سرد موظف في مشفى اللطامنة الجراحي الذي تعرض منذ أيام للقصف ببراميل متفجرة تحوي غازات سامة تفاصيل من اللحظات الأخيرة من حياة الطبيب “علي الدرويش” الذي قضى مصابا، بعد أن آثر البقاء في غرفة العمليات لإنقاذ مريض كان تحت التخدير رغم إحساسه بالخطر.
وروى المخبري “علاء محمد علي” أن مشفى “اللطامنة” كان منذ ساعات الصباح الباكر يوم السبت الماضي مكتظاً بالجرحى والمصابين المدنيين، مؤكدا أن غرفة العمليات لم تهدأ أو تخلُ من الإصابات إلى وقت الظهيرة، حيث دخلت أجواء مدينة “اللطامنة” طائرات القتل والإجرام، وألقت حمم غضبها على المشفى الوحيد في المدينة محملة بسلاح كيماوي.
وأضاف محدثنا “أصر الطبيب علي على البقاء في غرفة العمليات لإنقاذ حياة مريض كان على طاولة العمليات بحالة خطرة، ولكن مشيئة الله جعلت من الطبيب شهيداً قبل مريضه”.
وتابع “بعد إصابة طواقم المشفى بحالات اختناق أُسعف المصابون وكان الدكتور علي مع مريضه آخر ممن تم إسعافهم، حيث تم نقله إلى أقرب مشفى وتلقى الإسعافات الأولية، ولكن حالته -كما يقول- كانت تتجه إلى عدم الاستقرار، فتم تحويله إلى مشفى “باب الهوى” الحدودي وفارق الدكتور علي الحياة وهو في طريقه إلى المشفى المذكور.
ولفت محدثنا إلى أن عناصر الكادر الطبي والتمريضي في مشفى “اللطامنة” حذروا الطبيب الشهيد، ولكن خوفه على المريض سبق خوفه على نفسه، مضيفاً أن الطبيب “الدرويش” سبق أن تعرض لموقف شبيه حين تم قصف مشفى “كفر زيتا” التخصصي، وآنذاك رفض الخروج والمريض تحت العملية وكُتبت له النجاة.
وينحدر الدكتور “علي الدرويش” (40 عاما)، وهو خريج جامعة حلب باختصاص عظمية من مدينة “كفر زيتا” التي تعرضت منذ بداية الثورة لقمع النظام، وبقي مع قلة من زملائه الأطباء في المدينة تحت القصف والحصار والدمار، وعمل في بداية الثورة متنقلاً بين عدة مشافٍ في ريفي حماة وإدلب، وعاد ليعمل على خط الجبهة الأول في مشفى “اللطامنة” بعد معارك ريف حماة التي مازالت تدور رحاها.
لدى الدكتور 3 أطفال لم يتجاوز أكبرهم العاشرة، وزوجته حامل وهو وحيد لوالديه والمعيل الوحيد لـعائلة مؤلفة من 11 شخصاً.
وقصفت مروحية للنظام ببرميل متفجر يحوي غازات سامة مشفى “اللطامنة”، ما أدى إلى وفاة الطبيب “علي الدرويش” والمريض الذي كان يعالجه، واختناق لكامل الكادر الطبي فيه وعدد من سائقي منظومات الإسعاف بعد استنشاق الغاز بسبب دخوله لغرف المشفى وغرفة العمليات بكثافة عالية، وندرة الأقنعة الواقية من الغازات السامة وعدم توفر أجهزة توليد الأوكسجين في المشفى.
زمان الوصل