مواقع ثورية
ميشيل كيلو
كتب نزار نيوف ، المكلف – او الذي كلف نفسه – بتشويه سمعة المعارضين السوريين ، وخاصة منهم رياض الترك وميشيل كيلو، مقالة وقعها باسم حسام صادق، وهو واحد من اسمائه الرجالية السبعة التي يكتب بها ، فضلا عن اسمين نسائيين واسم يهودي، اهجية ضدي اسماها “القصة الكاملة لميشيل كيلو” ، تضمنت حلقتها الاولى مغالطات واكاذيب يعلم كل من يعرف نيوف ان خياله المريض ، المدرب منذ قرابة ثلاثين عاما على الكذب المنظم ، خليقا بفبركتها .
كتب نيوف تاريخه وسط حملة مسعورة يشاركه فيها نيوف آخر هو شبيح طائفي يمتلك تلفازا قيل البارحة بحق انه يقوم بالوظيفة التي كانت موكلة الى تلفاز الدنيا الاسدي، الا وهي تشويه سمعة المعارضة من موقع يبدو معارضا ، يستخدم فيها حاجة بعض موظفيه السوريين الى الراتب ، مع انهم ليسوا شبيحة ولم ينتموا يوما إلى عالم التشبيح والكذب، بل كانوا جزءا من الموقف الوطني العام ضد الاستبداد ، لكن وقوعهم في ايدي هذا الأفاق يضعهم – لاسفي الشديد – خارج موقعهم الأصلي،وفي هذا ما فيه من خدمة للنظام وإضرار بالمعارضة.
نعود الى نيوف وتاريخه الاصلي :
يقول ان انقسام 1969 في الحزب الشيوعي كان بين امميين سوفييتيين وقوميين اوروبيين، وان الامميين كانوا كردا والقوميين مسيحيين في معظمهم. والحقيقة انه لم يكن هناك شيوعي واحد في التيار المعادي لبكداش من اتباع سانتياغو كاريو الاسباني او برلنجوير الايطالي ، وكانا في حينه رمزين للتيار الشيوعي الاوروبي. ولم يكن في تيار الترك “الشيوعي الاوروبي القومي” المزعوم اي مسيحي اعرفه باستثناء ميشيل عيسى ويوسف نمر ، وكانا وسطيين بمعنى الكلمة وتركا الحزب بعد عام 1980 وانضم ثانيهما الى يوسف فيصل، إلا اذا كان نيوف يتوهم انني والياس مرقص كنا عضوين في الحزب .
ويقول ان اسرتي كانت علوية وتحولت إلى المسيحية من أجل تلقي معونات البعثات التبشيرية ( كيس الطحين ) وأن اسم عائلتي جاء من وزن الكيس. الصحيح ان اسرتي كانت دوما مسيحية وان قسما منها تحول الى الاسلام ، ونحن وابناء عمومتنا المسلمين على افضل ما يكون من الود والوئام، ونتشارك الافراح والاتراح كاسرة واحدة. أما اهل والدتي فقد هاجروا الى الريف العلوي – قرية الفاخورة وغيرها – من بلدة محردة التي كانت دوما مسيحية ، ولم يكونوا بحاجة إلى اكياس طحين، لانهم كانوا اثرياء – لجدي جرجس عوض 563 دونم من الاراضي المروية استولى عليها ضباط الامن في قرية بصراما – . أما اسم كيلو فهو يأتي من منطقة جبل الاكراد ، وقرية كنسبا بالذات ، وجيلو بالكردية تعني الاصلع – وليس كيس طحين نيوف – وكان من السهل طبعا ان تنقلب إلى كيلو . ليس الطحين اذن سبب تحالفنا المتين مع النظام ، الذي يلصقه نيوف كذبا بنا كاسرة ممتدة ، فنحن لم نكن يوما حلفاء للنظام او لغيره. ولعلمه : لا احد من اهلي يتعاطى السياسة غيري. اخيرا ، ولعلمه ايضا : انا حزين لان احدا من اجدادي لم يكن مسلما او علويا .
لم تكن مداخلتي امام الجبهة الوطنية التقدمية عام 1979 ، التي رجت النظام رجا واحدثت يقظة وطنية عارمة في طول سورية وعرضها ، عن رفعت بل عن حافظ الاسد .ولم اعتقل بعدها لفترة قصيرة ، كما يزعم المؤرخ الصادق ،بل بقيت عامين وعشرة ايام في السجن امضيت اكثر من نصفهما في زنزانات منفردة، مع انه لم يثبت انني كنت عضوا في الحزب الذي اعتقلت في سياق الحملة عليه ، واقتصر التحقيق معي على مسائل ذات علاقة بحملة اعلامية دولية استهدفت النظام كان وراءها بالفعل المرحوم ميشيل سورا وانا ، وبالعلاقات مع ياسر عرفات ، الذي قيل انني ضابط ارتباط الحزب معه، وبمكان رياض الترك ، وقد عرض علي دوبا علي الافشاء باسم المكان- الذي كنت اعرفه – والذهاب إلى بيتي، وحين رفضت عذبت تعذيبا شديدا ثم ارسلت إلى سجن المزة وليس إلى سجن صيدنايا كما يقول مؤرخ سيرتي الصادق.
يقول نيوف أن عدد حزب الشعب الديمقراطي لا يتجاوز اليوم عشرة افراد، وحزب الاتحاد الاشتراكي ثلاثة، وحزب العمال الثوري خمسة !.
