اجتماعات متوالية قام بها أعضاء مجلس الشعب التابع للنظام بهدف التصويت على مشروع موازنة عام 2017 ومناقشة بنوده تمهيدا لإقراره بصيغته النهائية، فأخذوا بالتفنن بطرح اقتراحاتهم التي تصب بالدرجة الأولى في مصلحة الشعب السوري بحسب زعمهم.
وحدد مجلس الوزراء بشكل أولي أرقام الموازنة العامة للدولة لعام 2017 بمبلغ إجمالي قدره 2660 مليار ليرة سورية توزعت على1982 مليار ليرة للإنفاق الجاري و678 مليارا للاستثماري ووصل حجم الدعم الاجتماعي في الموازنة إلى 423مليار ليرة سورية، ويعدّ الرقم أقل بثلاث اضعاف عن الرقم الذي حدّد في عام 2011.
والأمر الذي يدعو للسخرية ولا يمكن لأي مواطن يعيش على أرض سوريا تصديقه، أن النواب في برلمان الشعب أخذوا وقتهم في شرح معاناة الشعب من الناحية المادية وركزوا جهودهم على ضرورة مكافحة الفساد والفوضى المنتشرة في كافة دوائر ومؤسسات الدولة وأكدوا على موضوع الإصلاح الإداري فيها، بالإضافة لمطالب أخرى بإلحاق جهاز الرقابة المالية بمجلس الشعب ليكون عملها موسعا أكثر، وتثبيت العاملين المؤقتين فضلا عن تأمين فرص عمل حقيقية للعاطلين، وترشيد النفقات الاستهلاكية، وأخيرا تطبيق مبدأ المحاسبة الصارمة لكل مفسد فيها.
ولسنا بصدد مهاجمتهم إعلاميا أو حتى محاسبتهم، فالإصلاح والتغيير للأفضل مطلب كل سوري مازال صامدا في بلده رغم حياة الحرب، إلا أنه ينطبق عليهم المثل الجاهلي الشهير “أسمع جعجعة ولا أرى طحنا”، فقد سمع الشعب خطابات ووعود بعدد شعر رأسه منذ بداية انتفاضة الثورة، وحتى الآن لم تترجم هذه الوعود على أرض الواقع وباعتراف مسؤولي النظام، وجل مايقومون به إعلانهم عن عمليات اختلاس وسرقة بشكل شبه شهري ولمبالغ طائلة من خزينة الدولة دون جهود تذكر فيما يخص معاقبة المرتكبين أو حتى ذكر تفاصيل عن تلك العقوبة الصارمة التي تحدث عنها النواب في جلسة المناقشة.
ولعل اقتراحهم بتأمين فرص عمل حقيقية يعكس مدى انعدام الثقة بين النواب ومجلس الوزراء، ويدل على وعود سابقة في مجال القضاء على البطالة لم ترتقي لمجال التنفيذ بل بقيت وعودا وهمية، وتقتصر فرص العمل بحسب معرفة كل من يعيش في مناطق سيطرة النظام على التطوع في صفوف قوات النظام “باللجان الشعبية” أو كما يسميهم السوريون “الشبيحة”، بالإضافة لبعض المناصب في مؤسساتهم والتي هي حكر على من يملك الولاء للأسد ولديه تزكية من أحد المسؤولين.
واقع أليم يعيشه السوريون وبالأخص للموظفين في الدولة والذين يعتمدون في معيشتهم على مايتقاضونه شهريا، فلا يتجاوز أجر أكبر موظف 90 دولارا، ورغم وعود واقتراحات أعضاء البرلمان بزيادة الرواتب للعاملين لكنه لم يصل لمرحلة الإقرار بالتنفيذ لوجود شرط لتحقيقه ألا وهو في حال توافرت الإمكانيات للزيادة، وبذلك يفقد الموظفون أملهم فيها كون ميزانية هذا العام أقل وفيها عجز كبير بسبب تدهور سعر صرف الليرة وتراجع الاقتصاد السوري لمستويات دنيا بعد دمار معظم بناه التحتية.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد