حاولت أن أشغل نفسي عن صوت إيمان في رأسي بإعداد وجبة طعام، بضع باقات من البقدونس المنسية في ركن جانبي، أخرجتها بتأنٍ أتفحصها ليعود لي صوت إيمان من جديد، أحضرت البيض مع البقدونس لأعد “العجّة”.
بدأت أقراص العجة تتلوى في الزيت المغلي، أخذني الشرود لأتذكر تفاصيل يوم البارحة المفجع، يوم الجمعة.
كان موعد التقائي مع صديقاتي في الحديقة العامة، وعند حلول المساء فقدت جوالي دون جدوى لإيجاده، عدت إلى المنزل فاقدة للأمل أن أجده، وبعد ساعات مرّت طويلة نادت صديقتي لتخبرني أن إحدى الزميلات قد نشرت خبراً لإيجادها هاتفاً يحمل مواصفات جهازي. لم أتمالك صبري حتى الصباح نهضت مسرعة مع إيمان ورزان إلى منزل تلك الفتاة، في ذلك الشارع المظلم الساكن، ارتسم خيال الأشجار المتداخلة على طرفيه.
وما إن أصبح جهازي في يدي حتى أخذت إذن الخروج للعودة لمنزلي فقد حل الظلام الدامس، فكانت إيمان تسير إلى يميني ورزان في الجانب الأيسر، مشعلة ضوء جهازها الذي بالكاد يضيء بضع خطوات أمامنا، وفجأة انطلق صوت صراخ من جانبي الأيمن؛ إنها إيمان تسقط أرضاً، بلمح البصر فرّ على دراجته النارية بسرعة البرق حاملاً حقيبة إيمان بعد أن حاول طعنها وأخذ حقيبتها، وبالفعل ظن أنه أصابها بتلك السكين فكانت طعنته مباشرة للخاصرة، لكن قدر الله أنها كانت ترتدي عباءة فضفاضة فدخلت السكين في الفراغ جانب خاصرتها بقليل وفرّ هارباً بالحقيبة.
بقيت عدة أيام في حالة ذهول وشرود حيث لم يفارقني ذاك الموقف المخيف، ولا صوت إيمان حتى، فكان ذاك دافع كبير لي لإتقن الفنون القتالية والدفاع عن النفس، وأخذ الحذر أكثر.
سهير إسماعيل/المركز الصحفي السوري