لم اعمل مع اليسار الفلسطيني بعد خروجي من السجن عام 1982 ، كما يزعم نيوف، لانني كنت اعمل مع حركة فتح منذ عام 1967 ، حين شاركت في الاشراف على مجلة “الثورة الفلسطينية” مع برهان غليون وآخرين. ولم يكن من عملت معهم بعد السجن يساريين بل كانوا فتحاويين من امثال الراحل الكبير خالد الحسن (ابو السعيد) والرئيس محمود عباس ( ابو مازن) ، وابو ماهر غنيم . وليس بينهم من هو من اليسار .
يقول المؤرخ انه كانت لي يد في تأسيس حركة المجتمع المدني . والحقيقة ان قصة تأسيسها معروفة ومكتوبة بالتفصيل ، وملخصها انني كنت من دعا إلى تكوين “الهيئة التاسيسية للجان لحياء المجتمع المدني “، ومن دعا الصديقين عارف دليلة ورياض سيف اليها، حيث انضم الاول إلينا في اجتماعنا السادس والثاني في السابع ، ولم نكن يوما في الماضي او الحاضر على خصومة ، كما يزعم الصادي، رغم اننا اختلفنا احيانا حول بعض الاحداث، كما انني لم اقاطع منتدى رياض سيف ، كما يقول نيوف، بل كنت مداوما فيه كل اسبوع،من محاضرة انطون مقدسي الافتتاحية حول المجتمع المدني، ألى محاضرة برهان غليون الاخيرة او قبل الاخيرة. بالمناسبة ، ليس رياض سيف قريبا من الاخوان المسلمين كما يقول المزور المحترف، ولم اختلف معه يوما بسبب قربه او بعده من الاخوان او غيرهم. ونحن اليوم ايضا على علاقة طيبة ونتعاون في اطار الائتلاف الوطني .
يقول نيوف انني لم احضر الاجتماعات التمهيدية لتأسيس ” اعلان دمشق”. وقد تجاهل تماما انني انا الذي كتبت نصه الاصلي في مدينة مراكش المغربية ووقعتها انا وحسين العودات مع السيدين زهير سالم وصدر الدين البيانوني من زعماء الاخوان المسلمين ، الذين يزعم انني عاديت رياض سيف من اجل علاقاته معهم !. وقد شاركت طيلة ستة اشهر في المداولات التمهيدية التي كانت تتم اسبوعيا في بيت الصديق حسن عبد العظيم ، قبل ان اترك مكاني للصديق والزميل في لجان احياء المجتمع المدني الدكتور حازم نهار ، الذي ترك مكانه بدوره لعلي العبد الله . وعندما تأسس الاعلان ، كان من المستحيل ان اشارك فيه ، لانني كنت في سجن عدره.
يزعم نيوف انه كانت هناك سهرات خميسية مع اللواء في الامن بهجت سليمان وزيارات ودية له. هذا افتراء خيال مريض يتمسك نيوف به رغم علمه انني لم اقابل في حياتي كلها بهجت سليمان غير مرة واحدة ، بعد اعتقال عارف ورياض سيف ورياض الترك ووليد البني وفواز تللو وغيرهم ، فقد زرته بصحبة الصديقين عادل محمود ويوسف سلمان لتقديم احتجاج رسمي على الاعتقالات ، ولمطالبة النظام باخلاء سبيل رفاقنا. بعد اشهر سلم علي احدهم خلال عزاء في بيت صادق العظم ، وعندما لاحظ انني لم اعرفه قال لي بلهجة مستنكرة : أنا بهجت سليمان، واضاف : مبين ذاكرتك ضعيفة ،فقلت له بجلافة : ما عرفتك والله . ان صادق العظم حي والحمد لله واظنه يتذكر هذه الحادثة ، التي ربما كانت تستحق الذكر ولا تستحق التذكر !.
اخيرا ، يكتمل النقل بزعرور خيال نيوف المريض ، الذي يزعم ان الامن كلفني باصدار اعلان بيروت دمشق / دمشق بيروت . هذه اكذوبة اتفه من ان ارد عليها ، كغيرها من الاكاذيب التي يوردها ، بدءا باسمي وبتشويه سمعة عائلتي وانتهاء بسهراتي الخميسية مع الامن .
كلمة اخيرة : عندما خرجت من سجن المزة قال ابو رامز ، المساعد الذي ارسلته سرايا الدفاع للاشراف على السجن ، للعنصر الذي امره بتفتيشي قبل مغادرتي إلى فرع التحقيق العسكري، حيث بقيت سبعة اشهر وثمانية عشر يوما في زنزانة منفردة، لانني سقطت في الامتحان السياسي الذي اجراه لي هشام بختيار : فتشه ، وفتش ما تحت طاسة راسه، فهذا الرجل خطورته في رأسه. عندما غادرت السجن كنت قد جردت حتى من القميص الذي كنت الفه في جريدة قديمة . بالمقابل ، يعلم كل من يعرف نيوف انه حكى مئات المرات ، قبل ان يترك دمشق حاملا عكازين بحجة انه مقعد ، لكنه نزل في مطار باريس على قدميه ودون الاستعانة بهما ، كيف غادر السجن وفي حوزته ثلاثة آلاف ساعة مسجلة على اشرطة ، وثلاثمائة ساعة مسجلة على اشرطة فيديو!.
هذا هو نيوف : صاحب اوسع خيال مريض بشهادة كل من يعرفه من السوريين ، الذي كتب” قصة ميشيل كيلو الكاملة” بالطريقة التي رددت على بعض ما جاء فيها ، ولم ارد عليها كلها لانني- وبكل صدق – مللت من قراءتها.
هذه آخر مرة اكترث فيها لما يقوله نيوف، الذي دأب على تشويه سمعتي مذ كتبت عام 2005 مقالة احذر المعارضة السورية فيها من ما اسميته يومذاك “الظاهرة النزارنيوفية”، التي تبدو جلية في خياله المريض وانفصاله الكامل عن الحقيقة والواقع