المركز الصحفي السوري/ آلاء محمد
مدراس إسعافية هكذا وصفها القائمون عليها، عام كامل على افتتاح المدراس في مدنية كركخان الحدودية، وهي منطقة لجأ إليها عدد كبير من السوريين مايزيد على 10 ألاف نسمة أغلبهم من إدلب وحماة ، تم افتتاح 5 مدراس هي: ” سوريانا، المعرفة، النور، إقرأ، الفاتح”، هذه المدارس بدأت أولا عن طريق المعارف الشخصية للقائمين عليها كمدرسة إقرأ، عدد طلابها ما يقارب “300” طفل وعدد المدرسين 20 مدرس متطوع .
عند لقائي بالمدير شعلان القدور ذكر لي أسباب سعيه لإفتتاح المدرسة يقول قدور: “قَدِمْتُ إلى هذه المدرسة مع عائلتي وبحثنا لهم عن مدراس ولكن لا يوجد مدارس سورية، فقمت بإفتتاح هذه المدرسة ودعمني شخص بأجار البناء والمدرسين يعملون منذ سنة بدون مقابل.
بناء المدرسة عبارة عن منزل من طابقين كل طابق أربع غرف، وتحيط بها الأبينة السكنية ولا يوجد باحة للأطفال وبناء المدرسة كباقي المدارس الموجودة في المنطقة غير مناسب ليكون مدرسة، أما مدرسة سوريانا التي يديرها الأستاذ الشاب محمد العثمان والذي ترك العمل في جامعة حماة لرفضه تزوير النتائج لصالح بعض الجهات، يقول العثمان: “عندما جئت إلى هذه المدينة ورأيت قلة الإهتمام بالتدريس والعلم، قررت إنشاء مدرسة وتحملت التكاليف الأولية وحدي وتلقيت من منظمة ihh بعض المواد الغذائية وبطانيات للطلاب ، ومدرستي كباقي المدارس العمل بها تطوعي لا يوجد رواتب للمدرسين”.
يتم تعليم الأطفال في سوريانا بجميع المراحل “أساسي ، إعدادي وثانوي” للذكور والإناث وعددهم 600، أما الكادر التعليمي فغالبيته من أصحاب الشهادات والإختصاصات، كما يوجد في المدرسة أخصائي نفسي وهو الأستاذ سامي السويدان الذي قال عند سؤاله عن حالة الطلاب النفسية : “لا يوجد حالات تستدعي أطباء نفسيين ولكن هم بحاجة للدعم النفسي وبسبب ضغط عدد الطلاب وقلة المساحة والوقت لا نستطيع أن نقدم الدعم اللازم لهم.
عند زيارتي للمدارس السورية في كركخان شعرت بعظمة المدرس السوري، وبنفس الوقت تفاجئت من قدرته على العطاء (سنة وربما سنتين دون مقابل)، قابلت العديد منهم وسألتهم عن رواتبهم ولكن الجواب الوحيد “نحن نعمل بشكل تطوعي منذ بداية العام على أمل أن تأتي رواتب من الجهات الداعمة أو حتى من المنظمات المهتمة بالتعليم”.
ربما في مدرسة المعرفة الوضع كان مختلفا قليلاً، عدد طلابها 300 طالب، و22 مدرس من مختلف الإختصاصات وتقاضوا رواتب جيدة في الأشهر الأولى، وكما قال نائب المديرة الأستاذ طارق العمر :”دعم المدرسة توقف؛ وستتوقف رواتب المدرسين في الأيام المقبلة. تكلم العمر عن المشاكل التي تواجههم في المدرسة: “عدد الطلاب كبير جداً والإمكانيات محدودة أحيانا ويصل عدد الطلاب في المقعد إلى أربعة طلاب، ولدينا ضعف في الوسائل التعليمية، ووضع الأهالي سيء جداً مما يقلل من إهتمامهم بتعليم أطفالهم وعدم قدرتهم على تغطية متطلبات وحاجات أطفالهم .
