مع مباشرة عمليات الإخلاء ضمن ماسمي اتفاقية المدن الأربع، ودخول أولى دفعات المهجرين من كلا الطرفين لأراضي المتنازعين في الدين والوطن، وانحسار الثوار في رقعتين رئيستين شمال وجنوب البلاد، بات واضحا مخطط الشرق أوسط الجديد بتقسيم سوريا
لدويلات ثلاث.
الأولى شمالا وتمتد من ريف حلب الغربي والشمالي انتهاء بادلب وريفها وريف حماه الشمالي ليكون مستقبلا تحت الوصاية المخابرتية التركية.
والثاني درعا والغوطة حاليا وربما مستقبلا السويداء إن لم تستقل بكانتون درزي كأقلية وجزء من صحراء تدمر لاقيمة له ليكون تحت الوصاية المخابرتية الأردنية.
والثالث نظام علماني بحت تحت رعاية آل الاسد من دمشق فحمص وحماه واللاذقية وحلب المدينة، ويبقى جزءين أهمها الكانتون الكردي شرقي الفرات من الحسكة ودير الزور والقامشلي بنزعة عرقية بحتة.
والآخر يبقى تحت وصاية الدول الأقوى عالميا برعاية تنظيم الدولة حتى ينظر بأمره لمن يسلم بحسب مصالح القوى العظمى المتنازعة لغناه بالنفط والغاز .
ويرافق هذا التقسيم هدنة طويلة الأمد تتدخل فيها الرؤى السياسية وتفرض فيها الحياة المدنية طواعية بعد استقرار يصيب المناطق بفرض حظر طيران دولي بالاتفاق مع آل الأسد.
الغاية منه دفع اللاجيئن للعودة لمناطقهم حسب رغباتهم لتبدأ المشاريع الاقتصادية والسياحية والصناعية فيصيب الثوار شيء من الخنوع اللإرادي كرها بجو الحرب وطمعا في الهدوء والاستقرار.
عندها فقط يقرر رؤوس السلطة في الدويلات مصيرهم، إما كدولة واحدة بحل سياسي وهذا لن يكون في ظل وجود آل الأسد، وإما كفدراليات مستقلة بأنظمة حكم خاصة وتخضع لدولة واحدة صوريا مثل جارتها لبنان الفوضوي الجميل فلا تقوم لها قائمة الا بعد عقود طويلة، وآخر خيار وهو مايطمح له المجتمع الدولي مجتهدا ترك آل الاسد بدولة تمزق الشمال والجنوب برقع جغرافية دمشق وحلب كمركز ثقل، وتضطر من قبع جنوبا درعا ريف دمشق أن تكون تحت وصاية الدولة الجارة العزيزة، وادلب وريفها وريفي حلب والرقة تحت وصاية السلطان العثماني الجديد.
هذا المشهد بات واقعا ملموسا في ظل تخبط القوى العسكرية والسياسية وعدم اتفاقها على رجل واحد قائد عسكري، وبظل غياب قيادة سياسية واضحة المعالم تمثلهم خارجا، فهل يتنبه الثوار داخلا وخارجا لما سوف تؤول إليه الأمور، أم يبقى كلا منها يغني على موال داعميه.؟
المركز الصحفي السوري_ سماح الخالد