ولهذا المملكة حريصة على تفعيل الجهود العربية والإسلامية لمساعدة مصر في مكافحة الإرهاب بكافة صنوفه”.. وفقا للأنصاري.
وقال “إن مصر كانت وما زالت تعاني اقتصاديًّا بسبب شح الموارد وبسبب التحديات الأمنية التي تسببت في هروب لبعض رؤوس الأموال الأجنبية وتباطؤ قطاع السياحة، والمملكة حريصة على التنمية المستدامة لمصر الشقيقة وعلى مساعدتها بالنهوض اقتصاديًّا”.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية منذ عدة سنوات تفاقمت مع تراجع السياحة بشكل كبير، خاصة بعد تفجير طائرة روسية أقلعت من مطار شرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وتعد السياحة من مصادر الدخل والعملة الأجنبية الرئيسية في البلاد.
وقبل الزيارة بحث الجانبان المصري والسعودي، مسألة ترسيم الحدود بين البلدين.. وفقاً لصحيفة الحياة.
هاشتاغ “الملك في وطنه الثاني”
ودشن السفير أحمد بن عبد العزيز قطان، سفير السعودية لدى مصر هاشتاغ “الملك سلمان في بلده الثاني مصر”، الذي احتلَّ صدارة التريند في مصر، والتاسع على قائمة تريند المملكة.. وفقاً لموقع “اليوم السابع” المصري.
هل يزور الأزهر؟
وقالت مواقع أخبارية مصرية، إن العاهل السعودي قد يزور الأزهر في أول زيارة من نوعها لملك سعودي للمؤسسة الدينية العريقة.
ورحب الأزهر بزيارة الملك سلمان معتبراً أنها ترد على المشككين في متانة العلاقات بين البلدين.
وتعتبر مصر والسعودية من أهم مراكز الإسلام السني، ورغم العلاقات التاريخية والدينية بين الجانبين والتأثير الديني المتبادل، فإن هناك بعض الاختلافات بين الأزهر الذي يوجد به توجه صوفي واضح، والمؤسسة الدينية السعودية ذات التوجه السلفي.. كما أن هناك خلافات بين الأزهر والسلفية في قضايا العقيدة التي يوليها السلفيون أهمية خاصة.
هل يثير الملك سلمان مصير الإخوان؟
ولم تشر الجهات المصرية والسعودية الرسمية إلى إمكانية تطرق الملك سلمان خلال لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لموضوع مصير الإخوان في ظل دعوات سابقة لشخصيات إعلامية وبحثية، توصف بأنها مقربة للقيادة السعودية إلى مصر للانخراط في مصالحة مع الجماعة التي تعتبر إرهابية وفقاً للتوصيف المصري الرسمي، وذلك من أجل توحيد الصف السني في مواجهة ما يعتبرونه توسعا في النفوذ الإيراني.
في المقابل فإن مصادر إعلامية ينظر لها أنها مقربة لنظام الرئيس السيسي تعتبر أن الزيارة في حد ذاتها تبدد هذا الاحتمال.
الموقف من سوريا واليمن
كماً أن الاهتمام السياسي والتغطية الإعلامية المكثفة لم توضح هل تؤدي الزيارة إلى تقليل التباينات بين البلدين إزاء الأزمة السورية، التي وصلت لذروتها بعد رفض مصر تلويح الرياض من قبل بالتدخل العسكري في سوريا لمواجهة الإرهاب؟
ما بالنسبة لليمن، فلم تتحدث التصريحات السياسية ولا التغطية الإعلامية عن إمكانية تغيير مصر موقفها الرافض لإرسال قوات برية مصرية لليمن للانضمام للتحالف العربي الذي تقوده السعودية الداعم للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، خاصة بعد الحديث عن قرب التسوية للأزمة اليمنية.
مسافة السكة وسبق أن قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن بلاده على أهبة الاستعداد للدفاع عن “أشقائها” في الخليج في حال تعرضهم لـ”تهديد مباشر”، وأن الجيش المصري سيكون في “مسافة السكة” في حال تطلب الأمر، مؤكداً أن القوات المصرية العسكرية هي “جيش كل العرب”.
وبعد ذلك كان لافتاً تصريح السيسي -خلال الندوة التثقيفية السادسة عشرة للقوات المسلحة- أن “الجيش المصري لمصر وليس لأحد آخر”.. فيما اعتبره البعض تخلياً عن الموقف الأول.
مصر تَطرد قناة حزب الله
وعشية زيارة الملك سلمان إلى مصر، أوقفت إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية “نايل سات” بثّ قناة “المنار” التابعة لحزب الله اللبناني، الذي صنّفته الجامعة العربية الشهر الماضي تنظيماً إرهابيًّا.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية: إن “النايل سات” أرجعت سبب طلب توقيف القناة “لمخالفتها للاتفاق الموقع معها، وبث برامج تثير النعرات الطائفية والفتن”.
كما أبلغت الشركة وزارة الاتصالات اللبنانية “عن اضطرارها لوقف البث من محطة “جورة البلوط” الواقعة داخل الأراضي اللبنانية؛ بسبب انتهاء العقد الموقّع مع الدولة اللبنانية منذ العام 2015″، حسب ما أضاف المصدر نفسه.
ومنذ مطلع العام الجاري توترت العلاقة بين حزب الله ودول الخليج على خلفية دعم الحزب لاقتحام المقار الدبلوماسية السعودية في إيران، وكذلك تورّط قوات الحزب في الحرب الدائرة في سوريا وتدخّله في بعض دول الخليج.
هافينغتون بوست عربي – محمد الدريعان