كما يوجد مدارس أخرى كمدرسة النور والفاتح لم أستطع مقابلة القائمين عليها ، لكن وكما يؤكد عدد مِمَنْ قابلتهم فإنّ وضعهم كوضع باقي المدراس؛ غير أن مدرسة الفاتح تدعمها منظمة بناء الإنسان العالمية ومعلميها يتقاضون رواتب رمزية وعدد طلابها 300 طالب، ومدرسة النور العمل بها تطوعي منذ عامين وهي أكبر المدراس السورية في كركخان وعدد طلابها مايقارب 600.
الوضع المعيشي للمدرسيين
نوال خريجة (تربية ومعلم صف ) تُدرس الصف الرابع، حدثتني عن معاناتها حيث تقول: “أنا أُدرس منذ 18 سنة وأحب مهنتي كثيراً، ولكنني الآن أشعر بالتعب والإرهاق كلما تذكرت أنني أعمل بدون راتب، لدي عائلة وهم بحاجة لمصاريف، إبني الكبير ترك الجامعة ويعمل الآن عامل لكي نعيش”، وتسألت نوال عن دور الحكومة المؤقتة وما تقدمه للمدرسيين، مطالبةً إياها بالنظر بحال المدرسيين وأن تسعى لهم برواتب حتى لو كانت رمزية.
المدرس خالد القدور بسبب الغلاء المعيشي هنا يعيش هو في مكان وعائلته في مكان آخر لأنه غير قادر على تكاليف آجار منزل ومصاريف أخرى.
الأستاذ الرياضيات أحمد وعمره 28 سنة فيقول: “تغيرت حياتي كثيراً منذ مجيئي إلى تركيا، حاولت البحث عن عمل ولكنني لا أتقن إلا التعليم؛ فهي مهنتي ودرست من أجلها، ولكن العمل التطوعي مرهق بوضعنا المعيشي الحالي، عائلتي ومستقبلي لا أستطيع التفكير بكليهما معا.
أما الأستاذ خالد المحمد واختصاصه لغة عربية استاذ في مدرسة المعرفة فكانت نظرته مختلفه عن غيره، يقول المحمد: “أنا أرى أنّ الحياة في تركيا حياة جديدة ويجب علينا أن نتعامل مع الوضع كتجربة مختلفة، وفكرة الضحية التي يعيش بها معظم اللاجئين تجعلهم غير قادرين على تقبل واقعهم”.
الحكومة المؤقتة
ويطالب خالد المحمد الحكومة المؤقتة بالإهتمام بالمدراس والمدرسيين حيث يقول: “لم نجد من الحكومة المؤقتة أي اهتمام سواء بالطلاب أو بالمدرسيين وها نحن قاربنا على الإنتهاء من العام الدراسي ولم يرسلوا أحد لزيارة مدارسنا، حتى أنّ المنهاج الدراسي هو نفسه المنهاج القديم وتم حذف مادة القومية فقط، لماذا لا يكلفوا لجنة مختصة تقوم بوضع منهاج جديد؟”.
كما قالت الأستاذة مريم :”سمعنا بوزراة التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة.. أين هي من مدراس كركخان، لم تنفعنا بشئ سوى الإسم على مدخل المدرسة.
الوضع النفسي
عندما زرت المدراس السورية كنت أرى عيون مليئة بالعطاء والخير، ولكنها متعبة من أعباء الحياة ، فهذا مدرس يبحث عن عمل أخر ليعيل عائلته، وهذه معلمة تريد مساعدة زوجها ولكن دون جدوى”، وتختم مريم بالقول: “ليس الطلاب وحدهم بحاجة إلى دعمٍ نفسي؛ ولكن المدرسين بحاجة لدعم نفسي ومعنوي ومادي، يبذلون قصارى جهدهم من أجل أطفال سوريا دون مقابل”.