لم يعد هناك كلمات تعبر عن القهر والعجز الذي بداخلي هكذا بدأت مرام حديثها خرجت من دمشق بعد اندلاع الثورة بعام تقريبا” رغبة من زوجي الذي انضم للجيش الحر بعد ان افرج عنه من المعتقل وخوفه عليَ حين بدأ النظام باعتقال زوجات الثوار طبعا” في البداية رفضت الخروج, وأصريت على البقاء معه لأنني كنت متزوجه حديثا”, وأريد أن أبقى معه. ولكن بعد اصراره.. قررت الخروج مع والدتي الى إحدى الدول القريبه من سوريا, ودعت زوجي والدموع في عيني عانقني طويلا”, كم تمنيت ان يطول هذا العناق, ويتوقف الزمن في تللك اللحظه, كانت آخر كلماته لي : ” سنجتمع قريبا” انتبهي لنفسك ودعته قائله “لا اله الا الله ” رد علي: ” محمد رسول الله ” خرجت لا ألوي على شيء إلا الأمل بالعودة قريبا” واللقاء بزوجي, وعيناي تعيد ترتيب صور بيتي الجميل الذي أمضيت فيه مع زوجي عدة أشهر فقط قبل اندلاع الثوره. كانت أجمل ايام حياتي, كنت أحاول أن أحفظ كل تفاصيله وزواياه الدافئه وذكرياتي القليله يه مع زوجي مضت السياره تشق طريقها مغادرة” دمشق,وكان نظري يشق معها ليحفظ كل الشوارع والأزقه التي أمر بها وبأدق تفاصيلها وزواياها .. وأحاول قدر الإمكان أن أحفظ هذه الصور في ذاكرتي.. الخضري… السمان ..بياع البوظه..محل الشاورما .. الكافتيريا التي كنت اجلس بها مع صديقاتي .. وبياع الورد. كلهم كانت لي معهم تفاصيل وذكريات سأشتاق اليها .. كانت ذاكرتي تسجل وتحتفظ بأدق التفاصيل نيابة عني, وكأنها تعرف بأنني لن أعود قريبا” وربما لن أرى زوجي وبيتي مرة أخرى أنا هنا منذ سنتان تقريبا” …لم أرى زوجي فيها إلا قليلا”عبر السكايب وبشكل متقطع نظرا” لعدم توفر الكهرباء والانترنت بشكل دائم هناك , واغلب أحاديثنا هي عبر الفايبر, والواتس آب .. حياتي هنا تمضي ببطء شديد وبشكل ممل, وقاتل أعيش هنا مع والدتي وأخي وأولاده الحياة هنا, مره وصعبه والدتي مريضه, وانا اقوم على خدمتها, و خدمه أولاد أخي الأطفال أحيانا تنتابني لحظات ضعف فأبكي بصوت عالي, وأسال ربي, لماذا فعل بي ذلك ؟؟ انا مؤمنه بقضاء الله وقدره ولكن كما قلت لك؛ هي لحظات ضعف أفقد فيها الأمل بكل شيء .. وأحيانا اخرى اقول : لماذا بدأت هذه الثورة ؟ كنت أريد أن أعيش مع زوجي, وأكوِن َمعه أسره, وأنجب أطفالا” ..ولكن !! أعود واستغفر ربي فهذا قضاء الله وقدره لقد طالت الثوره وذهب ضحيتها شباب كُثروأدمت قلوب زوجات وأمهات كُثر ايضا”.. دُمرت البلد.. ودُمر بيتي الذي أسسته مع زوجي, لم يبقى منه شيء الأن , ذهب وبقيت الذكريات فقط دائما أنا خائفه من المجهول لا أعرف ما هو!! ولكن موجود بداخلي, أشعر به .. تبكي مرام بحرقه وبصوت عالي :” صدقيني أنا مو حاسده حدا . بس بطلع حوالي بشوف الكل عايش ومو صاير عليه شي وكلهن عم يجيبوا ولاد ومبسوطين ومو صاير عليهم شي .. ليش أنا وزوجي بس؟؟؟ ليش ؟؟” ليش الله كتب علي انحرم من زوجي ومن بيتي وإخسر كل شي وغيري ما خسر شي ؟ لما بشوف زوجين ماشيين مع بعضهم ! بتذكر زوجي, وبقول لحالي ليش زوجي عم يحارب وهالشباب كلهن هربوا؟ ليش نحنا بدنا ندفع كل شي وغيرنا ما دفع شي وبكره بيرجع عالبلد ؟؟” شو شفنا من حياتنا ؟؟ عمري عم يضيع هيك انا وياه ؟؟ حاسة حالي عمري 60 سنه ..ما عاد في شي اله طعمه ولا فرحه .. أانا بفتخر فيه كتير لأنه بطل ورفض يطلع رغم كل العروض والفرص اللي صحت له .ع طول بقول لي : لمين بدنا نترك البلد اذا كلنا هربنا؟ أعراضنا وأرضنا أمانه لازم نحافظ عليها ..بسكت وبقول معه حق .. طيب ليش اللي هربوا وتركوا البلد ما قالوا لحالهم نفس الحكي ؟ زوجي متل الطفل الصغير وقت بطلع بعيونه بحسهم عيون طفل, بينحرق قلبي لأني تركته, ياريتني ما تركته, ياريتني ما رديت عليه وطلعت , بحب ضحكته كتير لانها بتعطيني أمل صرت إكره كل العالم , لك حتى الثورة صرت إكرهها لأنها حرمتني من أغلى انسان على قلبي ؟؟ أعيش حياتي هنا سجينه لا أعرف ماذا أفعل وليس لدي وقت أصلا” أافعل شيء .. فيومي يبدأ بالتنظيف والطبخ والاهتمام بأولاد أخي ..وبأمي ثم أنام مثل القتيله . والدموع تملأ عيناي . عليِ أصحو على خبر جميل تعود مرام لتستغفر ربها وتقول سامحيني ولكن هذه نوبات الغضب تأتيني من حين لأخر ..أو بالأحرى أصبحت تأتيني يوميا” أنا زوجه مع وقف التنفيذ …أنا زوجه سجينة الغربه .. أنا ولا شي ولا شي .. قصة مرام هي واحدة من آلاف القصص لزوجات سوريات صابرات, تركن أزواجهن زمن الثورة وعشن في بلد الاغتراب زوجات مع وقف التنفيذ
صحيفة الأيام : نهى شعبان